السعودية والكيان الصهيوني وفوضى التطبيع المعقدة

السعودية والكيان الصهيوني وفوضى التطبيع المعقدة

يونيو 13, 2023 - 15:12
السعودية والكيان الصهيوني وفوضى التطبيع المعقدة
السعودية والنظام الصهيوني وفوضى التطبيع المعقدة

بعد البدء بالخطة الأمريكية في تقليص وجود الولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، شرع النظام الصهيوني يبحث عن خطة تطبيع مع الدول العربية الإسلامية في المنطقة، بهدف خلق جبهة موحدة في منطقة غرب آسيا ضد إيران. وتابع الكيان الصهيوني هذه الخطة تحت عنوان اتفاقيات السلام الإبراهيمية.

في هذه الخطة حاولت دول مثل الإمارات والبحرين تطبيع علاقاتها مع النظام الصهيوني. كان الصهاينة مصممين على إضافة بعض الدول العربية الأخرى إلى هذه الاتفاقيات. في غضون ذلك بالنسبة للصهاينة، كان أهم إنجاز في اتفاقيات السلام الإبراهيمية هو انضمام السعودية إلى هذه اتفاقيات.

كانت قضية التطبيع مع السعودية مهمة للغاية بالنسبة للصهاينة لدرجة أنهم شبهوا مكانة وأهمية المملكة العربية السعودية في اتفاقيات السلام الإبراهيمية بجوهرة التاج. في الواقع بالنسبة للصهاينة فإن انضمام السعودية إلى اتفاقيات السلام الإبراهيمية هو الهدف الرئيسي من إنجاز هذه الخطة وهو إنجاز ما زال النظام الصهيوني يسعى إلى تحقيقه بكل جهده.

وضمن هذا السياق، عقد قادة النظامين الصهيوني والسعودي اجتماعات سرية للغاية مع بعضهم البعض أكثر من عدة مرات، وفي إطار هذه الاجتماعات تم عقد اتفاقيات سرية في مختلف المجالات.

لكن حتى الآن لم يسير كل شيء كما أراد الصهاينة، فحتى اللحظة لم ينجح النظام الصهيوني في تحقيق هدف التطبيع مع السعودية. بعد الاتفاقات الأخيرة بين إيران والسعودية بوساطة من الصين، أدى ذلك إلى خفض التوتر بين إيران ودول السعودية والإمارات والبحرين، وكذلك إلى إمكانية استئناف علاقات إيران مع الأردن ومصر لاحقاً، ووضع معادلات السلطات الصهيونية في مأزق حرج ومشاكل واضطرابات جمّة فيما يتعلق بمشروع التطبيع مع دول المنطقة تحت عنوان الاتفاقات الإبراهيمية وإنشاء الناتو العبري العربي.

لقد فقدت دول المنطقة ثقتها بالأميركيين والآن ومع تقلص وجود الولايات المتحدة في المنطقة فقد قررت عدم مشاركة الولايات المتحدة وطلب المساعدة من القوى الناشئة مثل الصين في حل مشكلاتها في المنطقة مثل خفض حدة التوتر مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

الآن وبعد حضور الصين وتجاهل أمريكا، تم حل جزء مهم من المشاكل الموجودة في المنطقة، ومن ناحية أخرى لم تنجح خطة أمريكا والنظام الصهيوني لإنشاء الناتو العبري العربي وفي النهاية فشلت خطتهم، وتبذل الولايات المتحدة الأمريكية قصارى ستبذل قُصار جهدها من أجل إحياء موقعها في المنطقة، ومواجهة الوجود الصيني في غرب آسيا ودعم مصالح النظام الصهيوني، لذلك ستخلق حدثًا مهمًا في المنطقة وحاليا هذا الحدث لا يمكن أن يكون إلا جزءا من استكمال خطة تطبيع العلاقات بين النظام الصهيوني والسعودية.

بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى استعادة موقعها في منطقة غرب آسيا ضد الصين والحفاظ على أمن النظام الصهيوني وتحسين ظروفه، فإن إدارة بايدن بحاجة إلى إنجازٍ كبير في حملتها الانتخابية لانتخابات عام 2024 ، وهو شيء لم تستطع الحصول عليه حتى اليوم. لذلك فإن نجاح أمريكا في التوسط بين النظام الصهيوني والسعودية لتطبيع العلاقات يمكن اعتباره إنجازًا مهمًا لإدارة بايدن.

وبحسب تقرير نشرته مجلة أكسيوس الأمريكية، فإن الحكومة الأمريكية تحاول التوصل إلى اتفاق سلام وتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية والنظام الصهيوني. ونقلت أكسيوس عن مسئولين حكوميين أمريكيين قولهم إن إدارة جو بايدن تدرس في غضون الأشهر القليلة القادمة استكمال إنجاز تطبيع العلاقات بين السعودية والنظام الصهيوني قبل بداية الحملة الإنتخابية للرئاسة الأمريكية.

بالطبع العلاقات غير الرسمية وغير المعلنة بين السعوديين والصهاينة قد أقيمت منذ سنوات وتزايدت بشكل كبير حتى الآن، لكن هدف الأمريكيين هو إقامة علاقات رسمية ومعلنة، وتنظيم حكومة تخضع للاتفاقيات الإبراهيمية وإقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين المملكة العربية السعودية والنظام الصهيوني. في هذا الصدد يحاول بايدن في أربعة اتجاهات، فقد سافر مؤخرًا جيك سوليفان مستشار الأمن القومي، وبريت ماكغورك كبير مسؤولي البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، وآموس هوشستين كبير مستشاري الطاقة في الحكومة الأمريكية، إلى الرياض للقاء محمد بن سلمان ولي عهد السعودية. وبعد الاجتماع ذهب ماكغورك وهوكستين إلى تل أبيب لمناقشة محادثاتهما مع بن سلمان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

بالنظر إلى الوضع الحالي في المنطقة والوضع في المملكة العربية السعودية بالنسبة للولايات المتحدة من أجل تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني وعدم قبول هذه الشروط من قبل الأمريكيين، لا يوجد أفق واضح لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية والنظام الصهيوني على الأقل في الأشهر القليلة المقبلة، ويبقى أن نرى ما هي التنازلات التي سيقدمها مسؤولو البيت الأبيض للقادة السعوديين في الأشهر المقبلة حتى تتمكن الولايات المتحدة أخيراً من إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين المملكة العربية السعودية والنظام الصهيوني.

محمدمهدی غلامی