ترامب وقناة بنما
تعتبر قناة بنما ذات أهمية حيوية للتجارة العالمية، حيث يمر حوالي نصف حاويات الشحن الأمريكية عبر مياه هذه القناة. الانتقادات التي وجهها دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الجديد لإدارة حكومة بنما لهذه القناة، بالإضافة إلى ادعاءاته بضرورة خفض التكاليف للسفن الأمريكية واعتبار الأمريكيين حالة خاصة في هذه القناة، تعكس استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز السيطرة الأمريكية على طرق التجارة الحيوية في العالم.
![ترامب وقناة بنما](https://ar.iuvmpress.co/uploads/images/202502/image_870x_67a8b54c76999.jpg)
تعتبر قناة بنما ذات أهمية حيوية للتجارة العالمية، حيث يمر حوالي نصف حاويات الشحن الأمريكية عبر مياه هذه القناة. الانتقادات التي وجهها دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الجديد لإدارة حكومة بنما لهذه القناة، بالإضافة إلى ادعاءاته بضرورة خفض التكاليف للسفن الأمريكية واعتبار الأمريكيين حالة خاصة في هذه القناة، تعكس استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز السيطرة الأمريكية على طرق التجارة الحيوية في العالم.
يؤمن دونالد ترامب والجمهوريون بأن هذه الاتفاقية قد خفّضت من نفوذ الولايات المتحدة في منطقة ذات أهمية استراتيجية اقتصادية عالية مثل قناة بنما. بناءً عليه يسعى ترامب من خلال التأكيد على السيادة على قناة بنما إلى إحياء حالة الاستثناء الأمريكية في المعادلات العالمية، وإعادة تقديم الولايات المتحدة كلاعب ضروري في الحكم والتجارة العالمية.
من المؤكد أن زيادة إصرار ترامب على استعادة السيطرة الإمبريالية للولايات المتحدة على هذه القناة ستثير مخاوف بشأن الأمن والمستقبل الجيوسياسي والاقتصادي للمنطقة. إذا أرادت الولايات المتحدة استعادة التحكم في القناة، ستجد نفسها تحت ضغط علاقاتها الدبلوماسية مع الدول المجاورة، مما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الإقليمية والدولية بشكل كبير. وهذا الأمر قد يؤدي إلى تقويض عقود من تقدم الديمقراطية والدبلوماسية واحترام استقلال وحقوق الشعوب ويُحدث حالة من عدم الاستقرار الواسع في منطقة تُعتبر حساسة بالفعل.
يعتقد الجمهوريون أن عالم اليوم هو نفسه العالم الذي كان منطوياً تجاه التهديدات الغربية في الماضي. وبالتالي يسعون إلى استعادة السلطة المفقودة للولايات المتحدة من خلال نفس أساليب التهديد الاستكباري القديمة بأسلوب الضغط على الدول والشعوب في منطقة أمريكا اللاتينية.
تُعتبر قناة بنما واحدة من العديد من النقاط الرئيسية في العالم التي تشكل التجارة الدولية، حيث يمكن أن تؤدي الخلافات حول إدارتها إلى نموذج تنبيء بالصراعات والتطلعات التوسعية في الممرات البحرية الحيوية الأخرى حول العالم. في الوقت نفسه يظهر النهج الاستعماري لدونالد ترامب الذي يذكّر بالتاريخ الإمبريالي الأمريكي الرغبة في تعزيز النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة في نقاط استراتيجية بالعالم خاصة في ظل التحديات التي تطرحها الصين.
تُعبر مواقف ترامب العدائية التي تهدف إلى تعزيز المصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة عبر العالم عن تحول شامل نحو التأكيد على الأحادية القطبية والإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة، مما قد يغيرُ القواعد الجيوسياسية الحالية حول العالم ويزيد من التوترات والمخاوف بين الدول التي تعتبر الولايات المتحدة شريكًا لها مما يزيز من تحديات استقلال وسلامة هذه الدول.
بينما يحتاج العالم اليوم إلى حوكمة متعددة الأقطاب وشراكة دولية بدلاً من الادعاءات الاستبدادية الأحادية، تهدد التصريحات التوسعية لترامب سيادة واستقلال الشعوب في منطقة أمريكا اللاتينية. من المؤكد أن الشعوب التي قاتلت لقرون من أجل استقلالها وحريتها لن تستسلم بسهولة أمام مطامع الولايات المتحدة. من الواضح أن الحكومة الأمريكية الجديدة التي تهدف إلى تحويل ظروف التهديد إلى فرص والحفاظ على الهيمنة الأمريكية المتراجعة من خلال سياسات استعمارية قديمة ستتراجع عن مواقفها في مواجهة صمود دول وشعوب منطقة أمريكا اللاتينية.