إيران والولايات المتحدة؛ إدارة التوترات!
إيران والولايات المتحدة؛ إدارة التوترات!
في هذه الأيام تعدُّ التصريحات وتناقلُ الأخبار من مصادر مطلعة و غير مطلعة على الاتفاق المؤقت و الاتفاقات بين إيران والولايات المتحدة عديدة وكثيرة، إلى جانب نفي الجانبين، وخاصة من قبل الولايات المتحدة. خلاصة المؤلف مما قاله وسمعه هو أن الجانبين ربما لم يتوصلا إلى اتفاق مكتوب بل تفاهمات عامة على هامش اتفاق تبادل الأسرى أو أنهما في مراحله الأخيرة.
الجزء الفني من المفاوضات المالية المتعلقة بالعقد الخاص بتحرير الأصول الإيرانية في كوريا الجنوبية مستمر في قطر منذ عدة أشهر ، وكان وفد من البنك المركزي الإيراني بوساطة الدوحة يجري محادثات مع وفد مالي من الولايات المتحدة، و هدف الزيارة الأخيرة لرئيس البنك المركزي ليس بعيداً عن ذلك. كان الخلاف الرئيسي في الأشهر الماضية تقني في الغالب ويرتبط بنقل واستخدام لهذا المبلغ وهو 7 مليار دولار. ربما تم حل المشاكل الفنية المتبقية خلال زيارة محمد رضا فرزين.كما توسطت عمان في الغالب في المفاوضات السياسية المتعلقة بعقد تبادل الأسرى. الآن على هامش عقد تبادل الأسرى ،كمسألة إنسانية، يبدو أيضا أن الاتفاقات أو التفاهمات "المحدودة" في المجالين النووي والعقوبات يتم تهيئتها بأي شكل من الأشكال سواء كان رسميا أو غير رسمي أو مؤقتا أو مكتوبا أو غير مكتوب. لكن هذا النوع من الاتفاقات أو التفاهمات هو نتيجة لحقيقة أن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 لم يعد ممكناً، وأن الجانبين قد تحولا حتمًا وبدوافع وأهداف خاصة إلى هذا النوع من التفاهمات، وهو نوع من التفاهمات المؤقتة على أي حال. لكن إعطائه مثل هذه الشروط الرسمية يمثل مشكلة وتكلفة باهظة لكل من الولايات المتحدة وإيران.
سابقاً حاولت الولايات المتحدة السعي للتوصل إلى اتفاق مؤقت، لكن التفاهمات الحالية لا تحتوي على تنازل نووي كبير من قبل إيران ليتم تقديمه كإنجاز كبير في شكل صفقة مؤقتة، وفي هذه الحالة ستواجه أمريكا موجة من الانتقادات الداخلية. الأمر نفسه بالنسبة لإيران ولا يُحقق الكثير من الإنجازات في مسألة رفع العقوبات حتى تتم المناورة به كاتفاق مهم، كما أنه من الصعب على إيران التي أكدت دائما على معارضتها لأي نوع من الاتفاقات المؤقتة، أن تقبل تحت اسم "إتفاق" بهذه التفاهمات. لذلك فإن الآثار الإيجابية لهذه التفاهمات المحتملة على الاقتصاد الإيراني المريض مؤقتة وعابرة ونفسية في الغالب، لكن دافع الطرفين للتحرك نحو مثل هذه التفاهمات ليس سوى إدارة للتوتر. والحقيقة أن كلا الجانبين في ظل استحالة حل الخلاف والأزمة، وعدم رغبة أي منهما في تصعيده، اتفقا على إدارة التوتر بحيث لا يتجاوز حدًا معينًا.
اتفاق إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية له وضع مماثل، وكان الغرض منه منع تصعيد التوتر وعودة القضية إلى مجلس الأمن ، وهو بالطبع كان فعّالاً أيضًا في إرساء الأساس للتفاهمات المحدودة التي يجري القيام بها. وتم تشكيلها بوساطة من عُمان وقطر، ومحدودية هذا الوضع مهمة أيضًا لكلا الجانبين. فمن ناحية تحتاج الولايات المتحدة إلى هذه الإدارة والسيطرة على التوترات ومنع الوضع من الهروب من السيطرة في ظل الوضع الانتخابي المتنامي للجو الداخلي وأولويات السياسة الخارجية الأخرى، ومن ناحية أخرى تحتاج إيران إلى الإفراج عن هذه الأصول فضلاً عن عدم تشديد العقوبات أو الحد من المصاعب في تنفيذ بعضها بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.
الآن ، يجب أن نرى ما إذا كانت هذه التفاهمات في حال تم الانتهاء منها ، قادرة على إدارة الجو بين الطرفين والتحرك نحو المزيد من التفاهمات من ركيزة إلى أخرى، وهل سيكون هناك انفراجٌ باتجاه الحل أم لا؟ بالنظر إلى الأجواء الدولية التي سببتها الحرب الأوكرانية فضلا عن صعوبة إحياء خطة العمل الشاملة الشاملة لعام 2015 والتوصل إلى اتفاق شامل تريده الولايات المتحدة وأوروبا، فمن "غير المحتمل" أن تنتهي التفاهمات المذكورة أعلاه باتفاق موّسع وشامل وجاد على المدى القصير.