الغد في لبنان

إن الحرب التي تشنها إسرائيل في لبنان تحت ذريعة تأمين الأمن لها قد أسفرت عن اندلاع صراع واسع النطاق بين قوات حزب الله اللبناني وجيش الكيان الصهيوني. هذه الحرب تتجه يومًا بعد يوم نحو مراحل جديدة وتتسع بشكل مستمر، حيث تسعى إسرائيل لزيادة الخسائر البشرية في صفوف المدنيين من أجل الضغط على حزب الله لقبول خطة وقف إطلاق النار التي تطمح إليها.

نوفمبر 14, 2024 - 07:13
الغد في لبنان
الغد في لبنان

إن الحرب التي تشنها إسرائيل في لبنان تحت ذريعة تأمين الأمن لها قد أسفرت عن اندلاع صراع واسع النطاق بين قوات حزب الله اللبناني وجيش الكيان الصهيوني. هذه الحرب تتجه يومًا بعد يوم نحو مراحل جديدة وتتسع بشكل مستمر، حيث تسعى إسرائيل لزيادة الخسائر البشرية في صفوف المدنيين من أجل الضغط على حزب الله لقبول خطة وقف إطلاق النار التي تطمح إليها.

الغرب ضد لبنان

بينما يواجه لبنان صراعات داخلية عميقة لتشكيل الحكومة فقد أصبح في خضم حرب وتوترتات كبيرة. هذه الحرب وضعت الشعب اللبناني في ظروف صعبة جداً. وقد سعى الغرب دائمًا لإظهار نفسه كداعم للبنان متطلعًا لإخراج لبنان من أزمته الراهنة. لكن الحقيقة هي أن الغرب أكثر من كونه يسعى لتحقيق مصالح الشعب اللبناني يهدف إلى زيادة نفوذه في لبنان.

تحاول الولايات المتحدة بوصفها زعيمة محور الغرب توسيع نطاق نفوذها في المنطقة، ولبنان يمثل فرصة جيدة لتحقيق هذا الهدف حيث يعاني لبنان حاليًا من الانهيار الاقتصادي والوضع السياسي المتأزوم، ومن بين أبرز الفاعلين السياسيين فيه يعاني حزب الله من أضرار وخسائر كبيرة، بينما هو أيضًا منغمس في صراع واسع مع الكيان الإسرائيلي. هذه الظروف تمثل فرصة كبيرة للغرب لكي يحقق الترتيبات السياسية التي يسعى إليها دون أن يواجه الخصم الرئيسي له، وهو حزب الله. لكن الواقع هو أن هذا التطور لن يعود بالنفع على لبنان بل من المؤكد أنه سيكون ضارًا للبلاد على كل المستويات، حيث أثبت الغرب في مراحل مختلفة أنه يفضل مصالحه الشخصية ولا يعتني بالكثير من القضايا الأخرى، كما يتضح من موقفه تجاه ما حدث في غزة عندما أغلق عينيه عن مجازر الشعب الفلسطيني واستخدام الغذاء والحصار كسلاح.

لذا فإن الغرب بدلاً من أن يكون قلقًا بشأن انهيار لبنان يبحث عن تعزيز موقفه وموقف حليفه الرئيس، وهو الكيان الصهيوني ولم يدخروا جهدًا لتحقيق هذا الهدف.

إحدى الخطوات التي تقوم بها حاليًا الاستخبارات الغربية بقيادة ألمانيا والولايات المتحدة هي إعادة إحياء التوترات العرقية والدينية في لبنان وهو ما قد يؤدي إلى إشعال حرب أهلية شاملة، وستكون آثارها حتمًا مستمرة لعقود من الزمن إذا كانت هناك دولة تُدعى لبنان في تلك الأيام. إن هذه الأفعال تأتي في سياق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى الغرب من خلاله لإحداث تغييرات واسعة في الجغرافيا السياسية لمنطقة غرب آسيا، في محاولة منه لتوازن القوى والتكتلات لصالح الغرب. يبدو أن هذا الموضوع يُتابَع هذه المرة بزاوية نظر مختلفة عن السنوات الأولى من القرن الجديد، وقد تكون له عواقب وخيمة على جميع شعوب المنطقة.

إذا فقد لبنان ورقة حزب الله كقوة المسلحة مقابل إسرائيل فمن المحتمل جدًا أن يواجه تحديات عديدة في المستقبل، وسيكون الخاسر الأكبر هو الحكومة والشعب اللبناني بمختلف طوائفهم ومذاهبهم.

ممانعة محور المقاومة؟

يبدو أن محور المقاومة له دور هام في منع هذه المخططات الغربية ويجب على المقاومة أن تأخذ في الاعتبار الاحتياجات اللبنانية لحزب الله وفي الوقت نفسه تسعى إلى توعية الشعب اللبناني وإبلاغهم بأن الغرب أكثر من كونه يسعى لدعم الناس في لبنان فإنه مشغول بمصالحه وبحلفائه فقط.

أصبحت حرب حزب الله مع إسرائيل الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى فمع اعتبار إسرائيل هذه الحرب وجودية من أجل بقائها فإن الظروف الحربية ستكون معقدة للغاية. هذه التعقيدات تعني أنه يجب إعادة تعريف حسابات محور المقاومة بحيث يسعى لزيادة الضغوط الفعالة على النظام الإسرائيلي. في الواقع يجب على محور المقاومة أن يأخذ بعين الاعتبار زيادة مستوى التوتر بشكلٍ محكوم من خلال استهداف المصالح الاقتصادية للعدو وفي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لزيادة الضغط من القوات غير النظامية للسيطرة على حزب الله وإخضاعه، يمكن أن تُستخدم نفس الاستراتيجية ضدهم.

لذا ينبغي على محور المقاومة أن يتخذ إجراءات حازمة وغير متوقعة، وذلك لمنع سلسلة ردود الفعل ولأجل أن لا تقتصر قدراتهم على الرد على الهجمات المستهدفة من قبل إسرائيل. هذه الخطوة تهدف في الواقع إلى تقليل مستوى التوتر وزيادة الردع وإذا ما تمكن محور المقاومة من الاستفادة من ذلك فسوف تتغير المعادلات في المنطقة بالإضافة إلى ذلك فإن انتصار المقاومة يمكن أن يكون في مصلحة الشعب اللبناني ويبعد عنهم حرباً أهلية أوتحديات مستقبلية للبنان بدون حزب الله المسلح.

امین مهدوی