الحكومة والاقتصاد المدمر في سورية
تعاني سورية بعد سقوط نظام الأسد من تحديات اقتصادية كبيرة رغم أن بعض هذه التحديات كانت موجودة منذ سنوات الحرب الأهلية وما زالت مستمرة. لم يتمكن نظام الأسد من معالجة هذه المشكلات بسبب العقوبات المتعددة وكذلك سرقة الموارد النفطية من قبل القوى الغربية على الرغم من أن عملية إعادة بناء البنية التحتية في البلاد كانت تتحسن خلال فترة حكمه.
![الحكومة والاقتصاد المدمر في سورية](https://ar.iuvmpress.co/uploads/images/202502/image_870x_67a81d190299e.jpg)
تعاني سورية بعد سقوط نظام الأسد من تحديات اقتصادية كبيرة رغم أن بعض هذه التحديات كانت موجودة منذ سنوات الحرب الأهلية وما زالت مستمرة. لم يتمكن نظام الأسد من معالجة هذه المشكلات بسبب العقوبات المتعددة وكذلك سرقة الموارد النفطية من قبل القوى الغربية على الرغم من أن عملية إعادة بناء البنية التحتية في البلاد كانت تتحسن خلال فترة حكمه. ومع استيلاء الجيش السوري الحر وقوى المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام على الحكم في سورية، بدأت الدول التي شاركت في إسقاط الأسد تطالب بحصتها. بالإضافة إلى ذلك وضعت العقوبات الدولية والأزمة في قلة موارد الطاقة والإدارة المعقدة للبلاد التي أصبحت تحت سيطرة تحرير الشام، عوائق كبيرة أمام إعادة الإعمار الاقتصادي في البلاد.(1)
الآن يواجه الجولاني تحديات اقتصادية جديدة. ففي شوارع دمشق وبعد يوم واحد من سقوط الأسد ساد الهرج والمرج. تم نهب البنك المركزي وشهدت المدن السورية المختلفة إضرابات واعتصامات من قبل التجار والمواطنين الناشطين في المجال الاقتصادي.
على الرغم من ذلك فإن قيمة الليرة السورية في السوق السوداء قد تحسنت بشكل ملحوظ بعد سقوط الأسد، حيث وصلت إلى 12 ألف ليرة مقابل دولار أمريكي واحد. بينما كان هذا الرقم قد تجاوز 22 ألف ليرة قبل عدة أيام من سقوط دمشق. سوف تشكل زيادة قيمة العملة السورية تحديًا كبيرًا للحكومة الجديدة خاصة وأن السوريين خلال السنوات القليلة الماضية تخلوا عن استخدام الليرة السورية واختروا اليرة التركية كأداة رئيسية للتبادل.
من الواضح أن إجبار سكان هذه المناطق على العودة لاستخدام العملة الوطنية السورية في ظل عدم استقرارها المتزايد لن يكون خطوة شعبية محببة لدى المواطنيين ومن المحتمل أن تثير احتجاجات وبالتالي فهي غير قابلة للتنفيذ .(2) كما أن قرار الجولاني في سورية بفرض تعريفات ورسوم جمركية على السلع المستوردة أدى إلى احتجاجات من قبل التجار والشركات والمؤسسات التجارية في منطقة "الدانا" و"سرمدا" شمال إدلب.(3)
وبغض النظر عن رفع العقوبات أو استمرارها، فإن سورية تعاني من سلسلة من المشكلات الهيكلية الاقتصادية. اليوم تضررت بنية البلاد التحتية بشدة وخاصة شبكة وسائل النقل السورية مما يزيد من ارتفاع تكلفة الإنتاج بشكل مستمر. كما أن نقص السلع الأساسية ومصادر الطاقة، وخاصة الوقود والكهرباء أصبح محسوسًا بشكل كبير. حيث إن المصادر الرئيسية للنفط والغاز الطبيعي في الشمال الشرقي تقع تحت سيطرة الأكراد، مما أدى إلى انخفاض حاد في إنتاج الطاقة لدرجة أن الجولاني لم يعد قادرًا على تأمين الوقود للمخابز.
في الواقع تتصاعد الأوضاع الاقتصادية في سورية سوءًا يومًا بعد يوم حيث ترتفع أسعار السلع بسبب التعريفات الجمركية الثقيلة من جهة، ونقص السلع من جهة أخرى. كما أن عدم توفر الوقود اللازم لعمل المخابز قد أضاف تعقيدًا إلى المشكلة. في ظل هذه الظروف حيث يعاني الشعب السوري من صعوبة في تلبية احتياجاته الأساسية، سافر الجولاني إلى المملكة العربية السعودية عسى أن يتمكن هناك من تقليل التحديات الاقتصادية الحالية في سورية من خلال الاستجابة لمطالب آل سعود.
تتلقى سورية اهتمامًا من قبل المملكة العربية السعودية التي أعلنت عن استعدادها لإعادة إعمار البلاد. تحتاج السعودية من أجل دفع مشروعها الضخم "نيوم"، إلى بيئة مستقرة وخالية من التوترات السياسية (4) لذلك فإن خلق حد أدنى من الاستقرار في سورية يمثل هدفًا حيويًا للرياض. أيضًا يسعى آل سعود إلى تعزيز موقفهم بين الدول العربية ولعب دور قيادي في دول غرب آسيا. في ظل غياب تأثير دول كبرى مثل مصر استغلت السعودية الفرصة وأبدت استعدادها للاستثمار في سورية.
أما في فترة حكم الأسد فقد استمرت العلاقات التجارية والاقتصادية بين سورية وعدد من الدول مثل إيران وروسيا والعراق والصين والجزائر، بالإضافة إلى دول أخرى مثل الهند وباكستان ودول جنوب شرق آسيا، على الرغم من المشاكل المالية الواسعة. لذا كانت الاحتياجات الأساسية للسكان في سورية قابلة للتحقق. إلا أنه اليوم نشهد أن داعمي ومؤيدي الإرهابيين التكفيريين لم يعودوا قادرين حتى على تأمين الخبز للشعب السوري.
ومع ذلك إذا انحسرت العاصفة السياسية في دمشق وجاءت حكومة مستقلة وقادرة على استعادة استقرار المؤسسات والتغلب على الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية، فإن الاقتصاد السوري يمكن أن يتحسن تدريجيًا مع مرور الوقت، رغم أن هذه عملية ستكون طويلة وتتطلب الكثير من الوقت. فالكثير من الموارد الاقتصادية والبنية التحتية والموارد البشرية قد انهارت، كما انخفض المستوى العام للإنتاج والناتج المحلي الإجمالي للدولة فقد قيمته أيضاً.
1. https://ecoiran.com/fa/tiny/news-82510
2. https://donya-e-eqtesad.com/fa/tiny/news-4135966
3. https://www.mehrnews.com/news/6345142
4. khabaronline.ir/xn54q