الحرب الاقتصادية لصالح أوكرانيا أم أوروبا؟

منذ أن بدأت الحرب في أوكرانيا، سعى الاتحاد الأوروبي دائمًا إلى تجميد الأصول الروسية في الاتحاد مع شركائه الآخرين.

فبرایر 10, 2024 - 15:03
الحرب الاقتصادية لصالح أوكرانيا أم أوروبا؟
الحرب الاقتصادية لصالح أوكرانيا أم أوروبا؟

منذ أن بدأت الحرب في أوكرانيا، سعى الاتحاد الأوروبي دائمًا إلى تجميد الأصول الروسية في الاتحاد مع شركائه الآخرين. وحجتهم في ذلك هو منع تمويل الحرب في روسيا، في حين يمكنهم استخدام هذه الموارد المالية، التي تزيد عن 190 مليار يورو، على شكل حوافز اقتصادية وحتى كمساعدات سخية لأوكرانيا.

ما الذي تسعى إليه أوروبا؟

تتوخى أوروبا الحذر الشديد بشأن كيفية استخدام الأصول الروسية، وذلك لأن هناك أولاً العديد من العقبات القانونية التي قيدت أيدي أوروبا في طرق إنفاق هذه الأصول. والأمر الآخر هو أن هذا الحجب العشوائي لممتلكاتها قد يدفع دولاً أخرى مثل الصين إلى الخوف من عدم التزام أوروبا والغرب بالقوانين الدولية. ويمكن أن تؤدي هذه المشكلة إلى تدفق رأس المال إلى الخارج وانخفاض النمو الاقتصادي الأوروبي[1].

وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد إجماع بين أعضاء الاتحاد الأوروبي حول هذه التدابير، والطريق أمام المفوضية الأوروبية صعب لإقناع الأعضاء. لأن بعض أعضاء الاتحاد يعارضون هذه الإجراءات ويعتبرونها تحريضا وسببا لزيادة التوترات وإضاعة فرصة الدبلوماسية بشأن الحرب في أوكرانيا. كما أن عواصم الاتحاد الأوروبي لا توافق بشدة على هذه الفكرة. ولا ترغب الدول الأعضاء الكبرى، بما في ذلك ألمانيا، في التسرع في هذا الاتجاه. ومثلهم كمثل البنك المركزي الأوروبي، فإنهم يخشون أن يؤدي اقتراح جدي مثل هذا إلى زعزعة الثقة في سلامة الأصول التي تحتفظ بها دول أجنبية في أوروبا. وحذر البنك المركزي الأوروبي من أن هذا الإجراء من جانب الاتحاد الأوروبي يمكن أن يقلل من مصداقية وقيمة اليورو ويؤدي إلى تخوف الحكومات من مثل هذه الإجراءات للابتعاد عن احتياطي عملة اليورو ويمكن أن يؤدي هذا الأمر بسرعة إلى انخفاض حاد في قيمة اليورو  وستنخفض العملة الثانية الأكثر شعبية في العالم من مكانتها[2].

رد فعل روسيا

على النقيض من هذه التدابير الأوروبية، يمكن لموسكو اتخاذ تدابير مضادة فعالة من شأنها أن تؤثر بشكل كامل على الهيكل المالي لأوروبا. وهددت موسكو بأنها إذا صادرت أصول البنك المركزي لهذا البلد فإن روسيا ستصادر أصول أوروبا التي تبلغ قيمة أصولها أكثر من 200 مليار دولار ويمكن أن يكون لها آثار سلبية دائمة على الدورة الاقتصادية الأوروبية والبنوك الأوروبية[3]. كما يمكن لروسيا مصادرة الممتلكات غير المنقولة للدول الأوروبية، مما يعني زيادة التوتر بين أوروبا وروسيا. ومن الممكن أن تتجلى هذه التوترات في مجالات مختلفة، مثل زيادة نطاق هجمات روسيا على أوكرانيا أو الضغط على توجيه المهاجرين إلى حدود الاتحاد الأوروبي، وكل هذه الحالات يمكن تحديدها في سياق الإجراءات الانتقامية الروسية.

القرار الحذر

 ويبدو أن أوروبا، من خلال إدراكها لأهمية مصادرة الأصول الروسية ستزيد من الضغط الاقتصادي على أوروبا بدلاً من الإضرار بالروس، فهي تبحث عن حل وسط يكون آمناً من الانتقام الروسي، ويحظى بإجماع الدول الأعضاء. وفي هذا الصدد، ووفقاً للاقتراح الذي قوبل بموافقة ضمنية من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، يتطلع الاتحاد الأوروبي إلى تحويل الأرباح من الممتلكات الروسية المحظورة إلى أوكرانيا. ويعتزم هذا الاتحاد نقل الأرباح من الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي، والتي ستتراوح بين 14-17 مليار دولار، إلى أوكرانيا خلال فترة 3-5 سنوات والاحتفاظ بأصل الأموال حتى نهاية الحرب. ومن الممكن إدراج هذا المبلغ ضمن حزمة الدعم البالغة 50 مليار دولار التي وافقت عليها أوروبا، أو يمكن لأوروبا اعتبار هذا المبلغ زائداً عن حزم الدعم لأوكرانيا[4].

ولذلك، يبدو أن أوروبا، التي تدرك مخاطر قرارها، لا تزال مصرة على إبقاء الصراع مع روسيا في المجالات الاقتصادية، حتى تتمكن من استخدامه كوسيلة ضغط لإنهاء الحرب. ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون هذا النهج مثمرا، وإذا تصرفت أوروبا بشكل متهور، فإن هذه القارة ستكون بلا شك على بعد خطوة واحدة من حرب واسعة النطاق. وهي مسألة لا يريدها أي من أطراف الصراع حالياً. إلى جانب ذلك، تتجه أوروبا إلى تمويل جزء من نفقات الحرب من خلال الموارد الروسية بهدف جذب رأي القادة المعارضين لمساعدة أوكرانيا. والواقع أن أوروبا أيضاً بالإضافة إلى أوكرانيا، لديها نظرة طمع على تلك الأموال لتضع قسم منها في جيوبها.

امین مهدوی

[1] ft.com

[2] reuters.com

[3] themoscowtimes.com

[4] euractiv.com