الإسلاموفوبيا في السويد تعطي مكاسب لتركيا
الإسلاموفوبيا في السويد تعطي مكاسب لتركيا
في الأيام الأخيرة شهدنا قیام مواطن سويدي بحركة مهينة واستفزازية عندما حرق القرآن وأنتهك حرمته وهو كتابٌ مقدسٌ لأكثر من مليار شخص على وجه الأرض. أثارت هذه الحركة التي قام بها مهاجر عراقي إلى السويد الغضب والكراهية في العديد من البلدان الإسلامية وحتى في العراق تعرضت السفارة السويدية هناك للهجوم واندفع العراقيين الغاضبين إلى الاحتجاج بقوة على قرار المحكمة السويدية بإضفاء الشرعية على التصرفات المهينة ضد الكتب الدينية المقدسة.
الآن بالنظر إلى هذا التحرك المهين، كيف ستكون ردة فعل تركيا على الأحداث الأخيرة وكذلك إلى أين يتجه الصراع مع السويد حول الاتحاد الأوروبي؟
يعود الأمر إلى بضع سنوات. حين أرادت تركيا من السويد تسليم لاجئي حزب العمال الكردستاني BKK الذين لجأوا إلى السويد بعد الصراع مع تركيا التي لم تستطع استلامهم بسبب مماطلة السويد لذلك.2 حفزت بداية الحرب الأوكرانية الروسية دولا مثل السويد، التي كانت لديها سياسة محايدة على أن تصبح أعضاء في الناتو في أسرع وقت ممكن. وفي الماضي، أظهرت السويد رغبة في التواجد في الناتو ولكن مع بداية الحرب الأوكرانية تم النظر في هذا المطلب بجدية شديدة من قبل السياسيين السويديين. ولكن لا تزال هناك عقبة كبيرة أمامهم وهي تركيا التي يجب إقناعها بذلك وإرضائها للموافقة على طلب السويد. وبسبب الفعل الأخير لحرق القرآن في السويد أصبح هناك عذر جديد لتركيا لمعارضة طلب انضمام السويد لحلف شمال الاطلسي. مع مبادرات الناتو اجتمعت تركيا والسويد في مدريد حول مسألة الخلاف وتم إبرام الاتفاقات لكن تركيا تعتقد أن السويد لم تلتزم تماما بتلك المبادرات وسلمت أعضاء عاديين أو من الدرجة الثالثة من حزب العمال الكردستاني إلى تركيا وهذا غير مقبول لأردوغان.
من ناحية أخرى فإن ظهور المشكلات الاقتصادية في تركيا بالإضافة إلى نهج أردوغان البراغماتي والظروف الاقتصادية المحددة للبلاد التي تدهورت بشدة بعد الانتخابات التركية الأخيرة 4، فمن المتوقع استخدام أوراق اللعب السياسية لحل الأزمات الاقتصادية الموجودة في البلاد.
في خضم أصعب أزمة اقتصادية منذ عقود، لدى أردوغان فرصة ضئيلة للمقاومة والثبات، وقد أصبح مضطراً لوضع حدٍ لإن كل دولار أمريكي قد تجاوز 25 ليرة تركية ويجب عليه التفكير في حل لهذا الوضع واستخدام أوراق لعبه بقوة. الرئيس التركي في مرحلة نجاح وفوز بالانتخابات الأخيرة ويجب عليه أن يجد حلاً للوضع الاقتصادي المعقد وأن يجعله الهدف الرئيسي للبلاد، و يجب معالجته بأي شكل من الأشكال وبأي وسيلة .
إن توفير الاحتياجات العسكرية لتركيا هو أيضًا أحد أهداف الرئيسية لأردوغان. وبالنظر إلى المطالب العسكرية التي تطالب بها تركيا من الولايات المتحدة مثل قضية بيع طائرات مقاتلة جديدة لهذا البلد، والتي عارضتها واشنطن في السنوات الماضية، فقد حان الوقت للتعامل مع هذه المنتجات 5. في الماضي كان أحد شروط الغرب بالنسبة لتركيا عدم تلقي معدات عسكرية من روسيا ضمن العتاد العسكري للبلاد، وبفضل براغماتية أردوغان يمكنه الآن تلبية احتياجاته العسكرية على كلتا الجبهتين.
البعد الآخر لعدم قبول تركيا لطلب السويد هو تقييم الجبهة الشرقية للأضرار الجيوسياسية لوجود السويد وفنلندا في الناتو. بالنظر إلى الجغرافيا المهمة لهاتين الدولتين ، فإن وجودهما في الناتو ضار لروسيا وسيقرب الناتو من روسيا 6، وستواجه الجبهة الشمالية لروسيا أيضًا خطر الصراع مع جبهة الناتو. تشترك فنلندا في الواقع في حدود 1300 كيلومتر مع روسيا ، وهو أمر جذاب للغاية لحلف الناتو ويشدد الحصار على روسيا. إن مماطلة وعرقلة تركيا للضم السويدي الفنلندي يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للجبهة الشرقية للناتو، لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت ستكسب تركيا امتيازات من كلا الجهتين في الشرق والغرب أو أن أردوغان يريد اختيار جبهته الرئيسية.
1. https://www.nytimes.com/2023/06/29/world/middleeast/quran-burning-stockholm-sweden.html
2. https://www.middleeasteye.net/news/sweden-turkey-approves-extradition-pkk-supporter-drug-offences
3. https://www.aa.com.tr/en/turkiye/turkiye-condemns-burning-of-muslim-holy-book-quran-in-sweden/2932998
4. https://www.worldbank.org/en/country/turkey/overview#3
5. https://tn.ai/2915745
6. https://www.reuters.com/world/why-is-turkey-blocking-swedish-finnish-nato-membership-2023-01-25/
7.