أمريكا و التنافس النووي في الشرق الأوسط؟
إن دور الولايات المتحدة باعتبارها الحليف الأهم للدول العربية في الشرق الأوسط يشكل دوراً استراتيجياً ومهماً لتحديد خطوط التعاون والتنافس في هذه المنطقة. تتمتع دول المنطقة بعلاقات عسكرية وأمنية واسعة النطاق مع الولايات المتحدة وتتأثر بشكل كبير بقوانين وممارسات الحكومة الأمريكية. وهذا ما جعل أمريكا قادرة على استغلال هذه الثقة بشكل جيد وبما يتماشى مع مصالحها الاقتصادية والسياسية من خلال خلق المنافسات العسكرية والتسليحية المختلفة. وقد يمتد هذا النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة ليشمل المنافسات النووية ويكون له عواقب وخيمة على المنطقة. إن كيفية حدوث ذلك يعتمد على استراتيجيات الولايات المتحدة والأنشطة والتعاملات الحالية في المنطقة من قبل كل بلد. علاوة على ذلك، تلعب القوانين التي يتم إقرارها في الكونغرس ومجلس الشيوخ في هذا البلد أيضًا دورًا تكميليًا في هذه العملية.
ما هو قرار مجلس الشيوخ رقم 109؟
يتعلق هذا القرار، الذي اقترحه السيناتور كريس ميرفي ودعمه بيرني ساندرز وإليزابيث وارن والعديد من أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين، بإعادة نظر الولايات المتحدة في علاقتها مع المملكة العربية السعودية وإنهاء الدعم الأمريكي للسعودية في الحرب مع اليمن. وبمجرد الموافقة على هذا القرار سيتم طلب معلومات من وزير الخارجية حول ممارسات المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان. وإذا أظهرت المعلومات المطلوبة أن المملكة العربية السعودية تنتهك قوانين حقوق الإنسان (وهي نتيجة حتمية)، فيجب على الولايات المتحدة قطع المساعدات الأمنية عن السعودية وهذا يعني إلغاء المساعدات في الحرب ضد اليمن، ويجب على الولايات المتحدة إنهاء دعمها اللوجستي لهذه الحرب أيضاً [1].
توابع القرار 109
يبدو أن هذا القرار لديه العديد من المعارضين الجادين. ويعتقد البعض أن الموافقة عليه قد تؤدي إلى سيناريو جهنمي في الشرق الأوسط. وبموجب هذا القرار، إذا تم تخفيض الدعم الأمني الأمريكي للدول العربية في الخليج العربي، فإن التوازن الأمني الإقليمي يمكن أن يخضع لتغييرات واسعة النطاق. وقد أعطت الولايات المتحدة هذه الضمانات الأمنية للدول العربية بالتزامن مع خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، بحيث إذا أصبحت إيران دولة نووية، فإنها لن تشكل تهديدا لأمن دول المنطقة. وقد أثيرت هذه القضية في عهد السيد أوباما وحاول منع تشكل منافسة نووية في المنطقة بهذا التوجه [2]. لكن يبدو أن بنية صنع القرار في السياسة الخارجية في الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير دور هذه الدولة في المنطقة. في الواقع، يمكن اعتبار أنه في حال تمت الموافقة على هذا القرار، فإنه سيخلق الأساس لتشكيل منافسة إقليمية واسعة، هذه المنافسة التي ستكون في مجال مختلف، يمكن أن تكون لها توابع مختلفة على الولايات المتحدة. فمن ناحية، إذا اتجه الأمر نحو المنافسة النووية فلن يكون هناك فراغ، ويمكن أن يملأ غياب التعاون الأميركي مع الدول العربية منافسون لأميركا مثل الصين وروسيا. وهذا يعني أن أمريكا ستفقد اليد العليا في إدارة المنطقة، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة لهم الآن لأنهم في سباق كبير مع منافسيهم، والفشل في الشرق الأوسط يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى عليهم. خاصة وأن نتيجة المنافسة النووية ستؤدي حتما إلى حرب إقليمية لن يكون من السهل السيطرة على الوضع فيها [3].
ومن ناحية أخرى، إذا تمكنت الولايات المتحدة من منع تشكل هذه المنافسة النووية، استناداً إلى تجربة أكثر من 7 عقود من التعاون مع المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى، فيمكنها المضي قدماً نحو بيع الأسلحة وبالتالي المساعدة في ازدهارها الاقتصادي. إلى جانب ذلك يمكنها أن تظل الشريك الأمني الرئيسي للدول العربية وتستمر في لعب دورها القيادي.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تؤكد لشركائها أنها تقف إلى جانبهم في الأوقات الصعبة، وهي مسألة مهمة في الظروف الحالية للنظام الدولي، كما تهتم الدول العربية بأداء الولايات المتحدة مع الدول الأخرى، فإذا لم يحصلول على المستوى المطلوب من الرضا الكافي لهم، فمن المرجح أن يقوموا بتفعيل سيناريوهات بديلة. ويجب الأخذ في الاعتبار أيضًا أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تخفيض تكاليفها واهتمامها في الشرق الأوسط والتوجه إلى بحر الصين، حيث تحاول تفويض الصراعات الإقليمية إلى اللاعبين الرئيسيين في المنطقة من أجل استخدام أدواتها في بحر الصين والعمل على الحد من قدراتها والسيطرة عليها. إذا حدث وغيرت الولايات المتحدة نهج سياستها الخارجية في منطقة الشرق الأوسط، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض التوترات بين دول المنطقة وستستقر هذه الدول في إطار نظام أمني إقليمي دون حضور ومشاركة الولايات المتحدة.
ولذلك فإن الموافقة على القرار 109 يمكن أن يكون له العديد من التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ويمكن أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في هذه المنطقة. وينبغي أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير استراتيجياتها الأساسية أم أنها لا تزال تنظر في أولوياتها الاقتصادية لتحقيق التقدم في البلاد.
[1] congress.gov
[2] thegeopolitics.com
[3] nationalinterest.org