إيطاليا نادمة على الماضي أم عميلة للغرب في الصين؟

السيدة ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا قامت بزيارة للصين استمرت خمسة أيام بهدف توقيع اتفاقية تعاون مدتها ثلاث سنوات مع الجانب الصيني. تأتي هذه الزيارة في وقت كانت إيطاليا العضو الوحيد في مجموعة السبع الذي انضمت إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، لكنها تحت ضغط الولايات المتحدة انسحبت من هذه المبادرة. والآن تسعى السيدة ميلوني مجددًا إلى تعزيز العلاقات بين البلدين .

Aug 4, 2024 - 08:26
إيطاليا نادمة على الماضي أم عميلة للغرب في الصين؟
إيطاليا نادمة على الماضي أم عميلة للغرب في الصين؟

السيدة ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا قامت بزيارة للصين استمرت خمسة أيام بهدف توقيع اتفاقية تعاون مدتها ثلاث سنوات مع الجانب الصيني. تأتي هذه الزيارة في وقت كانت إيطاليا العضو الوحيد في مجموعة السبع الذي انضمت إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، لكنها تحت ضغط الولايات المتحدة انسحبت من هذه المبادرة. والآن تسعى السيدة ميلوني مجددًا إلى تعزيز العلاقات بين البلدين [1].

إزالة سوء الفهم

لا شك أن الهدف الأول من هذه الزيارة هو إزالة الشكوك وسوء الفهم الناتجة عن انسحاب إيطاليا من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية الذي حدث العام الماضي. في ذلك الوقت صرحت السيدة ميلوني بأن هذه الاتفاقية لم تحقق أي منفعة لإيطاليا ولهذا السبب قررت بلادها الانسحاب من هذه المبادرة [2].

ومع ذلك فإنها سافرت إلى بكين بهدف إزالة تلك الالتباسات، خاصة في وقت لا يوجد فيه أي أخبار عن الرئيس شي لكن رئيس وزراء الصين التقى بالسيدة ميلوني. وتسعى السيدة ميلوني إلى توقيع عقود في الصناعات الاستراتيجية والطاقة المتجددة مع الصين، حيث سيستثمر الجانب الإيطالي أكثر من 16 مليار دولار في الصين. وذكرت رئيسة وزراء إيطاليا في خطابها في المنتدى الاقتصادي للبلدين أن أملها هو أن تشارك الصين حدود المعرفة الجديدة مع شركائها لتحقيق المنافع لكلا الطرفين.

كما أكدت خلال هذه الزيارة على أهمية توطيد العلاقات الاقتصادية أكثر من المجالات الأخرى، وتهدف إلى إقناع الجانب الصيني بأن الأولوية هي للاقتصاد وليس للقرارات السياسية. هذا التوجه يحدث في وقت صوتت فيه إيطاليا بالإيجاب على رسوم استيراد السيارات الكهربائية من الصين إلى الاتحاد الأوروبي. في الواقع تقف إيطاليا إلى جانب حلفائها الأوروبيين وفي الوقت نفسه تسعى لتوسيع علاقاتها مع الصين[3].

نظرة بكين؟

من جهة أخرى يجب أن نرى كيف تنظر الصين إلى هذه المبادرة الإيطالية. هل ترى الصين إيطاليا موثوقة على الرغم من خرقها للعهود أم أنها ستسير بحذر مستندةً إلى ثقافة الصين في إدارة العلاقات؟ بالطبع ترحب الصين بالاستثمار الأجنبي في الصناعات الاستراتيجية والطاقة الجديدة حيث تُعَرّف سياستها الاقتصادية بهذا السياق. لكن ما زال هنالك شك في استعداد الصين لمشاركة حدود المعرفة الجديدة مع إيطاليا لأن إيطاليا تُعتبر عضوة في مجموعة السبع، وأيضًا من الأعضاء النشطين في الاتحاد الأوروبي وقد واجهت العديد من الإجراءات الصينية التي لم تحقق أي نفع لإيطاليا. ومع ذلك فقد يكون السبب الوحيد الذي يجعل بكين مستعدة للتعاون مع إيطاليا هو توجهات اليمين المتطرف في البلاد، مما قد يدفع الصين إلى زيادة مستوى التعاون الثنائي في حال تحقيق مصالحهم ومصالح بلدانهم. هذه الإجراءات يمكن أن تكون فرصة نادرة للصين لزيادة نفوذها في أوروبا، بالإضافة إلى التعاون مع صربيا والمجر ووجود إيطاليا كشريك اقتصادي مهم.

إيطاليا جاسوس أم شريك؟

إلى جانب القضايا المتنوعة المطروحة ينبغي الانتباه إلى أنه قد تكون هذه الخطوة من إيطاليا لعبة من الغرب ضد الصين. في الواقع يسعى الغرب إلى إدارة الصين ومنع نمو التكنولوجيا المتقدمة في هذا البلد لكي يظل متحكمًا في الصدارة التكنولوجية. قد يكون وجود إيطاليا كـ "جاسوس" لصالح الغرب ذا قيمة كبيرة، حيث يمكن لهذه الدولة من خلال معرفتها بمستوى التكنولوجيا والتطور في الصين أن تقدم معلومات ثمينة للغرب.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لإيطاليا من خلال هذه الوسيلة أن تعزز من قدرتها على المناورة في الاتحاد الأوروبي وأيضاً في مجموعة السبع وأن تحقق المصالح التي تسعى إليها. بالتالي يمكن القول إن النهج العملي الذي تتبعه الحكومة الإيطالية سواء كان تعاونًا مع الصين أو تجسسًا صناعيًا، يمكن أن يعود بفوائد كثيرة على إيطاليا ويعزز مكانتها كفاعل مهم في التفاعلات ضمن الاتحاد الأوروبي وحتى في تعاملاتها مع الولايات المتحدة.

أما بالنسبة للصين، فيبدو أن قادة بكين سيتعاونون مع إيطاليا بنهج حذر وبعد التأكد من الوضع خلال الثلاث سنوات المقررة للعقد يمكنهم توسيع علاقاتهم مع روما تمهيدًا لزيادة نفوذهم في أوروبا. لذا إذا تمكنت الدولتان من استمرار التعاون بشكل جيد يُمكن القول إن الخاسر من هذه الشراكة هو الولايات المتحدة ما لم تكن إيطاليا جاسوس الغرب في الصين.

امین مهدوی


[1] euronews.com

[2] apnews.com

[3] politico.eu