ضرورة الإجماع العالمي لمحاسبة الكيان الصهيوني

لقد مضى نحو قرن على إثارة القضية الفلسطينية واحتلالها وتشكيل دولة إسرائيل الوهمية، وهي تعدّ أهم تحدٍ وهاجس يواجه العالم الإسلامي. خلال هذه المدة تم استخدام كل ما يمكن استخدامه من أدوات القوى المادية من المال والسلاح والتكنولوجيا إلى الجهود السياسية والدبلوماسية وحتى الشبكة الكبرى في الإعلام والتواصل.

Aug 4, 2024 - 08:22
ضرورة الإجماع العالمي لمحاسبة الكيان الصهيوني
ضرورة الإجماع العالمي لمحاسبة الكيان الصهيوني

لقد مضى نحو قرن على إثارة القضية الفلسطينية واحتلالها وتشكيل دولة إسرائيل الوهمية، وهي تعدّ أهم تحدٍ وهاجس يواجه العالم الإسلامي. خلال هذه المدة تم استخدام كل ما يمكن استخدامه من أدوات القوى المادية من المال والسلاح والتكنولوجيا إلى الجهود السياسية والدبلوماسية وحتى الشبكة الكبرى في الإعلام والتواصل. ولكن على الرغم من كل هذه الإمكانيات فإن الجرائم التي ارتكبها النظام الصهيوني قد أسفرت عن موجة من اليقظة في جميع أنحاء العالم بحيث أصبح موضوع فلسطين، بالإضافة إلى كونه قضية للعالم الإسلامي، محورًا لاهتمام دول أخرى غير إسلامية أيضًا مما أدى إلى ظهور صوت موحد يطالب بمحاسبة النظام الصهيوني.

النظام الصهيوني عصابة إجرامية

كما تم الإشارة سابقاً، فإن الجرائم التي ارتكبها النظام الصهيوني خصوصًا خلال هذا العام قد أثارت موجة من اليقظة في ضمير الإنسانية على مستوى العالم. وقد أدى ذلك إلى أن تصبح قضية فلسطين قضية عالمية وليست فقط هاجسًا للعالم الإسلامي وفي هذا السياق صرح قائد الثورة الإسلامية مؤخراً :

" كان موضوع فلسطين في يوم من الأيام يتعلق فقط بالدول الإسلامية؛ أما اليوم فإن قضية فلسطين وقضية غزة هي قضية عالمية عامة. هذا الموضوع اليوم منتشر من داخل الكونغرس الأمريكي إلى الأمم المتحدة مرورًا بأولمبياد باريس إلى كل مكان في العالم. يقدم النظام الصهيوني أقبح صورة لعصابة إجرامية ولا يعدّ دولةً؛ هؤلاء ليسوا دولة إنهم عصابة من المجرمين عصابة من القتلة عصابة من الإرهابيين. لقد خلفوا ورائهم في التاريخ إرثاً جديدًا في أقسى درجات القتل والجرائم الغريبة. اليوم تنهمر القنابل الثقيلة من الصهاينة على رؤوس من لم يطلقوا حتى رصاصة واحدة؛ من الأطفال في المهد، إلى الأطفال في الخامسة والسادسة من أعمارهم، إلى النساء والمرضى في المستشفيات؛ لم يطلقوا رصاصة واحدة ولكن القنابل تسقط على رؤوسهم؛ لماذا؟ هذه جريمة غير مسبوقة. تتجلى قوة المقاومة يوماً بعد يوم بشكل أوضح؛ حيث لم يستطع العدو الصهيوني رغم كل المساعدات الأمريكية ورغم الدعم الذي قدمته بعض الدول الخائنة أن يُضعِف المقاومة أو يقهرها. الهدف الذي أُعلن عنه هو القضاء على حركة حماس، ولكن اليوم تقف حماس والجهاد بشكل عام في فلسطين بكل قوة وثبات ولا يستطيعون فعل شيء تجاههم بينما يقصفون براميل المتفجرات على رؤوس الناس المظلومين في غزة! يجب على العالم أن يتخذ قرارًا أكثر جدية تجاه هذه الجرائم. ينبغي على الدول والشعوب والشخصيات الفكرية والسياسية أن تتخذ قرارات حاسمة وعندها يكون المرء قادرًا على فهم أي عارٍ كبيرٍ أعده الكونغرس الأمريكي لنفسه قبل أيام عندما استمع إلى هذا المجرم! إن ذلك لعارٌ كبير".[1]

معاقبة إسرائيل

كما أشار قائد الثورة الإسلامية في بياناته فإن هذه الرؤية قد أصبحت الآن واضحة حيث يجب محاكمة النظام الصهيوني ليس كدولة، بل كعصابة إجرامية إرهابية وتطبيق العقوبات بحقها. بالطبع تم اتخاذ إجراءات في هذا الشأن تُعتبر سابقة من نوعها. على سبيل المثال نتيجة الشكوى التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد النظام الصهيوني في فبراير من العام الماضي حيث تم إدراج إصدار حكم اعتقال نتنياهو وغالانت ضمن جدول أعمال قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وفي حال تم تنفيذ هذه القضية فإنهم سيمنعون من السفر إلى 124 دولة حول العالم، بما في ذلك ألمانيا، هولندا، اليونان، فرنسا، اليابان، إسبانيا، ودولة فلسطين. ومن المهم الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها المحكمة الجنائية الدولية أحد أقرب حلفاء أمريكا. [2]

هل فعلا ستتم معاقبة النظام الصهيوني؟

يُعتبر دعم أمريكا وعدم كفاءة الأمم المتحدة من أبرز العوامل التي تسمح لإسرائيل بتجاوز الإرادة السياسية للمجتمع العالمي. في الواقع تُعتبر أمريكا من خلال دعمها العسكري لإسرائيل وامتلاكها حق النقض الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اللاعب الوحيد ذو التأثير الحقيقي على إسرائيل. بالطبع تتحمل الدول الأوروبية أيضًا جزءًا من المسؤولية، لكن على الرغم من كل هذا الدعم، فإن الجرائم العديدة التي ارتكبها النظام الصهيوني أدت إلى ظهور انطباع عالمي سلبي تجاه إسرائيل، ربما يكون أبرزها هو الاحتجاجات غير المسبوقة والواسعة التي قادها الطلاب في الدول الغربية. كما أن التحرك الفعلي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمحاسبة المتورطين في الجرائم بغزة يعتبر خطوة ذات أهمية كبيرة. ومع ذلك يبقى السبيل الوحيد المؤكد لعقوبة النظام الصهيوني هو تشكيل توافق عالمي ونظراً للتطورات الأخيرة هناك توقع بأن يتم تشكيل هذا الاتحاد في أقرب وقت ممكن، لكي يتم إنصاف القضية الفلسطينية وإرساء السلام والاستقرار العالمي.

مرضیه شریفی


[1] https://farsi.khamenei.ir/speech-content?id=57210

[2] https://www.irna.ir/news/85520098