أرمينيا تبحث عن حلفاء جدد؟

أوضح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان قضية توقيع عقود شراء الأسلحة التي أبرمتها أرمينيا مع فرنسا والهند مبرراً ذلك بتأكيده على ضرورة تهيئة الظروف للأمن القومي لبلاده. ولم يعجب أذربيجان هذا الموقف حيث أنها تعتبر أن شراء وبيع الأسلحة يؤدي إلى تكثيف سباق التسلح في منطقة جنوب القوقاز.

فبرایر 29, 2024 - 11:32
أرمينيا تبحث عن حلفاء جدد؟
أرمينيا تبحث عن حلفاء جدد؟

أوضح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان قضية توقيع عقود شراء الأسلحة التي أبرمتها أرمينيا مع فرنسا والهند مبرراً ذلك بتأكيده على ضرورة تهيئة الظروف للأمن القومي لبلاده. ولم يعجب أذربيجان هذا الموقف حيث أنها تعتبر أن شراء وبيع الأسلحة يؤدي إلى تكثيف سباق التسلح في منطقة جنوب القوقاز. ويظهر هذا التطور تغيرا كبيرا في اعتماد أرمينيا طويل الأمد على روسيا في سياستها الخارجية والدفاعية، وفي الوقت نفسه، تؤكد أرمينيا على الحاجة إلى حوار دولي في إعادة إعمار منطقة كاراباخ التي دمرتها الحرب [1]. وبعد ذلك فإن ظهور التعاون الثلاثي بين فرنسا وأرمينيا والهند، والذي سببته متطلبات تطور النظام الدولي، هو موضوع مثير للجدل وينبغي الحديث عنه بعناية.

التآزر الدولي المتزايد بين فرنسا والهند

خلال الزيارة الأخيرة للرئيس ماكرون بصفته الضيف الرئيسي لاحتفالات عيد الجمهورية الهندية، كشف البلدان عن "خارطة طريق صناعة الدفاع". وتؤكد الخطة على "التصميم المشترك والتطوير المشترك" أو التصنيع المشترك للأسلحة العسكرية. وتوصل البلدان إلى اتفاقيات مهمة بشأن التعاون في مجال الفضاء، حيث تعهد البلدان بالعمل معًا لإنتاج معدات دفاعية مثل المروحيات والغواصات للجيش الهندي و"للدول الصديقة". أحد المحاور الرئيسية لهذه الشراكة هو استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ، والتي اعترف فيها البلدان بأهمية وجود منطقة شاملة وحرة ومفتوحة. وقد أكدت فرنسا مرارا وتكرارا على عضوية الهند الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واعترفت بالدور المركزي للهند في الحوكمة العالمية، وهذه علامة على الثقة المتبادلة و المواءمة الاستراتيجية بين البلدين[2].

إن توسيع قدراتهم وتقنياتهم الفضائية هو الأولوية القصوى لهذه الشراكة الموسعة، والتي تشمل أيضًا مجالات مهمة أخرى مثل الأمن السيبراني. ويتجلى اتساع هذه الشراكة بشكل جيد في الرؤية المشتركة للتعاون في مجال الفضاء. ويدعو هذا الرأي إلى التعاون في البعثات الفضائية وتبادل بيانات الأقمار الصناعية. وقد تم التأكيد على الالتزام المشترك بين البلدين لتعزيز القدرات الدفاعية أكثر من أي وقت مضى من خلال اتفاقية 2021 بشأن تطوير القدرات العسكرية المختلفة ومساعدة فرنسا في تحديث القوات المسلحة الهندية.

فضلاً عن ذلك فإن التعاون بين الهند وفرنسا في مجال تغير المناخ ومشاريع الطاقة المستدامة، مثل مبادرة المحيطين الهندي والهادئ، يُظهِر فهماً أكثر شمولاً لوجهة نظر مشتركة للأمن تشمل أمن الطاقة والبيئة. إن أساس التحالف الاستراتيجي بين فرنسا والهند يتلخص في التوجه الشامل للأمن الذي يشمل القطاعات التقليدية وغير التقليدية. ويمثل هذا تعاونًا عميقًا ومتعدد الأوجه يتوافق مع أهداف الأمن القومي لكلا البلدين.

ويوجد حالياً إطار تعاون ثلاثي بين فرنسا والهند والإمارات العربية المتحدة (نموذج فرنسا والهند والإمارات العربية المتحدة)، يمكن تكراره مع أرمينيا وإنشاء محور ثلاثي استراتيجي جديد. إن مثل هذا التحالف بين فرنسا والهند وأرمينيا من شأنه أن يبني على أهداف الأمن القومي المشتركة لهذه الدول، ويعالج المخاوف العالمية ويعزز أهدافها الاستراتيجية.

فرنسا وأرمينيا، تعميق العلاقات الشاملة

كما يتضح من التوقيع على صفقة أسلحة كبيرة، فإن التحول الكبير نحو التعاون العسكري والاستراتيجي الوثيق واضح في العلاقات الفرنسية الأرمينية. وبهذا الاتفاق، الذي يتضمن التسليم المستقبلي لصواريخ ميسترال المضادة للطائرات وبيع فرنسا لثلاثة أنظمة رادار من طراز Thales GM 200 إلى أرمينيا، بدأ فصل جديد في العلاقات الثنائية. ومن خلال توفير صواريخ أرض جو وتقنيات الرادار المتقدمة، تُظهر فرنسا التزامها بتعزيز القدرات الدفاعية لأرمينيا، وخاصة في مجال الدفاع الجوي، استجابة للمخاوف الإقليمية في جنوب القوقاز.

ويظهر هذا التعاون المكثف زيادة في مستوى التفاعل بين هذين البلدين، مما يمكن أن يكون له تأثير عميق على الأحداث المستقبلية في جنوب القوقاز. بالإضافة إلى ذلك، تسعى فرنسا وأرمينيا إلى تعميق العلاقات في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية، ويتم تنفيذ هذه التفاعلات على المستوى الوطني وكذلك على المستوى المحلي، والتي في حالة نجاحها يمكن أن تصبح نموذجًا مناسبًا للتعاون متعدد الأطراف في المنطقة الأوروبية. اتحاد. .

التعاون الدفاعي بين الهند وأرمينيا:

* توسعت العلاقة بين أرمينيا والهند وتنوعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة. ويتجلى تعزيز العلاقات في مجالات مثل التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والدفاعي.

* الصناعة الدفاعية: تعتبر الصناعة الدفاعية جزءاً أساسياً من هذه الشراكة الواسعة. وقد برزت الهند مؤخرًا كمورد رئيسي للأسلحة لأرمينيا، مما يمثل فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية. يشار إلى أن أرمينيا أصبحت العميل الدولي الأول لهذا المنتج من خلال شراء نظام رادار تتبع الأسلحة Swathi الهندي بقيمة 40 مليون دولار. وتعد عملية الشراء جزءًا من التحول الاستراتيجي لأرمينيا لتنويع إمداداتها من المعدات الدفاعية، والتي كانت تاريخيًا تعتمد بشكل كبير على روسيا. بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل تعزيز هذه الشراكة الدفاعية، تلقت أرمينيا أيضًا مدافع MArG 155 المتقدمة من الهند ووقعت أيضًا عقدًا بقيمة 250 مليون دولار لشراء قاذفات صواريخ بيناكا والذخيرة المضادة للدبابات وأسلحة أخرى. وتشكل هذه الزيادة في التعاون الدفاعي خطوة استراتيجية لكل من البلدين، والتي تعمل على تحسين القدرات العسكرية لأرمينيا، وأيضاً تعزيز دور الهند باعتبارها مصدراً دفاعياً ناشئاً في العالم[3].

* التعاون في مجال الابتكار والتكنولوجيا الرقمية: في مجال الابتكار والتكنولوجيا الرقمية، حققت العلاقات بين البلدين تقدماً كبيراً. وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة تكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات الهندية ووزارة الصناعات المتقدمة في أرمينيا في يونيو 2023، مما يشير إلى الالتزام بالتقدم التكنولوجي المتبادل. وتهدف الاتفاقية إلى تسهيل تبادل الحلول والخبرات الرقمية، وتعزيز التحول الرقمي في كلا البلدين.

* المعاملات الاقتصادية: زادت التعاملات الاقتصادية أيضاً، ولكن ليس بشكل كبير. وقد أعربت أرمينيا مؤخرًا عن اهتمامها بدمج أنظمة الدفع الخاصة بها مع واجهة المدفوعات الموحدة في الهند (UPI)، والتي من شأنها تسهيل المعاملات المالية بين البلدين. تعتبر هذه الخطوة مهمة نظرًا للوجود المتزايد للقوى العاملة الهندية في أرمينيا، خاصة في قطاعات مثل خدمات البناء والتوصيل.

الشراكة الثلاثية

ويظهر نموذج التفاعل بين هذه الدول الثلاث مع بعضها البعض المخاوف الأمنية المشتركة بينها خلال الفترة الانتقالية للنظام الدولي. بالإضافة إلى ذلك، فإن التطلعات والأهداف الاقتصادية لهذه الدول الثلاث لا تتعارض مع بعضها البعض ويمكن أن تؤدي إلى تطور الظروف الاقتصادية لجميع الدول الثلاث، وفي الوقت الذي لا يكون فيه الاقتصاد العالمي في حالة جيدة، يمكن لهذه التعاملات أن تكون فعالة جداً.

بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال الاندماج في إطار أمني أوسع وجديد، سوف تتمتع أرمينيا بقدر أكبر من القدرة على المناورة في التطورات في جنوب القوقاز، ومن الممكن أن تصبح الهند وفرنسا أيضاً لاعبين مهمين في مجال الأمن. ويظهر هذا النوع من الشراكة التغيرات الاستراتيجية في تفاعلات الدول في النظام الدولي ويعتبر خطوة نحو نظام متعدد الأقطاب وتعاون واسع النطاق مع مختلف الدول، وتسعى هذه الدول الثلاث إلى الحفاظ على مكانتها في هذه العملية التطورية، وهذه الشراكة آخذة في الظهور لإنها تمثل التعاون بين دول ذات خلفيات وأهداف متنوعة، لذا فهي تتمتع بالقدرة على التأثير على الجغرافيا السياسية الإقليمية وحتى العالمية والمساعدة في إنشاء نظام عالمي أكثر توازناً.

امین مهدوی


[1] reuters.com

[2] ptinews.com

[3] strategicfront.org