موقع الصين والشرق في السياسة الخارجية السعودية
توسع نطاق التعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة حتى تتطور من تجارة الطاقة إلى الاستثمار في البنية التحتية والاتصالات والتكنولوجيا المتطورة والصناعة والمجالات المالية والنقل والطاقات المتجددة والنووية وتصنيع الأسلحة. لقد تم تعزيز التعاون مع آليات التنسيق الثنائية والإقليمية من أجل إيجاد توافق بين مبادرة الحزام والطريق الصينية BRI)) و رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تقليل اعتماد المملكة العربية السعودية على النفط وتعزيز الاقتصاد بحيث يمكن تقليل بصمة القطاع العام وتعزيز تنمية القطاع الخاص. من الناحية السياسية تطورت العلاقة بشكل مستمر لأن العلاقة بين الرياض وبكين تغيرت من علاقة هامشية إلى "شراكة استراتيجية شاملة". [1]
نهج المملكة العربية السعودية الجديد في السياسة الخارجية
كان النهج الجديد للمملكة العربية السعودية تجاه الشؤون الخارجية داعمًا قويًا للسياسة الأمريكية لعقود من الزمان وكان مترددًا في إجراء تغييرات جذرية ، لكن تغير شكله في وقت مبكر منذ صعود بن سلمان إلى السلطة. وتدخل في الحرب الأهلية اليمنية ثم انضم إلى الجيران في حصار قطر واجبر رئيس الوزراء اللبناني على الاستقالة. أيضًا أتاحت الحرب في أوكرانيا فرصة للسعوديين للتعبير عن مصالحهم في عالم لا تمثل فيه الولايات المتحدة القوة العظمى بلا منازع ، ويقولون إنهم يستطيعون دعم أوكرانيا في نفس الوقت والتعاون مع روسيا في أوبك +. [2]
الإنعطاف شرقاً أو تحذير واشنطن
إن تعميق العلاقات مع الصين وزيادة التعاون مع روسيا واستئناف العلاقات مع إيران يشير إلى حدوث تغيير في سياسات المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالشرق، ومع ذلك لا يزال من غير الواضح للمراقبين ما إذا كانت تحولات المملكة العربية السعودية ومن يتبعها، ربما يكون أقرب حلفاء الرياض في العالم العربي، تجاه الصين ودول شرق أخرى وخفض التصعيد مع إيران، هي مجرد إجراء تكتيكي لزيادة القوة التفاوضية لهذه الدول مقابل الغرب والولايات المتحدة، أو أنها تشير حقًا إلى حدوث تغيير حقيقي في النهج الاستراتيجي.
يجب أن يكون لتهدئة النزاعات في سورية واليمن وتخفيف التوترات في العراق أثر مباشر على زيادة استعداد السعودية وحلفائها لتجديد العلاقات الإقليمية، لكن من الممكن أيضًا أن يكون تشديد الخلافات بين واشنطن والرياض وعدم قدرة الولايات المتحدة مع عدم رغبتها بالإستجابة للمطالب السعودية، سببٌ آخر ضمن المحفزات الخارجية التي مهدت الطريق أمام الرياض لتجديد العلاقات الإقليمية وإيلاء المزيد من الاهتمام بالصين. حتى على الرغم من كل هذه الأحداث فمن غير المرجح أن تنوي المملكة العربية السعودية بالنظر إلى عمق علاقاتها مع أمريكا أن تنأى بنفسها بسهولة عن واشنطن.
لذلك وبهدف التعبير عن استيائها من واشنطن، قامت الرياض بتوسيع العلاقات مع بكين وهذا لا يعني التوجه نحو الشرق. وعلى الرغم من أن علاقة المملكة العربية السعودية بالصين تنمو بشكل أسرع بكثير من الولايات المتحدة، إلا أن العلاقة الفعلية لا يمكن مقارنتها بها، فالعلاقة مع الصين على العكس العلاقة مع الولايات المتحدة من حيث التعقيد والإلفة، فهي أقل رونقاً وأهمية. ومحاولة الموازنة بين العلاقات مع الصين وأمريكا والتي يبدو الآن أنه لا يمكن حذف أي منها من المعادلة العالمية، هو المسار الأكثر احتمالا الذي قد تبحث عنه المملكة العربية السعودية. طريقةٌ كانت قد اتبعتها تركيا سابقاً وحتى إسرائيل كذلك.[3]
فاطمه نجفی
[1] https://merics.org/en/saudi-arabias-once-marginal-relationship-china-has-grown-comprehensive-strategic-partnership
[2] https://www.wsj.com/articles/saudi-crown-prince-test-drives-nonaligned-foreign-policy-450ddefb?st=zlkiyyafy8c59yp&reflink=share_mobilewebshare
[3] https://mdeast.news/2022/12/21/