المجتمع المُستقطَب والاحتجاجات في الكيان الصهيوني
تكتسب الاحتجاجات الأخيرة في المشهد السياسي والاجتماعي في النظام الصهيوني أبعادًا جديدة مع مرور الوقت. لدرجة أن الجبهة العربية "للتغيير" تشكلت من طرفين عربيين في النظام الإسرائيلي، كما أن العلم الفلسطيني حاضر في التظاهرات ضد النظام.
و وقعت هذه الاحتجاجات في ظل صراع عنيف بين ائتلاف الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو والفصيل المعارض في الحكومة برئاسة يائير لابيد، رئيس الوزراء السابق للنظام الصهيوني.
في بعض الاحتجاجات شخصيات معارضة مثل زعيمة حزب العمل "ميراف ميخائلي"، وزير الدفاع السابق بيني غانتس (من يمين الوسط الذي دعا الناس إلى مظاهرات حاشدة)، وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، و رئيس بلدية تل أبيب. إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أحد مؤيدي الاحتجاجات قال في محادثة مع القناة التلفزيونية الإسرائيلية 12: حكومة نتنياهو قانونية لكنها فقدت شرعيتها.
في الواقع لا بد من القول إن المجتمع الإسرائيلي واجه فجوة كبيرة وأصبح مستقطبًا بشدة وهناك احتمال لوقوع مواجهة سياسية تقضي على وحدة الرأي والعمل في النظام الإسرائيلي، الأمر الذي يمكن أن يقوي المعارضين للحكومة غير الشرعية لإسرائيل على الساحة الدولية ويعزيز موقفهم من أجل خطة تشكيل "دولتين" ووقف الأعمال التعسفية وبناء المستوطنات لحكومة نتنياهو ومنع تطرف الكيان الصهيوني برئاسته.
و ردد المتظاهرون شعارات مثل "بنيامين نتنياهو ديكتاتور" و "الديمقراطية لا تصنع ديمقراطية بالاحتلال" و "حكومة نتنياهو ديكتاتورية" و "لسنا بحاجة إلى فاشيين في البرلمان" أو يحملون لافتات معهم. وبحسب سكان الأراضي المحتلة كانت هذه المظاهرة الاحتجاجية من أكثر التظاهرات والاحتجاجات غير المسبوقة في هذا النظام.
هناك أربعة عوامل مهمة لهذه التظاهرات من وجهة نظر الإسرائيليين:
1- لا يزال الصراع على السلطة بين نتنياهو ورئيس الوزراء الأسبق يائير لبيد مستمراً وكان من أبرز الداعين إلى هذه التظاهرة. فشل لبيد في الفوز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، والتي كانت الخامسة في أربع سنوات وترك المنافسة لليكود وحلفائه.
2- لقيت خطة ياريو ليفين، وزير العدل في حكومة نتنياهو بعنوان إصلاحات القضاء، معارضة شديدة من قبل معارضي الحكومة. الغرض من هذه الخطة كما يقول الإسرائيليون المعارضون لنتنياهو هو السيطرة الكاملة للحكومة على تعيين القضاة، بمن فيهم قضاة المحكمة العليا وهي خطة تحد بشدة من سلطة هذه المحكمة في إلغاء القوانين.
3- من وجهة نظر المعارضة نتنياهو يهدد أمن إسرائيل. يعتقد الإسرائيليون والخبراء الغربيون أن حكومة بنيامين نتنياهو الحالية هي الحكومة الأكثر تطرفاً ويمينية في النظام الصهيوني التي تم تشكيلها عبر تاريخ هذا النظام.
4- يعتقد بعض المسؤولين الصهاينة أن بنيامين نتنياهو يحرض ويوحد الشعب الفلسطيني ضد الجيش الإسرائيلي والسيادة بسياساته الجديدة.
بالنظر إلى ما سبق يبدو أن الكيان الصهيوني يواجه الآن سيفًا ذا حدين ويجب عليه اختيار واحد:
1- البقاء والحفاظ على حكومة نتنياهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى اشتداد الانقسامات الاجتماعية داخل النظام، وتكثيف الضغط والتآزر بين الفلسطينيين داخل النظام (عرب إسرائيل) والضفة الغربية وقطاع غزة في اتجاه واحد، وتكثيف وضغط المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي وأمريكا من أجل الحد من تطرف حكومة نتنياهو وإفساد صورة هذه الحكومة والنظام ككل في نظر الرأي العام والسياسيين الأوروبيين والأمريكيين. كما يمكن أن يتسبب في زيادة الضغط على فصائل المقاومة والفلسطينيين وإمكانية حل التحديات التي يسببها اختيار الحكومة المتطرفة من خلال الوعود وبعض الفوائد للفصيل المقابل والأوروبيين.
2- حل مجلس النواب واعادة الانتخابات مما قد يؤدي الى زعزعة الاستقرار وتآكل الشؤون الداخلية للنظام، وفرصة جيدة لاحياء حركات المقاومة من الفلسطينيين وجيران النظام. أخيرًا ستزيد هذه الأحداث من حدة الاستقطاب داخل النظام بعد أن تنجح المعارضة في إزاحة الحكومة وعجز النظام عن التركيز على التحديات الداخلية والخارجية.
حکیمه زعیم باشی