باكستان في منتصف الطريق بين الشرق والغرب
باكستان في منتصف الطريق بين الشرق والغرب
في الأسبوع الماضي، وخلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى باكستان، طرحت من جديد قضية خط أنابيب السلام التي تم التوقيع عليها منذ حوالي عقد من الزمان، وذلك اثناء المفاوضات بين البلدين، حيث يولي الجانب الإيراني كل الأهمية والجدية لإطلاق مشروع خط الأنابيب هذا لأهميه الكبيرة له. وقد تم الانتهاء من العمل من قبل الجانب الإيراني منذ سنوات و أصبحت البنية التحتية لنقل الطاقة جاهزة للتشغيل، لكن الجانب الباكستاني رفض القيام بذلك تحت أعذار مثل العقوبات الأمريكية ونقص الأموال لبناء المشروع.1
كان الوضع في باكستان وخيمٌ للغاية في السنوات الأخيرة. وكان اقتصاد البلاد يعتمد فعلياً على ما يأتيه من المساعدات الدولية 2 والتغيير المتكرر للحكومات جعل من الصعب والمستحيل على البلاد تحقيق الإستقرار. كما إن تدخل الجيش و تسلط الأجهزة الأمنية جعل من الصعب للغاية على أي حكومة تأتي أن تتولى السلطة اللازمة لحكم البلاد والعمل على نهضته.
إن مساعدة الأمم المتحدة وبعض الدول لبقاء الحكومة الباكستانية الحالية عملياً يؤثرُ لحدٍ كبير على المعادلات السياسية في البلاد 3. ويعتقدُ البعض أن رئيس الوزراء السابق عمران خان واجه انقلاباً داخلياً بسبب قربه من الصين وتم إنهاء حكمه للبلاد وذلك بتخطط مسبق.
تعتبر البلاد ذات أهمية كبيرة للمحور الشرقي. نظرا لقربها من أفغانستان والدعم المستمر من وكالة الأمن الباكستانية لطالبان، وكان نفوذ باكستان في أفغانستان دائما واسع النطاق. تعتبر المعادن وطرق النقل في أفغانستان مشاريع جذابة للغاية بالنسبة للصين 4 ، وتحاول تحقيق هدفها المتمثل في السيطرة على أفغانستان من خلال التسلل إلى باكستان. وهناك مصلحة أخرى للصين هي تعزيز باكستان ضد الهند. لطالما أهتمت باكستان بقضية الهند ضمن خياراتها الاستراتيجية، التي تحاول من خلال معركة حيوية كسب دعم الصين، من مبدأ أن الهند لديها حليف قوي وهي الولايات المتحدة الأمريكية وتعتبر حليفاً استراتيجي لها.
في وضع الوقت الحالي تتهيىء المنطقة في شرق إيران إلى معركة واسعة النطاق. فمن ناحية، تحاول الولايات المتحدة إغلاق طرق الاتصال الصينية وعدم الحصول على خرائط تواجد المعادن في البلاد من خلال التسلل إلى طالبان في أفغانستان، ومن ناحية أخرى، تحاول من خلال التسلل إلى باكستان ، أن تشدد الحصار على الصين وتحاصرها ضمن حدودها. في الطرف المقابل، تحاول الصين أيضا بكل قوتها خلق سبل حيوية لمشاريعها الطموحة مثل تطوير ميناء جوادر في باكستان، وإنشاء خط أنابيب بين الشرق والغرب من الصين وباكستان وأفغانستان وإيران لخلق تدفق آمن لنقل الطاقة ؛ وهو أحد أهم مشاريع الصين لخطة الحزام والطريق الضخمة 5، ويتم إعداد جميع الخطط والتجيزات لها في خطة الصين طويلة الأجل للمنطقة الشرقية من العالم، ويجب على كل دولة من الدول المختلفة أن تلعب دورها في هذه الخطة. ومع نجاح هذا المخطط للصين وتقوية وتعزيز علاقاتها مع دول الجوار سيدعم مصالح بكين في مواجهتها لواشنطن ومخططاتها في المنطقة.
في المستقبل، تمتلك باكستان القدرة على إدارة البلاد إما عن طريق الجيش أو عن طريق وكالة الاستخبارات الأمنية في البلاد ، ويمكن لهذين التيارين أيضا أن يقدما الدعم اللازم للبلاد عن طريق إدارة الموارد المالية والبشرية الضخمة لعدد سكانها البالغ 240 مليون نسمة. ولن يتم الوصول لهذا الهدف حتى تتخذ البلاد قرارها النهائي باختيار جبهة النضال الخاصة بها. لم تتخذ الصين والولايات المتحدة بعد قرارهما النهائي للسيطرة الكاملة على البلاد، وتتفاعلان مع باكستان في حالة مرضية وبنفس الوتيرة. ويبدو أن قدرة إيران على إظهار مصالح إسلام أباد من خلال التفسيرات والتبريرات لها هي المهمة التي فوضتها الصين لإيران لجلب باكستان وجذبها إلى معسكر أنصار الجبهة الشرقية في أقرب وقت ممكن. ويعتقد المحللون أن الضغط الإيراني يمكن أن يؤثر على باكستان. إن إسلام أباد اليوم بحاجة ماسة إلى مساعدة دولية حيث تعاني البلاد من انقطاع التيار الكهربائي اليومي. ويمكن لإيران أن تقوي نفوذها من خلال البدء في نقل الطاقة إلى باكستان مثل العراق والتأثير على البلاد بقرارها النهائي 6 باختيار مسار البلاد المستقبلي. وسيكون قرار باكستان النهائي أيضا له أثير إيجابي على إيران.
1. https://www.arabnews.com/node/2351386/pakistan
2. https://www.gisreportsonline.com/r/pakistan-turmoil/
3. https://www.geopoliticalmonitor.com/pakistan-careening-toward-state-collapse/
4. https://www.gmfus.org/china-pakistan-axis
5. https://www.britannica.com/topic/China-Pakistan-Economic-Corridor
6.. https://www.reuters.com/business/energy/pakistan-buy-more-electricity-neighbouring-iran-2023-08-08/