الصين واستقبال عهد ترامب
مع بقاء أقل من بضعة أيام على تولي الإدارة الجديدة لترامب في الولايات المتحدة الأمريكية، تستعد دول العالم المختلفة للتعامل مع استراتيجيات الحكومة الجديدة .
مع بقاء أقل من بضعة أيام على تولي الإدارة الجديدة لترامب في الولايات المتحدة الأمريكية، تستعد دول العالم المختلفة للتعامل مع استراتيجيات الحكومة الجديدة (1). ويمكن أن تساعد تجربة إدارة ترامب السابقة في صياغة برامج الدول المستقبلية، حيث تشير الأجواء الحالية للسياسة الدولية إلى أن الدول الأوروبية، ودول المحور الشرقي، والدول العربية، كل منها لديها برنامج خاص لمستقبل علاقاتها مع الحكومة الجديدة في الولايات المتحدة. المناطق المتوترة مثل غرب آسيا وروسيا التي تعيش في حالة حرب تستعد لظروف سريعة من التغيير والتطور. الصين أيضاً ليست استثناءً من هذه القاعدة. وسنستعرض في ما يلي السياسات الجديدة للصين تجاه إدارة ترامب القادمة.
ترحيب الصين بالانطواء الذي تنتهجه إدارة ترامب الثانية، يعتمد على تجربة إدارة ترامب السابقة. فإن سياساته ستؤدي إلى حدوث انقسام بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي(2)، وهذه الحالة تُعتبر مثالية لدولتي روسيا والصين. تدرك الصين أنه بفضل التصدع بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة، يمكنها تعزيز نفوذها الاقتصادي في الدول الأوروبية دون عناء.
بإمكان حكومة الصين من خلال الاستفادة من خبراتها أن تضاعف نموها الاقتصادي باستخدام رأس المال والتكنولوجيا من الدول الأوروبية. ويمكن أن ترسخ التوترات بين الصين وتايوان في عهد ترامب الثاني نتائج إيجابية لبكين. ترامب هو شخص ذو فكر تجاري ويمكن للصين أن تستغل تقنيات التفاوض لديها لتحقيق ضم تايوان إلى أراضيها الأم خلال فترة ترامب وفي سياق هذه الصفقة يمكن أن تلبّي بعض الأهداف الأمريكية أيضاً.
تعزيز الاستثمارات في القارة الإفريقية، تُظهر تجربة الصين خلال فترة ترامب الأولى أن التركيز الرئيس لاستراتيجيات الولايات المتحدة هو في غرب آسيا وشرق آسيا، وأن القارة الإفريقية ليست من أولويات صانعي القرار في إدارة ترامب. هذه الحالة توفر للصين مجالاً مناسباً لمتابعة سياساتها الاقتصادية بسلام في القارة السمراء(3).
من خلال استغلال الموارد المعدنية في القارة الإفريقية و يمكن للصين أن تعزز سيطرتها على المناجم الاستراتيجية في العالم. الأولوية الأساسية للحكومة الصينية في السنوات الماضية كانت تعزيز وضعها الاقتصادي ونفوذها الناعم في مختلف دول العالم. ومن خلال الموارد المتاحة في القارة الإفريقية ستتسع سيطرة الصين على الاقتصاد العالمي.
زيادة اعتماد الصين على العملات الرقمية، قد استثمرت الصين في السنوات الأخيرة بشكل واسع في اقتصاد العملات الرقمية(4)، وبالنظر إلى الحضور الملحوظ لإيلون ماسك في إدارة ترامب فإن مجال العملات الرقمية في المستقبل سيشهد توسعاً ملحوظاً. تمتلك الصين قدرة كبيرة في الاقتصاد الدولي فضلاً عن المزايا التكنولوجية في مجال العملات الرقمية. وقد حقق الدولار الرقمي قفزة ملحوظة منذ فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. كما إن تعزيز استخدام العملات الرقمية في المستقبل قد يجعل من العقوبات الدولية أمراً بلا معنى وهذا الأمر سيكون مفيداً للغاية لدول محور الشرق.
بالمجمل، يمكن القول إن الصين بناءً على تجربتها في السنوات الماضية مع سياسات الحكومة الأمريكية، تجد نفسها في حالة استعداد تام. فحكومة الصين تعرف كيف يتم التخطيط لساحة اللعب الديمقراطية والجمهورية في إدارة الشؤون لدى الحكومة الأمريكية. وربما تكون إدارة ترامب الثانية نعمة إلهية للصين.
يسعى ترامب إلى الحفاظ على العالم أحادي القطب تحت قيادة الولايات المتحدة، لكن الحقائق السياسية الدولية في السنوات الماضية وتغير قوة الولايات المتحدة في جميع المجالات تجعل استمرار حلم الأحادية القطبية بعد الحرب الباردة أمراً غير قابل للتحقيق. تسعى الصين إلى توسيع وجودها في مجالات أخرى من السياسة الدولية من خلال تقديم نموذج ناجح للاقتصاد.
يسعى ترامب في ولايته الثانية إلى الاستفادة من إصلاح نقاط ضعفه من أجل حل مشاكل الولايات المتحدة في العالم. يمكن أن تتخذ سياسات القوى العظمى في الوضع الحالي مسارين مختلفين: إما في حالة سلمية تُقسم فيها مصالح الدول القوية من خلال الصفقة والتفاوض، أو في سبيل نشوء جبهتين متقابلتين في حالة من الصراع التام حيث ستُقسم المصالح بنفس الطريقة التي حدثت في الحربين العالميتين الأولى والثانية من خلال القوة العسكرية.
1. https://www.theguardian.com/us-news/2024/dec/29/trump-greenland-panama-china-threats
2. https://www.foreignaffairs.com/united-states/why-china-isnt-scared-trump
3.https://www.reuters.com/markets/commodities/post-covid-china-is-back-africa-doubling-down-minerals-2024-05-28/
4. https://www.statista.com/topics/10596/cryptocurrency-in-china/#topicOverview