الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة في غرب آسيا

تحظى منطقة غرب آسيا بأهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة. فهذه المنطقة تحتوي على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي، التي تُعتبر ضرورية للاقتصاد الأمريكي و للاقتصاد العالمي الذي يسيطر عليه الولايات المتحدة.

ينايِر 19, 2025 - 02:57
ينايِر 19, 2025 - 03:07
الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة في غرب آسيا
الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة في غرب آسيا

تحظى منطقة غرب آسيا بأهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة. فهذه المنطقة تحتوي على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي، التي تُعتبر ضرورية للاقتصاد الأمريكي و للاقتصاد العالمي الذي يسيطر عليه الولايات المتحدة. كما أن وجود الكيان الصهيوني في هذه المنطقة زاد من اهتمام الولايات المتحدة بها بصفة خاصة.

خلال العقود القليلة الماضية وخاصةً بعد وقوع الثورة الإسلامية في إيران قامت الولايات المتحدة بزيادة قواعدها وقواتها العسكرية في منطقة غرب آسيا، ولكن خلال السنوات القليلة الماضية شهدنا أن واشنطن قد غيرت استراتيجيتها إلى حد ما، ولهذا السبب خرجت من أفغانستان واتبعت مسارًا تدريجيًا لتقليل وجودها العسكري في هذه المنطقة. 

لكن بعد طوفان الأقصى، وبسبب الدعم غير المشروط لإسرائيل وأيضًا سقوط حكومة الأسد في سورية، تم تعليق انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط لفترة غير معلومة، ورصدنا مؤخرًا أن واشنطن قد زادت من وجودها العسكري في المنطقة.(1) 
 
وفي هذا السياق، تكشف التقارير المنشورة عن هبوط طائرتين شحن أمريكيتين كبيرتين تحملان قوات ومعدات عسكرية في مدرج مطار قاعدة عين الأسد العسكرية في غرب العراق.
 
وبناءً على هذه التقارير هناك معلومات تشير إلى أن واشنطن تعمل على نقل كتيبة قتالية جديدة إلى الشرق الأوسط عبر قاعدة عين الأسد وتوجيهها إلى قواعد جديدة في سورية. تُعتبر هذه الخطوة جزءًا من خطة إعادة انتشار القوات الأمريكية في المنطقة والتي قد تكون الأكبر من نوعها خلال السنوات الأخيرة.

بعض هذه الرحلات الجوية انطلقت من قواعد أمريكية في منطقة الخليج الفارسي والبعض الآخر من قواعد في أوروبا، وكانت تحمل جنودًا ومعدات وذخائر. وأشار هذا المصدر إلى الضوء الأخضر الذي أعطاه الحكام الجدد في دمشق لواشنطن لإنشاء ثلاث قواعد جديدة في دمشق ودرعا والقنيطرة مؤكداً أن عين الأسد قد تحولت إلى مركز مؤقت وأكبر قاعدة في الشرق الأوسط، ومن المقرر أن يتم نقل القوات والمعدات منها إلى سبع قواعد أمريكية في سورية خصوصًا في الحسكة.(2)
   
في مثل هذه الظروف يطرح السؤال عن ماهية الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة تجاه التطورات في المنطقة. ويبدو أن الولايات المتحدة مع سقوط حكومة بشار الأسد في سورية، تسعى من خلال التركيز على دور ما يُعرف بالمستشارين، إلى توفير ذريعة لتعزيز وجودها العسكري. لكن الحقيقة هي أن واشنطن تريد استخدام قواعدها في العراق (مثل عين الأسد وحرير) لأغراض إقليمية أخرى مثل مراقبة إيران وربما تعزيز التعاون مع الحكام الجدد في دمشق.(3)
 
مطلبٌ آخر هام هو أن الولايات المتحدة، بفضل ضمان أمن الكيان الصهيوني الذي يُعتبر من الأهداف الأساسية لهذه الدولة، قد زادت من وجود قواتها العسكرية في المنطقة لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها الكيان. كما أن تهديد المصالح الاقتصادية الأميركية يعدّ سببًا آخر لزيادة القوات العسكرية الأميركية في سورية. 

حيث إن حقول النفط والغاز في شمال وشرق سورية، وبالأخص في محافظتي دير الزور والحسكة تُعتبر حقول الطاقة في الشرق الأوسط ولا سيما حقول النفط منها ذات أهمية كبيرة للولايات المتحدة. وقد صرح دونالد ترامب في عام 2019 بعد انسحاب القوات الأميركية من سورية بوضوح أن وجودنا هناك يتعلق بالنفط؛ لذا تسعى الولايات المتحدة للحيلولة دون وصول المجموعات المسلحة إلى الموارد النفطية السورية، مستمرة في تعزيز قواتها لمواجهتهم وكذلك دعم الفصائل الكردية الموجودة في تلك المناطق لمواجهة الحركات المعارضة الأخرى بما في ذلك الجماعات السلفية والتكفيرية.(4)
  
في النهاية، يمكن القول باختصار إن التطورات الإقليمية قد جعلت الولايات المتحدة تعيد تعريف سياسة وجودها العسكري في غرب آسيا، وبناءً عليه شهدنا زيادة في الأنشطة المشبوهة للولايات المتحدة، خصوصًا في العراق وسورية. ومن المهم الإشارة إلى أنه لم يكن بالإمكان نقل آلاف الجنود الأمريكيين في الظروف الراهنة إلا إذا تم إعدادهم لهذا الخيار منذ عدة أشهر. لذا ليس من الغريب أن يكون سيناريو إسقاط الأسد جزءًا من تلك المعادلة الأمر الذي أدى إلى حالة من العجز والصمت لدى الحكام الجدد في دمشق تجاه انتقال عدد كبير من القوات الأمريكية إلى قواعد مختلفة في سورية.

مرضية شريفي

1.  https://farhikhtegandaily.com/news/199916
2. https://www.alef.ir/news/4031009116
3. https://www.isna.ir/news/1403092517916
4. https://isfahan.iqna.ir/fa/news/4256515