الجولان المحتل بعد التغيرات الأخيرة في سورية

بعد سقوط بشار الأسد طرأت تغييرات كبيرة على المشهد السوري خاصة فيما يتعلق بالجبهة الجنوبية مع إسرائيل المحتلة. الأخبار الواردة من الجبهة الجنوبية والوسائل الإعلامية تشير بوضوح إلى أن إسرائيل انتهكت الهدنة والاتفاقية الموقعة بين الجانبين، من خلال اختراق المنطقة العازلة التي كان محظوراً فيها وجود قوات من الطرفين، حيث كان يُسمح فقط لقوات الأمم المتحدة بمهام حفظ السلام.

ينايِر 22, 2025 - 23:54
الجولان المحتل بعد التغيرات الأخيرة في سورية
الجولان المحتل بعد التغيرات الأخيرة في سورية

بعد سقوط بشار الأسد طرأت تغييرات كبيرة على المشهد السوري خاصة فيما يتعلق بالجبهة الجنوبية مع إسرائيل المحتلة. الأخبار الواردة من الجبهة الجنوبية والوسائل الإعلامية تشير بوضوح إلى أن إسرائيل انتهكت الهدنة والاتفاقية الموقعة بين الجانبين، من خلال اختراق المنطقة العازلة التي كان محظوراً فيها وجود قوات من الطرفين، حيث كان يُسمح فقط لقوات الأمم المتحدة بمهام حفظ السلام.

لكن ما شهدناه هو أنه في اليوم نفسه الذي سقط فيه نظام بشار الأسد، بدأت إسرائيل بشن غارات جوية باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، لضرب كافة قواعد الجيش السوري ومراكز الدفاع الجوي، وحتى منصات إطلاق الصواريخ، مما أدى إلى تدمير جميع الأسلحة الاستراتيجية والصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى ومستودعات الأسلحة، التي كانت تخشى استخدامها من قبل الجيش في حربه ضد إسرائيل.(1) 

في ظل هذا الوضع، أصبحت إسرائيل تمتلك المبادرة بشكل قوي وهذا ما شجعها على زيادة التوغل والانتهاك في المنطقة العازلة وصولاً إلى محيط ريف دمشق حيث باتت تبعد عن العاصمة بمسافة تقارب 40 كيلومترًا أو ربما أقل من ذلك.

وفي هذا السياق، لم تصدر أي مواقف جدية وحاسمة من الحكومة الحالية تجاه التوغل الإسرائيلي، وخاصة من حكومة الشرع الجديدة سوى تصريحات وكلمات عابرة. حتى المواقف الجادة المترقبة من الدول العربية أضحت خجولة، مما يشجع إسرائيل على التوغل الإضافي وقد تتحجج بتأمين نطاق الجبهة الشمالية ومنع الوصول إلى حزب الله أو تنامي المجموعات الموالية للنظام السابق ومجموعات حزب الله.(2)
 
وحسب مصادر محلية تم التواصل معها من قبل سكان المنطقة، وخاصة في الجولان المحتل والقرى التي دخلتها إسرائيل، أفاد الجميع بأن إسرائيل تدخل أي مكان تريده، سواء كان نقطة عسكرية أو مدنية حيث تهدم المنازل وتخلي السكان مما يجعلها تخترق أي منطقة موجودة تشتبه بوجود تجهيزات عسكرية مثل الأنفاق.(3) 

وذكرت مصادر رسمية وإعلامية مختلفة عن وقع أول اشتباك أو صدام بين قوات حكومة الشرع وإسرائيل منذ عدة أيام، حيث كان هناك رتل يتجول حول قرى القنيطرة، وكانت هناك شكوك حول تحركاته برفقة المدنيين، وقد اقدمت إسرائيل على استهداف هذا الرتل بواسطة طائرة مسيرة، مما أدى إلى سقوط قتلى وإصابات وكذلك وفاة مختار تلك المنطقة.(4)
 
أما في الأوساط السياسية الحالية، فهناك تخوف تركي حيث باتت تركيا تحسب سورية وكأنها ولاية من ولاياتها، وأصبحت تخشى على حدودها. فهناك تصريحات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته، يعبرون فيها عن انزعاجهم من التوغل الإسرائيلي واقترابه من العاصمة دمشق مما نتج عنه مواقف سياسية واضحة وبارزة من قبل الحكومة التركية، التي لا ترغب في توسع نفوذ إسرائيل في الجنوب السوري حفاظًا على أطماعها العثمانية حيث تدرك طموحات إسرائيل وأنها قد تتحجج بأي ظروف أو وسائل أخرى لتوسيع نفوذها بشكل مستمر.

الهدف من هذا التوغل العسكري داخل الأراضي السورية هو السيطرة الكاملة على الجنوب السوري، لتأمين الجبهة الشمالية للقوات الإسرائيلية والمواقع الحساسة في شمال إسرائيل، ولإبعاد خطر إطلاق أي صواريخ أو طائرات مسيرة من الأراضي السورية تستهدف المواقع الإسرائيلية. السبب الآخر هو حصار حزب الله في جنوب لبنان لمنع وصول أي دعم أو مساعدات قد تكون متوقعة في المستقبل.

في الواقع يُعتبر الجولان المحتل أحد أبرز القضايا الجيوسياسية المعقدة في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً بعد التغيرات الأخيرة التي شهدتها سورية وتغير نظام الحكم فيها. لقد حولت هذه التغيرات الجولان المحتل إلى قضية جدلية جديدة لإن الإدارة الجديدة في سورية وكأنها تغض النظر عن التوسع المتزايد للقوات الإسرائيلية فسي جنوب سورية، مما زاد الشكوك فيما إذا كانت حكومة أحمد الشرع قادرة على ضبط الحدود الشرعية لسورية بدون احتلال أو أن مخططاً استعمارياً جديداً يحاك لتفيذ أطماع إسرائيل التوسعية والتي كانت قد أعلنتها بوضوح خلال تبريرها لتحركاتها بسورية، وذلك للحفاظ على أمنها الإقليمي كما تدعي أو تحاصر منطقة جنوب لبنان وقوات حزب الله.

إن حكومة الجولاني التي تواجه تحديات كثيرة وكبيرة هي التي تمثل النظام الحالي في سورية، وقد تكون قضية الجولان المحتل من أهم تلك التحديات لإنها تعتبر من الثوابت الوطنية للشعب السوري بغض النظر عن نوع وطبيعة وشخصية النظام الحاكم، فالحفاظ على السيادة السورية و وحدة الأراضي السورية هو مطلب دولي ومحلي وإقليمي أيضاً. الشعب في سورية بكل أطيافه وتنوعه وقومياته ضد أي مظهر من مظاهر التقسيم أو الإحتلال، ويخشى الكثيرون من أن تؤدي السياسة الحالية التي تقترب من تنفيذ إملاءات تركية وأمريكية إلى مزيد من التوترات، مما يُعقّد الجهود لاستعادة وتحرير الجولان المحتل وباقي مناطق الشمال والشرق السوري من التدخلات الأجنبية.

ختاماً، تُظهر الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي مر بها المواطنون السوريون، بمن فيهم سكان الجولان المحتل الحاجة الملحة لتبني سياسات الحوار والحل السياسي التي تعزز من تحقيق حقوقهم وتحسين ظروف حياتهم، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ولا بد من التأكيد على أن الجولان المحتل لا يزال يمثل رمزًا للمقاومة والصمود، وحق الشعب السوري في استعادة أراضيه هو حق غير قابل للتصرف. وفي ظل الحكومة الجديدة أو غيرها، يجب على المجتمع الدولي تنسيق الجهود والدعم لتحقيق السلام والمصالحة وإعطاء الحق لإصحابه، بما يضمن مستقبلًا أفضل لمواطني الجولان وعودةٌ للكرامة الوطنية السورية مع ضرورة التركيز على الوحدة الوطنية بين أطياف المجتمع كافة لمواجهة التحديات المحيطة.


محمد يزن حمادي

1.  https://www.youtube.com/watch?v=dda5qvtZuz4
2. arabi21.com/story/1648084/الشرع-يعلق-لأول-مرة-على-الاعتداءات-الإسرائيلية-هل-سترد-سوريا
3. https://www.youtube.com/watch?v=j1zR0gT0zeM
4.  aawsat.com/العالم-العربي/المشرق-العربي/5101605-3-قتلى-في-سوريا-بضربة-إسرائيلية-استهدفت-لأول-مرة-قوات-من-السلطة