التنسيق بين إيران وروسيا

خلال الأيام الماضية لاقت زيارة وزير الخارجية الروسي إلى إيران تغطية إعلامية واسعة. هذه الزيارة التي جاءت مباشرة بعد المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول أوكرانيا، وأيضًا بعد زيارة السيد لافروف إلى تركيا ولهذا اكتسبت أبعادًا أكثر أهمية.

مارس 7, 2025 - 15:10
التنسيق بين إيران وروسيا
التنسيق بين إيران وروسيا
خلال الأيام الماضية لاقت زيارة وزير الخارجية الروسي إلى إيران تغطية إعلامية واسعة.(1) هذه الزيارة التي جاءت مباشرة بعد المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول أوكرانيا، وأيضًا بعد زيارة السيد لافروف إلى تركيا ولهذا اكتسبت أبعادًا أكثر أهمية. تربط إيران وروسيا علاقات وثيقة، وقد ازداد عمق هذه العلاقات في السنوات الماضية. بعد تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الذي أرسل إشارة إيجابية لروسيا من خلال سياسته الهادفة لإنهاء الحروب العبثية و توصلت روسيا والولايات المتحدة في اجتماع عُقد في الرياض إلى تفاهمات حول كيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا. يمكن أن تحمل زيارة وزير الخارجية الروسي إلى إيران بعد هذه الأحداث أبعادًا هامة سنتناولها فيما بعد.

يُعتبر إلتقاء مثلث إيران والصين وروسيا أحد القضايا التي ظهرت بوضوح في مخططات صانعي السياسة في الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تفكيك جبهة الشرق من حلفائها. هذا البرنامج الذي كان موجودًا في سياسات أمريكا منذ زمن طويل وقد تم وضع خطط خاصة لكل من دول جبهة الشرق. الهدف النهائي من هذا التصميم هو مواجهة الصين في ظل سعي الدول الأخرى في تلك الجبهة إلى سحب دعمها عنها.

قد تكون تنازلات الولايات المتحدة لروسيا حول تقسيم أوكرانيا ولإيران من أجل تخفيف العقوبات أدوات للولايات المتحدة والجبهة الغربية حتى لا تكون روسيا وإيران عائقًا أمام سياسات واشنطن. قد تكون زيارة لافروف إلى إيران بمثابة إبطال لمخطط الجبهة الغربية وتظهر المزيد من التكامل بين مثلث جبهة الشرق لمواصلتهم في مواجهة السياسات الأحادية الأمريكية.(2)

يبدو أن رسم سياسات منطقة غرب آسيا، بعد سقوط حكومة الأسد في سوريا وكذلك وقف إطلاق النار في لبنان وفلسطين المحتلة، هو وقت مناسب لدول إيران وروسيا لرسم سياساتهما في منطقة غرب آسيا.(3) تمتلك روسيا دافعًا كبيرًا للتعاون المشترك مع إيران بعد فقدانها لسوريا كواحدة من أبرز قواعدها في منطقة غرب آسيا. من جانبها تمتلك إيران برنامجًا خاصًا للمنطقة وبمساعدة روسيا يمكنها تنفيذ هذا المخطط العملي الخارجي.

التعاون مع أوروبا، شهدت الدول الأوروبية في الأسابيع الماضية اختلافات مع الولايات المتحدة حول قضية أوكرانيا.(4) وقد أوجدت هذه المسألة أرضية مناسبة للدول الشرقية لتقديم نفسها من خلال إجراء مفاوضات مع هذه الدول، مما يساهم في إبعاد أوروبا عن الولايات المتحدة. يمكن أن تكون زيارة وزير الخارجية الروسي إلى إيران آخر الاستشارات في هذا المجال لتنفيذ هذا المشروع.

في الأشهر الماضية بدأت إيران مفاوضات نووية مع ثلاث دول أوروبية. يمكن أن تستمر هذه المسيرة بشكل منتظم بمساعدة الصين، التي ترتبط بعلاقات جيدة مع الدول الأوروبية منذ فترة طويلة. كلما وسّعت الدول الشرقية علاقاتها مع أوروبا زادت من قوتها للضغط على إدارة ترامب. تدرك الحكومة الأمريكية جيدًا أنه من أجل إحياء اقتصاد البلاد تحتاج إلى تجنب التوترات وتبنّي سياسات أكثر مرونة في علاقاتها الدولية.

بشكل عام، يمكن القول إن زيارة وزير الخارجية الروسي إلى إيران تحمل أبعادًا مهمة. في ظل العقوبات يمكن لكل من روسيا وإيران خلق برامج مشتركة لإنشاء طرق تجارية خاصة بهما. ينبغي على اقتصاد البلدين في مواجهتهما للعقوبات المستهدفة التي فرضتها إدارة ترامب أن يعزز من مرونته. إنهاء الحرب في أوكرانيا قد يكون فرصة مناسبة لكل من إيران وروسيا، ويساعد طهران بشكل كبير على زيادة طرق الالتفاف حول العقوبات. يمكن أن تشمل نتائج زيارة السيد لافروف إلى إيران، وفقًا لاستنتاج القضايا المهمة زيادة استثمارات روسيا في ممر الشمال-الجنوب، وزيادة التبادلات الاقتصادية والتشاور في مجال المفاوضات النووية.

في ظل الظروف الحالية، حيث يواجه ترامب سياسة جديدة في بداية فترة رئاسته في البيت الأبيض، يحتاج إلى الاستفادة من تجارب بعضهم البعض لوضع تصميم مشترك. يمكن أن يكون التنسيق والتعاون بين ايران وروسيا والصين سلاحاً فعالاً في مسار مكافحة سياسات الولايات المتحدة.



أميرعلي يگانه


1. https://www.reuters.com/world/russias-lavrov-will-visit-iran-tuesday-russian-foreign-ministry-says-2025-02-25