وقف إطلاق النار وموقف حزب الله
لقد كان الصهاينة يسعون من خلال اتفاق وقف إطلاق النار المقترح إلى تفكيك قوة حزب الله أولاً، وثانياً إلى القضاء على قوة حزب الله على الحدود ولكن حتى الآن لم يحققوا نجاحًا فعليًا في ذلك. فيما يتعلق بحزب الله وسبب قبوله لهذا الاتفاق وطرح بعض التساؤلات حول هذه المسألة هناك نقاط يجب أخذها بعين الاعتبار ودراستها.
لقد كان الصهاينة يسعون من خلال اتفاق وقف إطلاق النار المقترح إلى تفكيك قوة حزب الله أولاً، وثانياً إلى القضاء على قوة حزب الله على الحدود ولكن حتى الآن لم يحققوا نجاحًا فعليًا في ذلك. فيما يتعلق بحزب الله وسبب قبوله لهذا الاتفاق وطرح بعض التساؤلات حول هذه المسألة هناك نقاط يجب أخذها بعين الاعتبار ودراستها.
إحدى المسائل المطروحة هي: لماذا وافق حزب الله على هذا الاتفاق؟ يجب أن يُقال في هذا الصدد إن حزب الله لم يقبل جميع شروط الاتفاق وهناك نقاط خلاف عديدة. لكن من حيث العموم فإن الاتفاق مقبول من الطرفين. النظام الصهيوني الذي ركز كل جهوده على القضاء على حزب الله عبر تنفيذ إجراءات مختلفة بدءًا من تفجيرات الهواتف المحمولة وصولاً إلى اغتيال أمينه العام، قد بات الآن مضطرًا لقبول وقف إطلاق النار مع الحكومة اللبنانية وحزب الله. إن هذه المسألة تدل على الهزيمة الكبرى لهذا النظام في مساعيه للقضاء على حزب الله.
علاوة على ذلك لم يحقق النظام الصهيوني أي من أهدافه المعلنة مثل القضاء على حزب الله أو نزع سلاحه أو إرجاع النازحين إلى الشمال. لذلك فإن القبول بشروط وقف إطلاق النار كان أكثر كلفة على هذا النظام من أي جهة أخرى.
وهنا يطرح سؤال آخر: هل يعني هذا الاتفاق أن مسألة وحدة الساحات ودعم غزة من قبل حزب الله قد تلاشت؟ في الإجابة على ذلك، يتوجب القول إن حزب الله لا يزال يؤمن بدعمه الكامل لغزة ولا يوجد أي نقاش أو عنوان يتحدث عن هذا الأمر. الآن يطرح البعض اقتراح وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا كدليل على أن حزب الله يجب ألا يقوم بأي عمل عسكري مما يعني عدم دعمه لغزة. بالنسبة لهذه المسألة يجب الإشارة إلى أنه من غير المحتمل أن يلتزم هذا النظام بالاتفاق حيث قام خلال الأيام القليلة الماضية بانتهاك عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار وهذا سيكون عاملاً مهيئًا للأعمال اللاحقة لحزب الله.
مسألة أخرى تطرح هي حول انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني. في هذا السياق يجب أن يُقال إنه في عام 2006، تم طرح نفس المسألة في القرار 1701 ولم يحدث مثل هذا الأمر قط لأن منطقة جنوب لبنان هي القاعدة الرئيسية للمقاومة والناس في هذه المنطقة متعلقة بالمقاومة وعودتهم إلى هذه المناطق تعني عودة المقاومة. وبالتالي لا توجد مخاوف خاصة في هذا الصدد كما أن النظام الصهيوني على دراية بذلك.
يتحرك حزب الله بالتنسيق مع عملية كبيرة تعكس مصالح الشعب اللبناني وحكومة هذا البلد وهذه المسألة تدل على نجاح إدارة رصد ومراقبة وقف إطلاق النار في لبنان، وأسباب المقاومة المستقبلية في لبنان. حيث إن النازحين من جنوب لبنان بدأوا في العودة إلى مناطقهم الجنوبية واحتفلوا بهذا الانتصار في حين لا يزال النازحون من المناطق الشمالية لفلسطين المحتلة غير قد عادوا. يسعى النظام الصهيوني إلى إعادة تعريف وضع الشمال كمسألة عادية حتى لا تلعب هذه الجبهة دورًا في حرب غزة ولهذا السبب يتطلع إلى وقف إطلاق نار مدته 60 يومًا لتنفيذ ضربات قاسية ضد حماس بهدف عدم تحقيق وحدة الساحات والقتال على محور واحد بدلاً من عدة محاور. في الواقع يفضل النظام الصهيوني الحرب على محور واحد على الحرب متعددة الجبهات لدى محور المقاومة. ومن خلال وقف إطلاق النار يسعى الصهاينة إلى فصل الجبهة الداعمة لغزة وهي لبنان بالكامل وعدم السماح لحزب الله بتنفيذ أي عمليات ضد هذا الكيان.
بشكل عام يمكن القول إنه نظرًا لأن النظام الصهيوني لم يحقق أهدافه في الساحة الميدانية، وأهمها انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني ولأنه يعاني من ضعف القوات وهشاشتها داخل الأراضي المحتلة فقد اضطر إلى قبول وقف إطلاق النار. ومع ذلك ونظرًا لطبيعة هذا النظام يبدو أن استمرارية اتفاق وقف إطلاق النار ليست احتمالية قوية وأن هذا التوقف في القتال والتوترات لمدة 60 يومًا هو بمثابة فترة لإعادة بناء القوة والتنفس كما شهدنا في عدة مناسبات منذ يوم إعلان وقف إطلاق النار وحتى الآن حيث تم انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار عدة مرات وهو ما لن يسكت عليه حزب الله بسهولة.