موسم التغيير في السياسة التركية
في 31 آذار الماضي، شهدت تركيا إجراء انتخابات محلية وإقليمية لتحديد وانتخاب رؤساء بلديات أكثر من 80 مدينة وقرية، ورؤساء البلديات والمخاتير والولاة والمجالس القروية. وأخيراً، وبعد فرز الأصوات، تمكن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض (CHP) من التفوق على حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية لأول مرة منذ 20 عاماً، ليعيش أردوغان أكبر تجربة هزيمة سياسية له.
في 31 آذار الماضي، شهدت تركيا إجراء انتخابات محلية وإقليمية لتحديد وانتخاب رؤساء بلديات أكثر من 80 مدينة وقرية، ورؤساء البلديات والمخاتير والولاة والمجالس القروية. وأخيراً، وبعد فرز الأصوات، تمكن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض (CHP) من التفوق على حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية لأول مرة منذ 20 عاماً، ليعيش أردوغان أكبر تجربة هزيمة سياسية له.[1] وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد صرح في وقت سابق أن من يفوز بإسطنبول هو الفائز بتركيا. وإذا كان الأمر كذلك، كما يبدو، فإن تحديات هذه الانتخابات ستكون كبيرة بالنسبة لأردوغان وحزبه.
بداية جدير بالذكر أن أهمية هذه الانتخابات تبرز عندما تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليلة فوزه في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، عن قيام الحزب الحاكم لاستعادة هاتين المدينتين في الانتخابات البلدية من الحزب المنافس والمعارض للحكومة، وقال : "إن استرداد المفتاح وإدارة مدينتي إسطنبول وأنقرة هو أحد الأهداف الحيوية لحزب العدالة والتنمية". [2] لكن إعلان نتائج الانتخابات البلدية أظهر أنه بعد أقل من عام من تلك الليلة، لم يصبح أردوغان وحلفاؤه في هذا الحزب خارج إدارة هاتين المدينتين؛ بل سلموا مفتاتيح إدارة أهم المدن في معظم المحافظات، وخاصة المناطق الاستراتيجية، للتيار المنافس، أي حزب الشعب الجمهوري والأحزاب الإسلامية الجديدة. وبحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية، أظهر فرز الأصوات أن حزب الشعب الجمهوري التركي حصل على 37.77% من الأصوات، وحزب العدالة والتنمية على 35.49% من الأصوات.[3]
ويجب أن نتذكر أن نتائج الانتخابات البلدية في تركيا، من ناحية، تعكس التغيرات السياسية والاجتماعية في المستقبل القريب لهذا البلد، ومن ناحية أخرى، مع حدوث صراعات في بعض المناطق الكردية بعد ظهور مسألة استعادة المقعد البلدي من الأحزاب الكردية، مما يشير إلى وجود فجوة ضخمة في الحكم في قلب السياسة التركية، بحيث يبدو أن التيار الحاكم قد تقبل الهزيمة؛ ولكنه متردد في قبول العواقب المترتبة على هذا الزلزال السياسي.
في الحالة الأولى، وبعد الإعلان الرسمي عن نتائج فرز الأصوات وانتخاب رئيس بلدية مدينة وان في تركيا، أعلنت السلطات التركية أن فوز المرشح المنتخب "عبد الله زيدان" السياسي و مرشح الحزب الكردي في الانتخابات البلدية في هذا البلد "باطل" وفاقد للأهلية، والذي شهدت على إثره احتجاجات وتوترات في عدة مدن تركية احتجاجاً على هذا الإجراء. واستبعدت لجنة الانتخابات المحلية المرشح المختار بسبب التهم التي تسببت في إدانته ومعاقبته في الماضي، وأعلنت أنه يدعم حزب العمال الكردستاني المعروف باسم حزب (ب.ك.ك) والذي يعتبر "مجموعة إرهابية".[4] وتذكرنا إقالة عبد الله زيدان بتعيينات رؤساء البلديات التي قامت بها وزارة الداخلية بعد الانتخابات المحلية التي شهدتها تركيا عامي 2014 و2019، والتي اختارت خلالها الوزارة بدلاء للمسؤولين المنتخبين من قبل الشعب.
ونتيجة لتصرفات الحكومة المركزية، شهدت مدينة ديار بكر جنوب شرق تركيا اشتباكات أسفرت عن مقتل شخص على الأقل وإصابة أكثر من 12 شخصا على هامش الانتخابات البلدية.[5] في الوقت نفسه شهدت مدينة فان التركية اشتباكات عنيفة بين الأهالي والشرطة يوم الأربعاء (2آذار) وخرج أهالي مدينة فان إلى الشوارع واشتبكوا مع الشرطة احتجاجا على إقالة عبد الله زيدان عمدة هذه المدينة المنتخب واستبداله ب عبد الأحد أرواس.[6]وبعد مدينة فان، في ليلة الأربعاء، شهدت مدن مثل بدليس واسطنبول ومرسين وهاتاي اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأخيرا، في مدينتي فان وبدليس، تم فرض حظر التجول وظروف أمنية مشددة لمدة 15 يوما على الأقل.
في النهاية، تجدر الإشارة إلى أنه بعد عامي 2012 و2013، أثناء وبعد المفاوضات مع أوجلان، أصبحت العلاقات بين الحكومة المركزية في تركيا والأكراد باردة تدريجياً وكان الأكراد يتعرضون دائماً للضغوط، ومن القضايا التقليدية عنهم أنهم كلما حصلوا على بلدية منطقة ما، عادة ما يتم أخذ هذا الحق منهم من قبل حزب العدالة والتنمية بمرسوم. ومؤخراً حدث نفس الشيء في مدينة أورفا؛ وفاز مرشح مدعوم من الأحزاب الكردية في البلدية، لكن تم إلغاء الصندوق هناك وبدأ الأكراد يحتجون على ضياع حقهم، مما واجهوا أقسى معاملة من قبل الشرطة. بشكل عام كانت هناك دائمًا دورة للتوترات فيما يتعلق بالبلديات، وفي العقد الماضي، تمت استعادة بعض البلديات التي وصلت إلى الأكراد من قبل حزب العدالة والتنمية والأحزاب المتحالفة مع الحزب الحاكم وعلى سبيل المثال، كانت هناك حالات قام فيها حزب العدالة والتنمية، بدعم من الحزب القومي المتطرف التابع للحركة الوطنية MHP"" بقيادة حكومة باغجي لي، باستعادة البلدية من الأكراد، ويبدو أن هذه الدورة لا تزال مستمرة وعواقبها تزداد توتراً في كل مرة.
[1] https://medyascope.tv/2024/04/01/dis-basinda-yerel-secim-2024-erdoganin-en-buyuk-yenilgisi/
[2] https://sputniknews.com.tr/20230601/abd-medyasi-erdogan-10-ay-sonraki-secimde-istanbulu-geri-almak-icin-simdiden-calismalara-basladi-1071878232.html
[3] https://secim.aa.com.tr/
[4] https://channel8.com/persian/15562
[5] https://kayhan.ir/001CJ2
[6] https://gazeteoksijen.com/turkiye/vanda-bugun-neler-yasandi-207450