مجموعات الجولاني ومنافذ التهريب الحدودية في سورية
شهدث الحدود السورية اللبنانية منذ عدة أيام تصعيداً وتوتراً واضحاً، بدأ مع إطلاق إدارة الأمن العام السورية في القيادة الجديدة حملة أمنية كبيرة شملت جميع المناطق والقرى والحدودية في ريف حمص الغربي المتاخم للحدود اللبنانية وذلك لضبط تهريب المواد المخدرة وملاحقة تجار المخدرات في تلك المناطق وضبط الحدود من عمليات التهريب النشطة في هذه المنطقة
![مجموعات الجولاني ومنافذ التهريب الحدودية في سورية](https://ar.iuvmpress.co/uploads/images/202502/image_870x_67b00cb69ce00.jpg)
شهدث الحدود السورية اللبنانية منذ عدة أيام تصعيداً وتوتراً واضحاً، بدأ مع إطلاق إدارة الأمن العام السورية في القيادة الجديدة حملة أمنية كبيرة شملت جميع المناطق والقرى والحدودية في ريف حمص الغربي المتاخم للحدود اللبنانية وذلك لضبط تهريب المواد المخدرة وملاحقة تجار المخدرات في تلك المناطق وضبط الحدود من عمليات التهريب النشطة في هذه المنطقة. طبعاً هذا ما صرحت به القيادات التي تتبع للجولاني، وقد انتشرت أعداد كبيرة من المجموعات القتالية من فصائل معروفة ومتطرفة وبدأت تشن حملة أمنية واسعة على القرى السورية الحدودية والتي تسكن فيها عشائر لبنانية منذ عقود مضت وهم من عائلات معروفة مثل زعيتر وجعفر ونون و.. وكانت على زمن النظام السابق توالي حزب الله اللبناني ونظام الأسد.
الآن وبعد التغييرات الأخيرة، أعلنت السلطات السورية الحالية عن حملة ضد انتشار تجارة المواد المخدرة عبر الحدود السورية و الحدود اللبنانية واستقدمت الكثير من العتاد والعديد ولوحظ استخدام الأسلحة الثقيلة والتي كما وردت المعلومات أدت إلى استهداف بعض مواقع للجيش اللبناني ومباني سكنية ومدنية. وخلال هذه الحملة تصاعدت الأوضاع وبدأ الجيش اللبناني بالرد على مصادر النيران وقصف النقاط التي بدأ منها إطلاق القذائق المتوسطة والثقيلة من الأراضي السورية، وكان هذا التصرف من قبل الدولة اللبنانية وقيادة الجيش اللبناني استدراكاً لوضع المنطقة وخصوصيتها وخوفاً من الإنفلات الأمني الذي قد يحصل نتيجة سيطرة هذه المجموعات المسلحة ذات التبعية الإرهابية.
في ذات السياق، تقول مصادر الجيش اللبناني إن الإرهابيين يستهدفون عمدًا مواقع وجود الجيش اللبناني والمناطق السكنية بالقصف المدفعي. وقد أمر الجيش اللبناني بالتدخل لمواجهة هذه الهجمات بعد أن أبلغت مصادر أمن المعلومات اللبناني بأن هدف الإرهابيين من هذه الهجمات هو إدخال لبنان في أزمة (على عكس الادعاءات التي أطلقها بعض الإرهابيين المرتبطين بأردوغان الذين قالوا إنهم يرغبون في الحفاظ على أمن الحدود مع الدول المجاورة ولا توجد لديهم أي نزاعات مع هذه الدول!).
وفقًا لهذا التقرير الأمني، وبالنظر إلى وجود مئات الآلاف من النازحين السوريين في لبنان، والعديد منهم يشعر بالتعاطف مع الإرهابيين المسيطرين على دمشق، هناك تقارير تشير إلى وجود خلايا نائمة بينهم قد تحول لبنان في أي لحظة إلى ساحة صراع. وبناءً على ذلك يُقال إن دخول الجيش اللبناني إلى هذه الاشتباكات لمنع تفشيها داخليًا هو خطوة في الوقت المناسب وذكية لضبط الوضع الأمني.
وفي ردهم على الاتصالات التي أجراها المسؤولون اللبنانيون، ادعى الإرهابيون التكفيريون المرتبطون بأردوغان أن هدفهم من هذه الإجراءات هو مكافحة تجارة المخدرات، طبعاً من الغريب أن إهتمامهم ينصب على هذا الموضوع، ويبدو أن الهدف النهائي من هذه الإجراءات هو السيطرة على تجارة المخدرات وغيرها لتصبح بأيدي هؤلاء الإرهابيين).
يحدث هذا في حين تحولت الحدود بين لبنان وسورية إلى أكبر مركز لتهريب الوقود إلى داخل سورية. ويُقال إنه مع الأزمة الشديدة في نقص الوقود داخل سورية تدخل العشرات من الشاحنات والسيارات المحملة بالوقود يوميًا عبر المعابر غير القانونية وتبيع بضائعها للمشترين السوريين أمام أعين عناصر جبهة النصرة والمجموعات التابعة للجولاني.
ومع ذلك وعلى عكس ادعاءات الإرهابيين بشأن محاربة التهريب، يرى محللون إن هذه المجموعات تسعى إلى مراقبة التجارة الحدودية داخل سورية بكل السبل الممكنة، حيث إن تجارة المخدرات غير القانونية كانت قد أصبحت واحدة من السبل التي استخدمها النظام سابقاً و ربما الإرهابيون التكفيريون حاليا لإدارة الأوضاع الداخلية في سورية بسبب العقوبات والضغوط الاقتصادية ونقص بعض السلع مثل المنتجات النفطية. من ناحية أخرى يُقال إنهم بناءً على خطة قدمها الصهاينة فإنهم يرغبون في السيطرة على المعابر الحدودية مع لبنان لمنع استخدمها مجدداً لتهريب الأسلحة والذخائر إلى حزب الله في لبنان وليفقد الحزب نفوذه في هذه المنطقة.
في الواقع، من الطبيعي أن تسيطر مثل هذه المجموعات على أهم المنافذ الحدودية التي كان حزب الله يعتمد عليها سابقاً خلال حكم الأسد والتي كانت تعتبر الداعم الأساسي للحزب أثناء حربه مع الكيان الإسرائيلي، وأما الآن ومع حل ماكان يسمى "الجيش العربي السوري" سابقاً والتخلص من أهم الأسلحة الاستراتيجية التي كانت تشكل خطراً وجودياً على إسرائيل، بات من الضروري الحفاظ على أمن إسرائيل وعدم إحياء أي قوة تشكل خطراً على القوات الإسرائيلية التي باتت تتجول في الجنوب السوري وتتقدم كل يوم باتجاه عمق الأراضي السورية واللبنانية لتوسع نفوذها وتمنع أي دعم يصل من مؤيدي حزب الله أو تشكيل جبهة مقاومة جديدة أمام إسرائيل.
الخلاصة، تسعى السلطة الحالية إلى تنفيذ مشروعها الإرهابي التقسيمي من خلال تفكيك المناطق وتهجير سكانها بأي شكل من الأشكال؛ لكي تبقى فيها الأغلبية المؤيدة لهم التي تضمن جبهة هادئة غير معادية لأسرائيل، ولكي يكتمل مشروعهم الطائفي في تقسيم المناطق إلى طوائف ومذاهب معينة لتبقى بعيدة عن أي مظهر من مظاهر التوحد والتماسك، وهذه هي أهم مهمة غير معلنة جاءت من أجلها هذه المجموعات الإرهابية إلى الحكم في سورية، وهكذا ينشغل السوريون بحروب داخلية طائفية فيما بينهم ويتلاشى كل مايسمى فكر المقاومة ضد المحتل مهما تكن جنسيته؛ فالتركي محتل والأمريكي محتل والإسرائيلي محتل طالما يأخذ أراضي سورية وينهب خيراتها وثرواتها.
محمد يزن الحمادي