مجلس اللاّأمن!

تأسس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إطار السعي لضمان الأمن العالمي وتعزيز السلام بين الشعوب. الهدف الرئيسي من هذا المجلس هو منع الفوضى وتحقيق النظام العالمي واستقراره. ومع أن الجميع على دراية بمهام هذا المجلس، يبدو أنه في العقود الأخيرة قد اكتسب طابعًا سياسيًا بارزًا حيث أصبح أكثر اهتمامًا بتلبية مطالب القوى الكبرى بدلاً من أداء واجباته كما ينبغي.

نوفمبر 8, 2024 - 08:44
مجلس اللاّأمن!
مجلس اللاّأمن!

تأسس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إطار السعي لضمان الأمن العالمي وتعزيز السلام بين الشعوب. الهدف الرئيسي من هذا المجلس هو منع الفوضى وتحقيق النظام العالمي واستقراره. ومع أن الجميع على دراية بمهام هذا المجلس، يبدو أنه في العقود الأخيرة قد اكتسب طابعًا سياسيًا بارزًا حيث أصبح أكثر اهتمامًا بتلبية مطالب القوى الكبرى بدلاً من أداء واجباته كما ينبغي.

مجلس عديم الكفاءة!

لقد أظهرت تصرفات مجلس الأمن السلبيّة والمتحيزة في العقود الأخيرة أكثر من أي وقت مضى عدم كفاءته. إن سياسة المجلس التي تتجلى في العمل السياسي ودعمه للأطراف القوية أو حلفاء الغرب، قد أسهم في توسيع الفوضى في هيكلية النظام الدولي. يتضح هذا النهج بشكل خاص في تعامل المجلس مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فمنذ اغتيال الجنرال قاسم سليماني وصولاً إلى اغتيال إسماعيل هنية في طهران وهجوم إسرائيل على القنصلية ثم الأراضي الإيرانية، اتخذ مجلس الأمن مواقفًا عديمة الجدوى بعيدًا عن القوانين الدولية. وقد أظهر هذا المجلس أنه أكثر من مجرد هيئة تسعى لإدارة وحفظ النظام في النظام الدولي، بل تحول إلى مكان للضغط واللوبيات السياسية على الخصوم.

من النقاط الهامة الأخرى أن أرواح البشر لا يبدو أن لها قيمة كبيرة في هذا المجلس بل حتى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ليست محصنة ولا تشعر بالأمان ضد بعض القوى، مثل الكيان الإسرائيليلي. لذا يمكن القول إن مجلس الأمن يقوم اليوم بمهمة كبيرة تتمثل في تدمير النظام والبنية الحالية للنظام الدولي، سواء أراد ذلك أم لا، فهو يعجل بقراراته المتحيزة من حدوث تغييرات تحاكي الخطر للبشرية جمعاء.

لماذا تقدمت إيران بشكوى إلى مجلس الأمن؟

قدمت إيران مؤخرًا شكوى إلى مجلس الأمن بشأن الهجمات الإسرائيلية على بنيتها التحتية وبعض المصالح الإقليمية. تأتي هذه الشكوى في سياق واجبات المجلس ذات الصلة، حيث تسعى إيران من خلال الدبلوماسية واستخدام الأدوات السياسية والدولية لإظهار أنها لا تسعى لزيادة التوتر. تُعتبر الهجمات الجوية والسايبيرية الإسرائيلية انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية الإيرانية. وفقًا للمادة 2 (الفقرة 4) من ميثاق الأمم المتحدة، يتعين على جميع الدول الامتناع عن أي تهديد أو استخدام القوة ضد سيادة وسلامة أراضي الدول الأخرى. تُعتبر هذه الفقرة واحدة من المبادئ الأساسية للقانون الدولي في ميثاق الأمم المتحدة وتلعب دورًا مهمًا في إدانة الأعمال العدائية ضد الدول.

علاوة على ذلك وفقًا للمادة 51، يحق للدول أن تمارس الدفاع المشروع في حال وقوع هجوم مسلح ضدها، وإبلاغ مجلس الأمن بذلك. ومن خلال الاستناد إلى هذه المادة أعلنت إيران أنها تحتفظ بحقها في الدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء. في الواقع تسعى الجمهورية الإسلامية إلى استخدام الإمكانات الدولية للحصول على الشرعية اللازمة للرد فضلاً عن منع تشكيل توافق عدائي ضدها.

تسعى إيران لإثبات أن نظام إسرائيل يعطل السلام والاستقرار في المنطقة، ويجب على مجلس الأمن وفقًا للمادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة، التدخل للسيطرة على الوضع ومنع تصاعد التوتر. ولكن المسألة المهمة هي أن ارتفاع مستوى الصراع يبدو كميزة قيمة للقوى الكبرى، حيث يمكنهم تنفيذ سياساتهم المفضلة في الهيكل السياسي للعالم، بينما تدفع منطقة جنوب غرب آسيا ثمن تلك الطموحات.

بمعنى آخر إذا لم يعمل مجلس الأمن وفق واجباته، فلن يكون أمام إيران خيار سوى استخدام حقوقها المشروعة والطبيعية وفق ميثاق الأمم المتحدة، وقد قامت بإبلاغ المجلس عبر تقديم شكوى. كما أن إيران قد نبهت دول العالم المختلفة إلى عدم كفاءة هذه الهيئة وطابعها السياسي. من خلال هذا الإجراء أتمت إيران واجباتها الدبلوماسية اللازمة وأعادت تأكيد احترامها لهيئة الأمم المتحدة، وحافظت على فرصة الرد المبني على حق الدفاع المشروع. على الرغم من أن القوى الغربية ترفض هذا الأمر فإن تصرفات الحكومات الغربية تمهد الطريق لابتكار جديد في هيكل النظام الدولي، والذي من المؤكد سيلحق بهم الأذى كذلك. ودعم دورة العنف التي يمارسها نظام إسرائيل يعني إعطاء الضوء الأخضر للعنف في أماكن أخرى من العالم.

امین مهدوی