قانون الهجرة الفرنسي الجديد وتراجع حقوق الإنسان؟

عملت فرنسا في الفترة الماضية على تغيير قوانين الهجرة زذلك منذ أكثر من 18 شهرًا. وأخيراً حدث يوم الثلاثاء الماضي تغيير جديد وتم تغيير قانون الهجرة في هذا البلد بعد 4 عقود .

ديسامبر 28, 2023 - 14:56
قانون الهجرة الفرنسي الجديد وتراجع حقوق الإنسان؟
قانون الهجرة الفرنسي الجديد وتراجع حقوق الإنسان؟

عملت فرنسا في الفترة الماضية على تغيير قوانين الهجرة زذلك منذ أكثر من 18 شهرًا. وأخيراً حدث يوم الثلاثاء الماضي تغيير جديد وتم تغيير قانون الهجرة في هذا البلد بعد 4 عقود . تمت الموافقة على مشروع قانون الهجرة الجديد في مجلس النواب بأغلبية 349 صوتًا مقابل 186 صوتًا ضده. وسبق أن تمت الموافقة على مشروع القانون هذا في مجلس الشيوخ الفرنسي بأغلبية 214 صوتا مقابل 114 صوتا ضده. و وصفت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، ذلك بأنه انتصار أيديولوجي، وأمام جان لوك ميلينشون، زعيم أقصى اليسار الشعبوي في فرنسا، وصف أيضا انتصار الحكومة، الذي كان قد تحقق بالتعاون مع اليمين المتطرف، بأنه "مثيرة للشفقة"[1].

ما هي القوانين الجديدة؟

 لقد رفضت أحزاب المعارضة مشروع القانون الأساسي في البداية ولم يتم البت فيه، ولكن تم تشكيل لجنة برلمانية خاصة على الفور وقدمت نصًا جديدًا أكثر صرامة. وكانت هذه الخطة قريبة جدًا من آراء اليمين المتطرف واستطاعت كسب بعض أصواتهم. ومن شأن مشروع القانون أن يقلل من حصول الأجانب على مزايا الرعاية الاجتماعية، ويجعل من الصعب على الطلاب الأجانب الدخول والحصول على الإقامة الدائمة. وفي جزء مهم آخر من مشروع القانون هذا، تم جعل الاستفادة من بعض مزايا الضمان الاجتماعي للأجانب مشروطة بقضاء خمس سنوات في فرنسا أو العمل لمدة 30 شهرا في هذا البلد. ويأذن مشروع القانون أيضًا للحكومة باتخاذ إجراءات صارمة لإزالة العمال غير الشرعيين في قطاعات مثل صناعة البناء وقطاعات الرعاية الصحية والفنادق والمطاعم التي تواجه نقصًا في العمالة.

الإنقسام في الحكومة

ونظرا لأن الحكومة الفرنسية لا تتمتع بأغلبية برلمانية، فقد أعلنت أن إقرار مشروع القانون يعد انتصارا كبيرا لنفسها، رغم أنه تحقق بدعم من اليمين المتطرف. لكن يبدو أن صلاحية مشروع القانون هذا هي أكثر بالنسبة للسيدة لوبان، وقد ذكرت أن هذه القوانين جاءت نتيجة احتجاجات حزبها وجهوده[2].

وبالإضافة إلى هذه المسألة، يبدو أن هذه الحادثة أدت إلى ظهور خلافات بين الأغلبية المعتدلة. وهناك احتمال أن تتفاقم الخلافات في الحكومة وأن يستقيل بعض الوزراء. وقد بدأ ذلك بالفعل باستقالة وزير الصحة.

كما أن العديد من مؤيدي الحكومة صوتوا ضد مشروع القانون هذا أو امتنعوا عنه، وهو ما يظهر خلافات وانقسامات خطيرة داخل الحكومة. ويعتقد المعارضون أن جوهر مشروع القانون هذا مستوحى بالكامل من الأفكار اليمينية المتطرفة وأن حكومة السيد ماكرون زادت من نفوذ اليمين المتطرف. وذلك على الرغم من أن العديد من الفرنسيين صوتوا لصالح ماكرون خلال انتخابات 2022 حتى لا تحكم الأفكار والسياسات اليمينية المتطرفة في البلاد. لقد أضر تصرف ماكرون هذا بمصداقية المعتدلين. وحجة الحكومة الفرنسية هي أنها تحاول من خلال ذلك إدارة أصوات اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية العام المقبل، وتحاول أن تأخذ في الاعتبار فرنسا بأكملها، لكن الحقيقة هي أن العديد من الحركة التقدمية والمعارضة لهذا القانون، قد رفضت هذه الحجة[3].

تراجع حقوق الإنسان

لطالما اعتبرت فرنسا نفسها داعمة لحرية التعبير وحقوق الإنسان، وتحاول الترويج لهذه الصورة النمطية بأنها من بين الدول الأكثر حرية في العالم. تمثل الموافقة على مشروع القانون هذا ضربة قوية لمكانة فرنسا وصورتها النمطية. إذ أعلنت أكثر من 50 منظمة وجماعة، بما في ذلك الاتحاد الفرنسي لحقوق الإنسان، في بيان مشترك، أن مشروع القانون هذا هو الأكثر رجعية في السنوات الأربعين الماضية فيما يتعلق بحقوق الأجانب وظروفهم المعيشية، بما في ذلك أولئك الذين كانوا في فرنسا منذ فترة طويلة. كما وصف البعض مشروع القانون هذا بأنه أقسى بكثير من تصرفات جورجيا ميلوني في إيطاليا، ويعتقدون أن مشروع القانون هذا يمكن أن يعيد تنشيط الانقسامات العرقية والتوترات الشعبية في فرنسا.

ويؤكد مشروع القانون هذا على الأولوية الأولى للفرنسيين، خلافا للمبادئ الأخلاقية التي تعتبر هذه الدولة نفسها دائما حاملة لراية الحرية فيها، وقد تسبب في اختلاف الرأي العام ونظرة الناس إلى فرنسا على المستوى العالمي. ربما كانت هذه الحادثة خيارا صعبا للغاية بالنسبة للسيد ماكرون وهو يحاول تعريف مشروع القانون هذا تحت شعاراته وبرامجه الاقتصادية والاجتماعية، لكن الحقيقة أنه وجه ضربة قاصمة للمستقبل السياسي لحزبه وهو كسب ثقة الشعب الفرنسي كما أن النتائج والعواقب ستكون أكثر وضوحاً في السنوات المقبلة.

امین مهدوی

[1] euronews.com

[2] apnews.com

[3] theguardian.com