صبر إيران الاستراتيجي على نهج حكومة باكو الساعي للتوتر

ابريل 24, 2023 - 07:42
صبر إيران الاستراتيجي على نهج حكومة باكو الساعي للتوتر

    بعد مرور قرابة عامين على الحكومة الثالثة عشرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية برئاسة الدكتور إبراهيم رئيسي، بدأنا نشهد ثمار جهود الحكومة في المجالين الداخلي والخارجي، بالإعتماد على سياسات حسن الجوار مع بلدان الجوار والشراكة الاستراتيجية مع الحلفاء. في الوقت الذي تشهد فيه التطورات الإيجابية في المنطقة لصالح إيران والتقارب مع بعض الدول العربية المهمة، هناك ردود فعل متوترة وعدائية لحكومة باكو ضد طهران، ويبدو أن سياسة باكو المسببة للتوتر لا حدود لها. وفي الموقف الأخير عندما أعلنت حكومة علييف أن أربعة دبلوماسيين إيرانيين أشخاص غير مرغوب فيهم في جمهورية أذربيجان وحاولوا طردهم، بينما اعتقلت قوات الأمن في باكو عدة أشخاص في الأشهر والأسابيع الأخيرة بذرائع مختلفة بما في ذلك اتهامات تتعلق بالارتباط بإيران، والتي نفتها السلطات الإيرانية بشكل قاطع. من ناحية أخرى أشارت السلطات الإيرانية دائمًا إلى تحسين العلاقات مع الجيران كأولوية في السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية ورحبت مرارًا وتكرارًا بخفض التصعيد وتحسين العلاقات، ولكن يبدو أن هناك أسبابًا أخرى وراء الأعمال المسببة للتوتر في حكم علييف في أذربيجان.

في البداية فيما يتعلق بأسباب تصرفات حكومة علييف، يجب الرجوع إلى أساس المشكلة للخطة الخيالية والوهمية لإنشاء ممر يسمى "زانغزور". قضية تعود إلى الصراع بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا في سبتمبر من العام الماضي. عندما اتضح أن تركيز هجمات باكو هذه المرة لم يكن لاستعادة أراضيها المحتلة ومنطقة كاراباخ الجبلية فقط ولكن أراضي جنوب أرمينيا أيضاً، يعني المكان الذي يشمل الحدود بين أرمينيا وإيران. هذا على الرغم من حقيقة أن إيران في عام 2021 وفي الأشهر الأخيرة، أظهرت من خلال الإجراءات الدبلوماسية والتدريبات العسكرية اللاحقة أنها لا تنوي عبور حدودها البرية مع أرمينيا، واعتبرت هذه المسألة مرارًا وتكرارًا جزءًا من الخطوط الحمراء الجيوسياسية لإيران.[1]

ثانيًا يمكن تقييم تصرفات علييف المسببة للتوتر في سياق العلاقات المتنامية مع النظام الصهيوني، ويمكن رؤية دور النظام الصهيوني في خلق التوترات بين طهران وباكو بوضوح. ويأتي ذلك تزاماً مع استمرار خلافات عميقة بين السلطات الصهيونية بسبب استمرار الازمة الداخلية في الاراضي المحتلة ونتنياهو على وشك الانهيار.[2]هذا بالضبط هو الحد الذي وصلت فيه مخاوف نتنياهو إلى ذروتها وشهدت حكومته انقسامًا غير مسبوق و واجهت أزمة الانهيار والحرب الأهلية في إسرائيل. كل هذه الأسباب جعلت نتنياهو في حاجة أكثر من أي وقت مضى لعدو أجنبي أي بمفهوم "آخر" لإحداث انحراف في ذهن الجمهور من أجل خلق توترات ضد إيران خارج حدوده ومن أجل بقائه السياسي. في هذا الصدد كتبت وكالة الجزيرة الإخبارية عن الإجراءات المسببة للتوتر من قبل حكومة علييف، بغض النظر عن الخلافات في العلاقات بين البلدين ربما يكون تعزيز العلاقات بين باكو وتل أبيب قد أجج التوترات بين إيران وأذربيجان من أي شيء آخر.[3] وتجدر الإشارة إلى أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، كان قد أصدر تحذيرات رداً على مواقف وإجراءات حكومة جمهورية أذربيجان، وأشار إلى أن "الأزمة والفوضى عمتا الأراضي الفلسطينية المحتلة والنظام الصهيوني، ويعاني في أكثر أوضاعه الداخلية من عدم استقرار ويسعى إلى طرح أزمات متعددة المستويات داخل الأراضي المحتلة، وتعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنه من الضروري والواجب الديني والضميري التركيز على وحدة العالم الإسلامي وفي نفس الوقت مواجه تطبيع العلاقات مع نظام إسرائيل المجرم والمحتل".[4]

ويشير إلى أن خبراء ومحللين يرون أن إيران حاولت استخدام "إدارة الأزمات التفاعلية" و "الصبر الاستراتيجي" بالإضافة إلى التحركات العسكرية الرادعة على الحدود وعدم ترك مجال الدبلوماسية واللغة السياسية الناعمة. وهذا من وجهة نظر سيادة إيران وليس بسبب الضعف أو التسويف، ولكن لأن حكومة باكو ليست بأي حال من الأحوال مساوية لقوة إيران العظيمة والكبيرة، لذلك فهي لا ترى سببًا لزيادة التوتر. وتجدر الإشارة إلى أنه وفقًا لشهادة العديد من الخبراء الغربيين غالباً تحدت طهران السياسات الإستراتيجية لأكبر قوى العالم في المنطقة، وكانت ولا تزال تواجه مواجهة كاملة وناجحة ضد الغربيين بقيادة الولايات المتحدة وتعرف عمليا الطرف الفائز بلا منازع في هذه المواجهة.[5] لذلك ينبغي تذكير سلطات باكو بأن صبر إيران الاستراتيجي لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، ومن المحتمل بعد فترة من هذا النهج الإستفزازي سيتم الرد على اسلوب باكو التصعيدي بإجراءات حاسمة وحازمة، حيث سنرى في هذه الحالة  انهيار للمجموعة المسماة دولة علييف التي تقدر بحجم أحد محافظات إيران. ومع ذلك فإن المؤكد هو أن جمهورية إيران الإسلامية إلى جانب احترامها لجميع جيرانها، تحذر أيضًا من عدم تهاونها مع أي لاعبين إقليميين أو دوليين فيما يتعلق بتحقيق المصالح والأمن الوطنيين.

 نوید دانشور


[1] http://fna.ir/3brk6z

[2] https://www.nytimes.com/2023/04/01/opinion/israel-protests-netanyahu.html

[3] https://www.aljazeera.com/amp/news/2023/4/8/analysis-will-azerbaijan-iran-tensions-lead-to-war

[4] mehrnews.com/xZSqR

[5] https://www.nytimes.com/2022/08/12/opinion/iran-america-nuclear-policy.html