ثمرة اجتماع سمرقند لحل الأزمات في أفغانستان
اختتم يوم الخميس 13 أبريل/نيسان، الاجتماع المشترك الرابع لدول الجوار لأفغانستان بالإضافة إلى روسيا بحضور وزراء خارجية الدول الست المجاورة لأفغانستان وروسيا في مدينة سمرقند بأوزبكستان، حيث كانت النتيجة حسب تنبؤات سابقة؛ إجراء مفاوضات مكثفة ودراسة الحلول المختلفة في مجال تحسين الاوضاع في افغانستان والمنطقة كما اصدر بيانا مشتركا. في هذا الاجتماع تم بحث وضع أفغانستان والتحديات التي لم تنته بعد من أجل اقتراح حل تنفيذي وعملي للمشاكل التي تبدأ من الإرهاب إلى اقتصاد المنطقة.
أكد الحاضرون في هذا الاجتماع حسب البيان الصادر على أهمية تشكيل نظام حكم جامع وشامل في أفغانستان يعكس مصالح جميع قطاعات البلاد، ويعبرون عن قلقهم إزاء الأوضاع الإنسانية والوضع الاقتصادي المتردي في أفغانستان، والتهديد الخطير الذي تشكله الجماعات الإرهابية المتمركزة في أفغانستان على أمن المنطقة والعالم. كما دعا المشاركون في إشارة إلى أسباب وعوامل الوضع الحالي في أفغانستان إلى أهمية دور الدول المسببة لهذا الوضع والإيفاء بتعهداتها و كذلك الدعم من قبل المجتمع الدولي من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي والنمو لهذا البلد، حتى تكون أفغانستان دولة متنوعة في التعايش السلمي الموحد مع حقها في السيادة والاستقلال للتطور دون تهديدات إرهابية وتهريب المخدرات.
بالنظر إلى البيان المشترك الصادر هناك سؤالان أساسيان سيشغلان أذهان القراء. في بادىء الأمر ما الذي فعلوه المسببون للوضع الحالي المؤسف في أفغانستان لحل هذه الأزمات؟ وثانيًا ماذا ستكون نتيجة هذا الاجتماع المشترك وهل يمكن أن تكون مثل هذه الإجراءات أساسًا لحل الأزمات القائمة في أفغانستان أم لا؟
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجناة الرئيسيين في هذا الوضع المؤسف الحالي هم الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لأن إدارة بوش عام 2001 م عقب حادثة 11 سبتمبر الكاذبة، نفذوا هجومهم على أفغانستان بحجة الانتقام من تنظيم "القاعدة"، لكن خلال فترة احتلال هذا البلد التي دامت 21 عامًا لم تدمر أمريكا مجموعتها الإرهابية التي أنشأتها بنفسها فحسب، بل دمرت أيضًا جميع البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أفغانستان. وبهذه الطريقة اليوم ومن أجل حل هذه المشكلة تعمل دول المنطقة على إزالة الإرث المشؤوم للأميركيين.[1] ومع ذلك من أجل إنهاء هذا الجبن الأبدي أجبر الأمريكيون على مغادرة هذا البلد بشكل مخجل في (أغسطس 2021) وتركوا وراءهم خرابًا يسمى أفغانستان.[2] وفي هذا الصدد أشار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وهو يذكّر بالسياسات الأمريكية الخاطئة في تطوير الإرهاب وانعدام الأمن في أفغانستان ومخاوف إيران من هذا الوضع: "أمريكا وحلفاؤها مسؤولون على حد سواء كمحتل منذ عقدين وكعضو في منظمة الأمم المتحدة ويجب أن تكون مسؤولة عن الوضع في أفغانستان"[3] الآن يجب أن نعود إلى السؤال الأول ونسأل ما هي أسباب الوضع الحالي خلال أكثر من عقدين من الاحتلال؟ الجواب بسيط للغاية: لا شيء تقريبًا.
ولعل هذه القضية والأداء المثير للشفقة لأمريكا وحلفائها في شؤون أفغانستان [4]دفع دول المنطقة إلى السعي لتحسين الأوضاع بمبادرة حذرة واتباع سياسات براغماتية والعمل على تنمية المنطقة وحل المشكلات لديها. ولكن هل هذه الإجراءات يمكن أن تكون أساسًا لحل الأزمات القائمة في أفغانستان أم لا؟ فيجب البحث عن ذلك عند الهيئة الحاكمة المؤقتة لأفغانستان. ربما مع القليل من التفكير يمكن إدراك أنه من خلال التعاون الحقيقي في المنطقة والاهتمام الدولي وكذلك التركيز الأكبر للهيئة الحاكمة المؤقتة لأفغانستان على مسؤولياتها يمكن التغلب على مشاكل أفغانستان، وهذا يتطلب تعاون وتفاعل طالبان قدر الإمكان من أجل تشكيل الحكومة الشاملة على مستوى البلاد بشكل أسرع ومشاركة جميع المجموعات العرقية في أفغانستان. في الأساس يمكن أن تكون أفغانستان مكانًا للتعاون الدولي بدلاً من مسرح للمنافسة الجيوسياسية والأزمات الإقليمية. نذكر أن استمرار هذه الأزمات يمكن أن تكون لها أبعاد إقليمية ودولية أكبر ولا تؤدي فقط إلى المزيد والمزيد من المهاجرين من أفغانستان إلى دول المنطقة والعالم، بل يمكن أن تصبح أيضًا سبباً للعديد من الأزمات الأخرى المضطربة اليوم في العالم. وتجدر الإشارة إلى أنه من أجل حل الأزمات القائمة في أفغانستان بالإضافة إلى عقد مثل هذه الاجتماعات والجهود الإقليمية والدولية، فإن الاهتمام الخاص من قبل الهيئة الحاكمة المؤقتة لأفغانستان أمر حيوي للغاية، لأنه بعد تقديم الحلول المناسبة والمتعددة الأوجه في هذه الاجتماعات والجهود المستمرة للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية ستكون هناك حاجة لتعاون الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي، وبدون هذا التعاون لن يؤدي أي جهد إلى النتيجة النهائية. .
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أنه بالتزامن مع لقاء سمرقند تم نشر صور وصول "أمير خان متقي" القائم بأعمال وزير الخارجية في مجلس الحكم الأفغاني في مدينة سمرقند. لم يكن متقي الذي دعته أوزبكستان إلى سمرقند كمضيف لهذه الجولة من الاجتماعات، حاضرًا رسميًا كمشارك في هذا الاجتماع ولكن على هامش هذا الاجتماع التقى وتحدث مع بعض المسؤولين، بمن فيهم حسين أمير عبد اللهيان.[5]وفي نفس الاجتماع أوصى وزير الخارجية الإيراني بتشكيل حكومة شاملة في هذا البلد مؤكداً على ضرورة إنهاء بعض التوترات على الحدود المشتركة مع جيران أفغانستان، وذكّر بأن السلام والاستقرار لأفغانستان هو رغبة الشعب و الحكومة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
نويد دانشور
[1] https://www.trtworld.com/opinion/how-american-media-are-whitewashing-20-years-of-occupation-of-afghanistan-49629
[2] https://www.aljazeera.com/opinions/2021/8/31/what-did-the-us-get-wrong-in-afghanistan
[3] http://fna.ir/3bt9zv
[4] https://www.globaltimes.cn/page/202208/1273373.shtml
[5] https://irna.ir/xjMcFN