سورية من الحرب الأهلية إلى الجيران المثيرين للإضطرابات

توالت الأحداث في سورية بسرعة وسقط نظام بشار الأسد فجأة بسرعة كبيرة لم يتوقعها أحد. وعلى الرغم من أن هذا الأمر في ذلك الوقت حال دون التفكير العميق عند الجمهور العام ووسائل الإعلام، إلا أن الوقت قد حان الآن لتفكر الجماعات المسلحة في ما سيحدث مستقبلاً، وما هو تأثير التحولات في سورية على الأوضاع في العالم العربي والتوازنات السياسية في المنطقة.

ديسامبر 29, 2024 - 02:46
ديسامبر 29, 2024 - 03:17
سورية من الحرب الأهلية إلى الجيران المثيرين للإضطرابات

توالت الأحداث في سورية بسرعة وسقط نظام بشار الأسد فجأة بسرعة كبيرة لم يتوقعها أحد. وعلى الرغم من أن هذا الأمر في ذلك الوقت حال دون التفكير العميق عند الجمهور العام ووسائل الإعلام، إلا أن الوقت قد حان الآن لتفكر الجماعات المسلحة في ما سيحدث مستقبلاً، وما هو تأثير التحولات في سورية على الأوضاع في العالم العربي والتوازنات السياسية في المنطقة. تواجه السلطة السورية حالياً تحديات كبيرة وأهمها شكل النظام السياسي الذي يجب أن يسهم في استقرار البلاد. كما أن طبيعة القادة في هذا البلد العربي تعد مؤثرة بشكل كبير في المرحلة المستقبلية.

احتمال نشوب الحرب الأهلية
توجد العديد من الجماعات المسلحة التي حملت السلاح ضد حكومة بشار الأسد وأسهمت في سقوط نظامه، وتجمعها نقطة مشتركة تتمثل في معارضتها لنظام الأسد. ومع ذلك بعد انهيار حكمه من المحتمل أن تبرز التناقضات الإيديولوجية والسياسية والاختلافات بين هذه الجماعات، ومن غير المرجح أن تتوصل إلى نهج مشترك لإدارة الحكومة أو أن تتمكن من إنقاذ سورية الجديدة من التحديات الداخلية والدولية التي تواجهها.

إذا نظرنا إلى التحولات التي شهدتها الدول العربية على مدى العقدين الماضيين، نرى أن القوى المعارضة في العديد من البلدان نجحت في الإطاحة بأنظمة استبدادية لكنها أخفقت في بناء أنظمة بديلة تتمتع بديمقراطية أعلى وقدرة أكبر على الاستمرارية. بالنظر إلى أن الحركات المناهضة في سورية تتكون غالباً من ميليشيات مسلحة مدعومة من قوى خارجية، فمن غير المرجح أن تكون هناك تيارات سياسية وطنية حقيقية في البلاد. ومن جهة أخرى لا يُستبعد أن تتجه هذه الجماعات إلى استخدام السلاح لحل النزاعات السياسية أو الإيديولوجية فيما بينها. كما أن مصالح القوى الأجنبية الداعمة لهذه الجماعات قد تتعارض أيضاً مع بعضها، مما قد يؤدي إلى نشوب حرب أهلية في سورية تدفع البلاد نحو التفكك. 

يمثل المجتمع السوري مجتمعاً يتسم بتنوع شعبي وطائفي، وإذا أرادت الجماعات المسلحة تحقيق التوازن بين التوجهات الرئيسية وتشكيل حكومة قائمة على هذا التوازن، فإن ذلك قد يفضي إلى كارثة أكبر ويحقق أهداف وطموحات النظام الصهيوني في تفكيك العالم العربي على أسس طائفية مما يتيح له السيطرة على المنطقة.

التحديات أمام روسيا
سيواجه حكم الإرهابيين في سورية أيضاً تحديات في علاقاتها الخارجية ويظهر ذلك بوضوح في كيفية تعاملهم مع الدول المجاورة بما في ذلك تركيا وإسرائيل. فقد كانت سورية متورطة في توترات إقليمية منذ ثلاثة عشر عاماً، حيث لعبت قوى دولية متعددة دوراً في ذلك. مع ذلك لا تزال روسيا تحتفظ بقاعدتيها الجوية والبحرية في سورية، وليس من الواضح ما إذا كانت ستوافق طواعيةً على مغادرة هذه القواعد، أو إذا كانت مصممة على الاستمرار في وجودها هناك أو أنها ستربط خروجها من هذه القواعد بخروج الولايات المتحدة من القواعد والمناطق المحتلة وخصوصاً من مناطق النفط في سورية.

تحديات تركيا
على الرغم من أن تركيا قد رسخت وجودها في سورية وهي سعيدة جدًا بانتصار الإرهابيين المدعومين منها، أي هيئة تحرير الشام إلا أن إنشاء أي نوع من الحكم القومي في سورية سيضع البلاد في مواجهة تحديات مع تركيا. النقطة الأولى تتعلق بالطموح التاريخي لتركيا نحو جزء من أراضي سورية والنقطة الثانية تتعلق بالأكراد، إن طموحات الأتراك في الأراضي السورية وصلت الى حد أن بعض المسؤولين الأتراك البارزين يعتبرون مدينة حلب واحدة من المدن التركية ويعتقدون أنه ينبغي استعادتها.

 من ناحية أخرى تصف تركيا قوات سورية الديمقراطية (قسد) بأنها جماعة إرهابية تستمر في نهج حزب العمال الكردستاني الذي يعتبر حركة انفصالية. في المناطق التي تتواجد فيها قوات قسد يسعى الأكراد لتشكيل دولة كردية موحدة بينما تركيا تعتمد موقفًا معاديًا للأكراد.

تحديات النظام الصهيوني
يمكن أن تكون طموحات النظام الصهيوني في سورية اختبارًا جادًا للحكم الجديد في البلاد وسوف تكشف عن الطبيعة الحقيقية لنهجهم الديني والمدني. إن الاحتلال والطموحات الصهيونية في سورية موثقة تمامًا ولا تحتاج إلى أي دليل أو إثبات والآن يجب أن نرى كيف سيتعامل الحكم الجديد في سورية مع هذه المشكلة.

في الوقت الحالي يستغل النظام الصهيوني الفوضى الناجمة في سورية وقد احتل المرتفعات الاستراتيجية لجبل الشيخ. كما أنهم احتلوا المنطقة العازلة ومنطقة نزع السلاح على الحدود، وقد أعلنوا عن نهاية اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي أُبرم بشكل أحادي في عام 1974. أدى احتلال مدينة القنيطرة وعدد من القرى الحدودية السورية إلى اقتراب الصهاينة على بعد 40 كيلومترًا من دمشق. ولم يكتفِ جيش الاحتلال الصهيوني بذلك بل قام بتنفيذ مئات الغارات الجوية على مناطق مختلفة في سورية بهدف تدمير القدرات العسكرية للحكومة السورية في المجالات البرية والجوية والبحرية. ورغم كل هذه الانتهاكات فإن الأمر الغريب هو أن هذه التصرفات لم تُدان بأي شكل حتى لفظيًا من قبل الجماعات الإرهابية الحاكمة في سورية.(1)

حكيمة زعيم باشي

1- https://www.mehrnews.com/news/6316679