رسالة من البحر الأحمر إلى بحر إيجه!

لفترات طويلة كانت اليونان وتركيا على خلاف مع بعضهما البعض، وقد يؤدي وجود أية قضية غير مهمة وإثارتها إلى أزمة كبيرة بين هذين البلدين. إن الأسباب التاريخية لانعدام الثقة بين البلدين، فضلاً عن المنافسة الاستراتيجية، كانت دائماً سبباً في وضع هذين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي في توتر طويل الأمد قد يتحول إلى أزمة عالمية كبرى إذا لم تتم إدارته على النحو اللائق.

مارس 16, 2024 - 07:20
رسالة من البحر الأحمر إلى بحر إيجه!
رسالة من البحر الأحمر إلى بحر إيجه!

لفترات طويلة كانت اليونان وتركيا على خلاف مع بعضهما البعض، وقد يؤدي وجود أية قضية غير مهمة وإثارتها إلى أزمة كبيرة بين هذين البلدين. إن الأسباب التاريخية لانعدام الثقة بين البلدين، فضلاً عن المنافسة الاستراتيجية، كانت دائماً سبباً في وضع هذين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي في توتر طويل الأمد قد يتحول إلى أزمة عالمية كبرى إذا لم تتم إدارته على النحو اللائق.

السياق التاريخي

أهم قضية أدت إلى نشوء التوتر في العلاقات بين اليونان وتركيا هي قضية جزر إيميا عام 1995، والتي أدت إلى مقتل ثلاثة ضباط يونانيين وتدخلت الولايات المتحدة لحلها.

في 26 ديسمبر 1995، جنحت سفينة الشحن التركية "فيجن أكات" في أقصى شرق جزيرتي إيميا الصغيرتين، على بعد سبعة كيلومترات فقط (4.4 ميل) قبالة سواحل تركيا. وعندما اقترب زورق الطوارىء اليوناني للمساعدة، أصر القبطان التركي على أن الزورق كان في المياه الإقليمية لبلاده. وبعد أن تم سحب السفينة التركية أخيرا إلى ميناء في تركيا بواسطة القارب اليوناني، وأدت عملية الإنقاذ المزعومة لقارب الطوارىء اليوناني إلى تحريك عجلة السياسة في العاصمة التركية أنقرة، بسرعة وبعنف ضد اليونان.

وفي 27 ديسمبر 1995، اتصلت تركيا بالسلطات اليونانية تمهيدا لإعلان ملكيتها للجزيرتين الصغيرتين. لسنوات. شهد بحر إيجه توترات متكررة بين هذين الحليفين المشتركين حول ملكية الجزر وحول المياه الإقليمية والمجال الجوي بينمها [1].

وما جعل وضع جزر إيميا مختلفا هو الطريقة التي تصاعد بها الأمر بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والزعماء السياسيين في كلا البلدين. رفضت أثينا مطالبة تركيا بالسيادة، مستشهدة بعدد من المعاهدات الدولية من عام 1923 و1932 و1947، لكن الوضع استمر حتى أواخر يناير 1996. وفي النهاية نشأ صراع بين هذين البلدين، وتدخلت الولايات المتحدة لإنهاء هذه القضية[2].

إلى ذلك، رفضت اليونان تسليم بعض كبار ضباط الحكومة التركية بتهمة الانقلاب على الحكومة، وأدى هذا الموضوع إلى مزيد من التشاؤم في العلاقات بين المسؤولين في البلدين.

كما أن هاتين الدولتين في تحدي فيما بينهما في المجالات الاقتصادية واستغلال موارد بحر إيجه. وفي الواقع، إلى جانب القضايا الإقليمية والنزاعات المحيطة بها، هناك قضية أخرى مهمة وهي المصالح الاقتصادية واستغلال الموارد الطبيعية في بحر إيجه والمنطقة الإقليمية، والتي تسببت دائمًا في التوتر بين هذين البلدين والجيران[3].

وعادة ما تتزايد الخلافات بين هذين البلدين لأسباب مختلفة وأحيانا تكون على حافة الأزمة.

اليونان، التي تفهم ظروف النظام الدولي والسياق التاريخي لدعم أمريكا لحلفائها، تعتقد أنها ستكون وحيدة في حالة نشوب صراع عسكري مع تركيا، لذلك تحاول إرسال إشارات مختلفة وقوية إلى تركيا من أجل تجنب العواقب المحتملة للصراع العسكري مع تركيا.

وستقود اليونان، باعتبارها إحدى الدول الرائدة في مجال الملاحة البحرية والقوى البحرية في العالم، العمليات العسكرية للاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر. إن هذا الإجراء الذي اتخذته اليونان هو أكثر من مجرد محاولة لإرسال رسائل محددة إلى تركيا، وتحاول هذه الدولة أن تظهر لتركيا أنها تستطيع المشاركة في العمليات البحرية المهمة والقوية من خلال الحفاظ على استعدادها القتالي والبحري كقوة رئيسية لها في  فعاليتها في البحر والنقل والشحن البحري. وسيؤدي هذا النهج إلى زيادة نفقات تركيا على العمل العسكري ضد اليونان، وستتجه هذه الدولة إلى الحوار والدبلوماسية بدلاً من الشكوى ومحاولة القيام بعمل عسكري.

علاوة على ذلك، فإن اليونان غير راضية عن ذلك، كما أنها نشطت أيضًا في منطقة جنوب القوقاز. ومن بين أمور أخرى، أقامت هذه الدولة تعاونات عسكرية واقتصادية مختلفة مع أرمينيا. وفي الواقع، تسعى اليونان إلى تحسين مكانتها في النظام الدولي والحفاظ عليها من خلال دبلوماسية نشطة ومتعددة الأطراف، وتحاول دفع هذه القضية إلى الأمام بوسائل مختلفة. خاصة وأن هذا البلد يواجه تحديات اقتصادية مختلفة وأزمة طالبي اللجوء، فإذا لم يتمكن من تقليل احتمالات التوتر مع تركيا بدبلوماسيته النشطة، فإنه بلا شك سيواجه مشاكل أكبر بكثير لن يتحمل تكاليفها سوى الدولة. لكن اليونان ليست كذلك، ومن الممكن أن يخلف ذلك تأثيرات عميقة على الاتحاد الأوروبي بالكامل. ولذلك تبحث اليونان عن إجراءات وقائية لمنع تفاقم الوضع في بلادها وفي أوروبا. ومع ذلك، فإن هذه القضية تحتاج أيضًا إلى دعم حلفاء البلاد، وينبغي أن نرى ما إذا كانوا قلقين مثل اليونان.

امین مهدوی

 

[1] greekreporter.com

[2] greekreporter.com

[3] aljazeera.com