دور وحضور أمريكا في آسيا الوسطى

مايو 18, 2023 - 08:14
دور وحضور أمريكا في آسيا الوسطى
دور وحضور أمريكا في آسيا الوسطى

قد تبدو منطقة آسيا الوسطى من حيث موقعها بين صحراء واسعة وغير ساحلية ولا يمكن أن تكون منطقة ذات أهمية استراتيجية، ولكن نظرًا لأنها تحتوي على مصادر مهمة للطاقة وتتحكم أيضًا في طريق الاتصال بين شرق وغرب العالم، فهي ذات أهمية خاصة وبالتالي فإن القوى الدولية ومن جملتها الولايات المتحدة تحاول الهيمنة على هذه المنطقة وتوجيه معادلاتها هناك وفقا لمصالحها. [1]

ولكن ما هو هدف واشنطن من السيطرة على آسيا الوسطى؟ إن مواجهة المنافسين والحد من نفوذ الجهات الفاعلة المؤثرة الأخرى في المنطقة هو أحد الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة. في الواقع لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون غير مبالية بوجود روسيا والصين وإيران في المنطقة، لذا فإن أهم سياسة تنتهجها حاليا في آسيا الوسطى هي تحديد موقف جديد بأبعاد مختلفة لتعزيز وجودها ونفوذها في المنطقة وخلق ركيزة خامسة لنفسها.[2]

أدت أهمية منطقة آسيا الوسطى إلى إيجاد مشروع "آسيا الوسطى الكبرى" الذي طال انتظاره . وكان الهدف من مشروع آسيا الوسطى الكبرى، في الواقع هو إنشاء آسيا الوسطى الواحدة من خلال تنفيذ برامج التعاون المختلفة مثل البرامج العسكرية والاستراتيجية والجيوسياسية، وكان من المفترض أن تنضم أفغانستان إلى آسيا الوسطى الواحدة حتى تتمكن الولايات المتحدة من السيطرة على كامل الفضاء لصالحها . [3]

أثر الانسحاب الأمريكي الفاضح من أفغانستان على أهداف واشنطن حول مشروع آسيا الوسطى الكبرى لدرجة أن وزارة الخارجية الأمريكية نشرت استراتيجيتها القادمة لآسيا الوسطى بين عامي 2019 و 2025 والتي تؤكد فيها على الحد من التهديدات الإرهابية خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وهو مصدر قلق كبير بشأن الاستقرار الأمني في المنطقة. ووفقا للاستراتيجية يبدو أنه في السنوات الأخيرة سيتوسع الوجود الأمريكي للحد من أنشطة منافسيها الصين وروسيا مرة أخرى في منطقة آسيا الوسطى وخاصة في قيرغيزستان وأوزبكستان بهدف مكافحة الإرهاب والأصولية الإسلامية التي أصبحت تعمل وتنشط في أفغانستان.[4]

في ظل هذه الظروف زادت الإجراءات الدبلوماسية الأمريكية في آسيا الوسطى بشكل كبير بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، لدرجة أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عقد اجتماع 5 +1 مع نظرائه من منطقة آسيا الوسطى بعد ثلاثة أيام من بدء العملية . [5]

كان تقديم المساعدات المالية للبلدان الضعيفة وحزم الاستثمار للبلدان الأكثر قوة في المنطقة هو النهج الأمريكي الرئيسي لتوسيع النفوذ في آسيا الوسطى . وبناء على ذلك تسعى واشنطن إلى تعزيز مكانتها بين "المجتمع المدني" من خلال دعم المنظمات غير الحكومية وممارسة النفوذ من خلالها على السياسة الداخلية لكل بلد من بلدان المنطقة،كما زادت دعمها المالي لقطاع المنظمات غير الحكومية في بلدان المنطقة. والشيء التالي هو أن الولايات المتحدة تتطلع بجدية لكسب حسن نية القوات العسكرية والأمنية. وتحقيقا لهذه الغاية تقدم واشنطن المعدات العسكرية إلى بلدان المنطقة وحتى إلى حرس الحدود والمؤسسات الأخرى ذات الصلة وتقدم مساعدات مالية كبيرة لهم. [6]

يشير ما سبق إلى أن الولايات المتحدة تحاول تثبيت موطئ قدمها في آسيا الوسطى من خلال احتواء القوى المؤثرة عليها، في حين أن زيادة النفوذ الأمريكي سيكون له عواقب سلبية، وأهم نتيجة هي "انتشار عدم الأمن وعدم الاستقرار" في المنطقة. تظهر تجربة السنوات الماضية أنه بالنظر إلى أن الولايات المتحدة هي "نظام صانع الأزمات" وأن "التوسعية" متأصلة فيها، فإن وجودها في أي مكان في العالم بأي شكل من الأشكال يخلق تدريجيا الصراع وانعدام الأمن وعدم الاستقرار في تلك المنطقة .


[1] https://psq.karaj.iau.ir/article_528865

[2] https://www.scfr.ir/fa/103/146634/

[3] https://www.tasnimnews.com/fa/news/1398/07/08/2107646/

[4] https://peace-ipsc.org/fa/

[5] https://www.farsnews.ir/news/14010307000973

[6] https://www.farsnews.ir/news/14010307000973