دور وسائل الإعلام وأهميتها في تقوية العلاقات الثقافية والإجتماعية بين شعبي البلدين في سورية وايران
تلعب وسائل الإعلام بشكل عام دورًا حيويًا في تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين الدول، يتحدث هذا المقال عن أهمية وسائل الإعلام بجميع أشكالها في تقوية العلاقات الثقافية والإجتماعية بين البلدين سورية وإيران.
يتمتع كلا البلدين سورية وإيران بعلاقات متينة لها تاريخها في جميع المجالات وخاصة العلاقات السياسية والإقتصادية التي تطورت أكثر مع بداية الأزمة السورية بسبب الحرب الظالمة التي عانت منها سورية وكان للجمهورية الإسلامية الإيرانية دور كبير في صمود هذا البلد ودعمته حتى عاد الامن والسلام إلى مختلف الجغرافيا السورية، وطرد جميع المجموعات الإرهابية التي كانت ستقسم سورية إلى دويلات حسب المشروع الصهيوأمريكي، حيث كانت أمريكا وإسرائيل ومعهم بعض الدول العربية وتركيا يدعمون تلك المجموعات المسلحة للقيام بحربٍ بالوكالة فيها، وقد أصبحوا في ما بعد طرفاً أساسياً في الحرب بشكل مباشر و غير مباشر.
حتى تكتمل الصورة، لابد من تبيان ما خلفته تلك الحرب التي دامت 12 سنة ومازالت مستمرة في بعض المناطق السورية، ويجب تسليط الضوء على الكثير من جوانب هذه الحرب وآثارها على المجتمع السوري والأضرار التي خلفتها.
بالطبع هنا يأتي دور وسائل الإعلام المحلية والخارجية وخاصة الصديقة منها التي كانت معنية بشكل أو بآخر في تغطية الأحداث خلال مدة الحرب. ومن خلال إجراء بعض التساؤلات على شرائح مختلفة من الشعبين في سورية وإيران نجد أن هناك فجوة كبيرة بينهما في معرفة الحقائق التي من المفترض كشعبين صديقين أن تكون معروفة وواضحة لكلا الطرفين، وهذا يقودنا إلى تساؤلات كثيرة أهمها لماذا لا يتم تفعيل دور وسائل الإعلام في البلد الآخر؟
على الرغم من وجود محاولات لتنشيط هذا الدور إلا أنها تبقى خجولة ولا تفي بالغرض، مؤخراً وفي بادرة تعتبر الأولى من حيث أهميتها لتفعيل دور وسائل الإعلام بين البلدين، أقام اتحاد الإذعات والتلفزيونات الإسلامي مؤتمراً تحت عنوان "بحث ومناقشة التطورات في غرب آسيا" عُقد في دمشق أيام 12 – 13- 14 من الشهر الحالي (آيار/ ماي)، حيث تم عقد جلسات حوارية وندوات فكرية لتبادل الآراء بين فريق إعلامي كبير ضم 35 إعلامياً من مختلف وسائل الإعلام الإيرانية والمؤثرة ومسؤولين إعلاميين سوريين، تم عرض آخر المستجدات على الساحة الدولية والتأكيد على إيصال الصورة الحقيقية للوضع في سورية.[1]
مثل هذه الزيارات تؤدي لتفعيل دور وسائل الإعلام على الأرض لكشف وإيصال الحقيقة كما هي، وخاصة بعد التضليل الإعلامي الكبير وتزوير الحقائق من قبل وسائل الإعلام الغربية والتي للأسف استطاعت ولو إلى حد ما التأثير إعلامياً على كلا الشعبين من خلال تزيف الوقائع، لذلك لابد من أن نبدأ بمواجهة تلك الأدوات بنقل الحقيقة ولا شيء سواها.
تكمن أهمية و دور وسائل الإعلام من خلال التركيز على النقاط التالية:
1- تعزيز التواصل الثقافي: يمكن لوسائل الإعلام أن تساعد في تعزيز التواصل الثقافي بين سورية وإيران من خلال نشر المعلومات والأخبار والنشاطات الثقافية التي تجري في البلدين. وبذلك يمكن للشعبين في كلا البلدين أن يتعرفوا على ثقافات بعضهم البعض .
2- زيادة التقارب الاجتماعي: تستطيع وسائل الإعلام أن تساهم في تعزيز التلاحم الاجتماعي بين الشعبين، من خلال نشر الإعلام الإيجابي والمحايد وتجنب الإثارة والتحريض ضد الآخر. وعندما يتم تشجيع النقاش والحوار الهادئ والمناقشة البناءة، يمكن للأفراد في كلا البلدين أن يتعرفوا على الاختلافات والتشابهات فيما بينهم
3- توسيع التعاون الاقتصادي: يمكن لوسائل الإعلام أن تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز التعاون الاقتصادي بين سورية وإيران، من خلال نشر المعلومات عن الاستثمار والتجارة والفرص الاقتصادية المتاحة في البلدين.
4- دعم السياحة: لطالما كانت السياحة بين البلدين نشطة خاصة السياحة الدينية وزيارة الاماكن المقدسة، ومن خلال الإعلام أيضاً نستطيع إيصال صورة كاملة عن المعالم السياحية والثقافية والتراثية في كلا البلدين. وبذلك يمكن للسياح أن يتعرفوا على ثقافات بعضهم البعض ويستمتعوا بالجمال الطبيعي والحضاري الموجود في سورية وإيران .
يمكن اتخاذ عدة خطوات لتحقيق التعاون الإعلامي بين سورية وإيران، ومن بين هذه الخطوات:
1- توسيع نطاق التعاون الإعلامي: وذلك من خلال زيادة عدد الاتفاقيات والبرامج المشتركة بين وسائل الإعلام في كلا البلدين.
2- الزيارات وتبادل الوفود الإعلامية: تبادل الزيارات وارسال الوفود الإعلامية سيزيد الخبرات والمعلومات لدى وسائل الإعلام ويؤدي إلى تحسين جودة المحتوى الإعلامي والحفاظ على دقة المعلومات ونقل الواقع بكل جوانبه.
3- تنظيم الفعاليات والمؤتمرات الإعلامية المشتركة: إقامة الفعاليات الإعلامية المشتركة سيسهل التواصل وتبادل الخبرات والمعلومات والأفكار والآراء بين الوسائل الإعلامية في كلا البلدين.
الجدير بالذكر أنه بعد زيارة السيد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور ابراهيم رئيسي إلى سورية والتي كان لها أهمية كبيرة بالنسبة لسورية وخاصة جاءت بعد 12 سنة، اعتبرها كثير من المحليين أنها بمثابة إعلان نصر للبلدين على القوى المتحالفة ضدهم أو ضد محور المقاومة بشكل عام، وتحت عنوان " سورية وإيران من المقاومة إلى البناء" أخذت وسائل الإعلام العربية والدولية بتحليل نتائج هذه الزيارة التي أظهرت عمق العلاقة بين الشعبين من خلال محبة الشعب السوري وقيادته واستقباله للرئيس الإيراني بالحفاوة والترحيب، ونقل هذه الصورة للشعب الإيراني عن طريق وسائل الإعلام الإيرانية المتنوعة سيكون له أثره في تقوية العلاقات الشعبية وفتح المجال أمام الشعبين لزيارة البلد الآخر والتعرف عليه عن قرب.[2]
في النهاية لابد من التأكيد على أهمية وسائل الإعلام في نقل الصورة الحقيقية بين البلدين، خاصة من خلال الزيارة الأخيرة للفريق الإعلامي الكبير إلى سورية، حيث كان بمثابة عين الشعب الإيراني، وبتلك الكميرات والأقلام الحرة للفريق الإعلامي نأمل أن يتعرف الشعب في إيران على مدى حجم الدمار الذي طال المدن السورية وحجم المعاناة التي يعانيها الشعب السوري، وسيتعرف على صعوبة المعارك التي ساهمت الدماء الإيرانية في تحقيق النصر فيها إلى جانب قوات الجيش السوري.
حسام السلامة
[1] https://irna.ir/xjMrrk
[2] https://2u.pw/qIilyR