ماذا عن الوساطة السعودية بين سورية والغرب؟

ماذا عن الوساطة السعودية بين سورية والغرب؟

يونيو 3, 2023 - 15:16
يونيو 3, 2023 - 15:45
ماذا عن الوساطة السعودية بين سورية والغرب؟
ماذا عن الوساطة السعودية بين سورية والغرب؟

  تحت عنوان" (خطوة مقابل خطوة ... وساطة سعودية بين الغرب وسورية) نشرت صحيفة الأخبار مقالاً حول الوساطة السعودية بين سورية والغرب. وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية إن السعودية تسعى للعب دور وساطة بين دمشق والغرب، وهو ما تدلل عليه تصريحات وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بأن بلاده تتواصل مع الشركاء الغربيين لتبديد مخاوفهم. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الأمم المتحدة قوله، إن المبعوث الأممي لسورية، غير بيدرسون، "تناول خلال اتصالاته مع وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن، تحريك المسار السياسي، كجزء من مبادرة خطوة مقابل خطوة، وأول ذلك كان استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية".[1]

"خطوة مقابل خطوة" هذا هو عنوان المرحلة الحالية بعد الإنفتاح العربي الكبير على سورية وإعادة تطبيع العلاقات مع دمشق، حيث وافقت الأخيرة نتيجة المباحثات التي جرت على هامش القمة في جدة، على المضي قدماً في تطوير العلاقات العربية بخطوات متماثلة بينها وبين الدول العربية وخاصة السعودية، وهذا مابدأت الدولتين تنفذه على أرض الواقع، فبعد انتهاء القمة العربية بأيام قليلة وصل الفريق الفني السعودي المعني بإعادة فتح سفارة المملكة العربية السعودية في الجمهورية العربية السورية إلى العاصمة دمشق، وذلك إنفاذاً لقرار المملكة العربية السعودية استئناف العمل في بعثتها الدبلوماسية بالجمهورية العربية السورية" .[2]

واللافت بالأمر أن المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، لم يتأخر في تلقّف الاتفاق المذكور، في ظلّ تعثّر المسار الأممي واجتماعات «اللجنة الدستورية»، إلى الانخراط في المسار العربي، وجعل أولويات الأمم المتحدة جزءاً منه. وبحسب مصدر في الأمم المتحدة تحدّث إلى «الأخبار»، فإن بيدرسون، خلال اتّصالاته مع وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن أخيراً، تناول تحريك المسار السياسي كجزء من مبادرة خطوة مقابل خطوة، وأولى تلك الخطوات بحسب طرحه، استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

  تتصدّر المشهد مجموعة ملفّات يبدو العمل عليها بين دمشق والمجموعة العربية أمراً ملحّاً وأساسياً، من أجل فتح أبواب الحلّ. وإذ تُمثّل العقوبات الغربية عائقاً رئيساً تعيق المضيّ على طريق تطبيع العلاقات وإعادة الإعمار، فإن الرياض تسعى وفقاً لمعلومات «الأخبار»، إلى لعب دور الوسيط في ما بين دمشق والعواصم الغربية، واضعةً على رأس أولوياتها الآن تمديد الاستثناءات الإنسانية وتوسيعها من قِبَل الغرب، في مقابل تمديد دخول المساعدات عبر المعابر من قِبَل الحكومة السورية. وبينما يبدو ملفّ عودة اللاجئين أكثر تعقيداً وصعوبة، تَبرز إمكانية «تفعيل المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة»، ولكن على أسس جديدة، تأخذ في الحسبان «روح القرار الدولي 2254، وليس حرفيّته". [3]

 وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن المرحلة القادمة تبقى رهينة التطورات السياسية في المنطقة، وقبول أمريكا لهذا التغيير لايبدو سهلاً في المدى المنظور لهذا ينبغي معرفة مدى قدرة العرب على إحداث خرق في الاستعصاء القائم في الملفّ السوري، الذي يتمثّل في تمديد الاستثناءات الإنسانية من العقوبات المفروضة أميركياً على سورية، والتي تنتهي صلاحيتها في تموز القادم، بالتزامن مع انتهاء مدّة دخول المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سورية. وفي هذا الإطار، تريد دمشق رفعاً كاملاً للعقوبات، وهو ما يبدو غير قابلاً للتحقّق من قبل أمريكا والغرب، بينما تمديد الاستثناءات وتوسيع دائرتها يَظهران أمراً قابلاً للتفاوض في المرحلة الراهنة. خصوصاً أن مبادرة «خطوة مقابل خطوة» تدعو إلى حلّ تلك المشكلات بطرق سلمية. وإذ يتطلّب الحلّ تغييرات سياسية داخلية في سورية، فإن المصادر تؤكّد أن «دمشق تبدي انفتاحاً على توسيع مفهوم اللامركزية الإدارية في سورية، وتعزيز دور الإدارات المحلّية في الحكم»، وهو ما تحاول المبادرة العربية استثماره في مسار الوساطة التي تقودها بين دمشق والغرب.

في الطرف المقابل نرى تعنداً أمريكياً واضحاً حول الإنفتاح على دمشق وهذا يظهر يومياً على لسان المسؤولين الأمريكين، بالإضافة إلى التحركات الأخيرة في الشرق السوري وبدأ ظهور جماعات مسلحة مدعومة من أمريكا بحلة جديدة وتحت مسميات جديدة سيجعل المنطقة تقع على صفيح ساخن من جديد والذي تعتبره أمريكا رداً مباشراً على الإنفتاح مع دمشق.

ومؤخراً، قدم مشرّعون أمريكيون مشروع قانون يناهض تطبيع العلاقات مع النظام السوري الحالي. ويمنع مشروع القانون الحكومة الاتحادية الأمريكية من الاعتراف بأي حكومة سورية بقيادة الأسد الذي يخضع لعقوبات أمريكية، أو تطبيع العلاقات معها، كما يوسع قانون قيصر الأمريكي الذي يفرض مجموعة عقوبات صارمة على سوريا منذ 2020. ويأتي التشريع المقترح بعد أن طوت الدول العربية صفحة مواجهة استمرت 12 سنة مع سورية .[4]

على العموم تبدو التطورات السياسية في الملف السوري على الرغم من صعوبته وتعقيده خاضعة لحركات المد والجذر حسب التوافقات الدولية والمتغيرات على الأرض في الجغرافيا السورية، فخيار المواجهات العسكرية والمصالحات السياسية في آن واحد كان وما زال خيار تتبعه الحكومة السورية حسب الضرورات المرحلية، ومعالجة الملفات المعقدة التي خلفتها الحرب تتطلب جهوداً كبيرة خاصة أن دمشق مازالت تعتبر أن أمريكا محتلة لأراضيها والدول الغربية تحاصرها وتفرض عقوبات صارمة عليها، وفي مثل هذه الظروف إذا لم يبادر الغرب وغيرهم بمبادرات تظهر حسن النوايا اتجاه حل النزاعات وإرساء السلام ورفع العقوبات، ستبقى المواجهات مستمرة ولو بشكلها الأضعف في ظل بعض الإنفراجات هنا وهناك.

حسام السلامه


[1] al-akhbar.com/Syria/363507/خطوة-مقابل-خطوة-تحت-الاختبار-وساطة-سعودية-بين-الغرب-وسوري

[2] ar.mehrnews.com/news/1933592/فريق-فني-سعودي-يصل-إلى-دمشق-لمناقشة-آليات-إعادة-فتح-السفارة

[3] al-akhbar.com/Syria/363507/خطوة-مقابل-خطوة-تحت-الاختبار-وساطة-سعودية-بين-الغرب-وسوري

[4] www.france24.com/ar/أمريكا/20230512-مشروع-قانون-أمريكي-يمنع-الحكومة-الاتحادية-من-تطبيع-العلاقات-مع-سوريا