حكومة إخوانية - تركية في سورية !
خلال فترة حكم الرئيس حافظ الأسد قام جماعة الإخوان المسلمين في سورية بخلاف نظرائهم في مصر وتونس ودول أخرى في المنطقة بشن عمليات مسلحة ضد الحكومة. وقد تم قمع أعضاء الإخوان المسلمين الذين لجأوا إلى السلاح من قِبَل الحكومة السورية، وبالتالي كان من الطبيعي أن يفسر بعض الإخوان المسلمين هذا الإجراء من قبل حافظ الأسد بأنه حملةٌ ضد الإخوان المسلمين.
خلال فترة حكم الرئيس حافظ الأسد قام جماعة الإخوان المسلمين في سورية بخلاف نظرائهم في مصر وتونس ودول أخرى في المنطقة بشن عمليات مسلحة ضد الحكومة. وقد تم قمع أعضاء الإخوان المسلمين الذين لجأوا إلى السلاح من قِبَل الحكومة السورية، وبالتالي كان من الطبيعي أن يفسر بعض الإخوان المسلمين هذا الإجراء من قبل حافظ الأسد بأنه حملةٌ ضد الإخوان المسلمين.(1) لذا كانت شبكة الإخوان المسلمين تعارض نظام حكم عائلة الأسد بينما اعتبرت الحكومة السورية الإخوان المسلمين حركةً تهدف إلى الانقلاب.
كان الإخوان يعتقدون أن مركز الإخوان المسلمين ينبغي أن يكون في مصر وأن تواجدهم في سورية وتونس والمغرب يجب أن يتكامل بحيث يمتد الإخوان المسلمون من المشرق العربي إلى المغرب العربي. ومع انطلاق موجة الصحوة الإسلامية، كانت تركيا تسعى لقيادة وتوجيه حركة الإخوان المسلمين وإنشاء علاقات استراتيجية مع هذه الحركة في المنطقة مستندةً إلى خبراتها السابقة في هذا المجال. لكن سقوط محمد مرسي في مصر أدى إلى فقدان الإخوان المسلمين لإحكام السيطرة على المنطقة العربية مرة أخرى ولم يصل أحد منهم إلى أي نتائج. كما تراجع الإخوان في تونس واتجهوا نحو الليبرالية والعلمانية. أما الإخوان المسلمون السوريون، فلم يتمكنوا من تحقيق أي نتائج ودخلت قوات أخرى مثل داعش التي كانت أقوى بشكل ملحوظ من الإخوان إلى الساحة. نتيجةً لهذه الصدمة المفاجئة واجهت السياسة الكبرى للإخوان في تركيا تحدياً جدياً وقد كانت الضربة التي تعرض لها الإخوان بخروج مرسي من الحكم في صالح النظام السوري.(2)
ومع مغادرة بشار الأسد المشهد حالياً يُعتبر السلفيون من الإخوان المسلمين من بين الجماعات التي ستستعيد نشاطها في البلاد. وعلى ما يبدو فإن تركيا تتحمل مسؤولية قيادة هذه الجماعات الإخوانية، لذا يجب معرفة ما إذا كانت هذه الجماعات التي تدعي إنقاذ فلسطين وتشكيل دولة عثمانية أو إخوانية، ستتعاون مع فلسطين وحماس أم مع الكيان الصهيوني.
على الرغم من الدعم الذي يقدمه أردوغان لحماس فقد سعت تركيا للحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل في مجالات متعددة. وقد تجلى ذلك في الزيادة المستمرة لصادرات تركيا إلى إسرائيل منذ عام 2000، حيث بلغت قيمة هذه الصادرات 6.7 مليار دولار في عام 2022 مما يدل على أن أنقرة من خلال علاقاتها مع طرفي الحرب وتقديم الدعم الأخلاقي لأحدهما تسعى إلى الحصول على دعم الدول الإسلامية والعربية. ويستند ذلك إلى الهدف الكبير لتركيا وهو العثمانية الجديدة وقيادة العالم الإسلامي.(3)
لقد شكلت استراتيجية "قيادة العالم الإسلامي" في ظل التجارة مع إسرائيل ودعم حماس بعد سقوط بشار الأسد ظروفًا معقدة لتركيا والإخوان المسلمين. ومع ازدياد دعم تركيا للجماعات الإخوانية ولحماس، قد يتولد اجماع إقليمي جديد خاص بغزة يجمع بين تركيا والسعودية والإمارات وقطر خاصةً في مجالات التعاون الدفاعي مما قد يتحول إلى تحالف استراتيجي.
مع ذلك فإن قضية غزة لن تُحل لأن تركيا مرتبطة أيضًا بالكيان الصهيوني ولا يمكنها أن تعمل في ذات الوقت على مساعدة فلسطين من جهة ودعم الكيان الصهيوني من جهة أخرى. وبالتالي فإن قضية غزة ستبقى بدون حل وقد تخلق بيئة أوسع من عدم الاستقرار في منطقة غرب آسيا مما يؤثر على تركيا والمنطقة بشكل عام.
علاوةً على ذلك فإن هناك جماعات أخرى في سورية تدعي تأسيس حكومة والأهم من ذلك هو أن الولايات المتحدة تعارض تشكيل حكومة كهذه وسوف تدعم جماعات أخرى في سورية لمنع الإخوان من الوصول إلى السلطة كما أنها لم تسمح للإخوان في مصر بالاستمرار في السلطة.
في الختام يبدو أن تركيا حتى مع وجود علاقات وثيقة مع حماس وشبكة الإخوان المسلمين في المنطقة لا تستطيع الوصول إلى هدفها في قيادة العالم الإسلامي لأن العلاقات مع الكيان الصهيوني تعوق تركيا عن التنسيق مع الإخوان في سورية إلا إذا أعادت النظر في علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وهو أمرٌ بعيد الاحتمال. ومع ذلك حتى لو تمكن الإخوان المسلمون من تأسيس حكومة إخوانية في سورية ستظل مواقف تركيا تجاه الكيان الصهيوني متعارضة مع مواقف الإخوان المسلمين.
1- صبح شام (رواية عن الأزمة السوریه، مذكرات الدکتور حسین امیر عبداللهیان)، الطبعة الاولى 2020، صفحه 95.
2- https://tfpsq.net/fa/post.php?id=239
3- https://www.radiofarda.com/a/32662614.html