جولة صينية في رحاب أوروبا
زار الرئيس الصيني مؤخراً شي جين بينغ عدة دول أوروبية في برنامج تم الترتيب له مسبقا، وقام بزيارة مفصلة إلى فرنسا في واحدة من أهم وجهاته. أما الوجهات الأخرى للرئيس الصيني فهي صربيا والمجر، وهما دولتان ذات قيمة كبيرة بالنسبة للمحور الشرقي بسبب قربهما من الجبهة الشرقية ومواقفهما المعلنة بشأن الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
زار الرئيس الصيني مؤخراً شي جين بينغ عدة دول أوروبية في برنامج تم الترتيب له مسبقا، وقام بزيارة مفصلة إلى فرنسا في واحدة من أهم وجهاته. أما الوجهات الأخرى للرئيس الصيني فهي صربيا والمجر، وهما دولتان ذات قيمة كبيرة بالنسبة للمحور الشرقي بسبب قربهما من الجبهة الشرقية ومواقفهما المعلنة بشأن الحرب بين أوكرانيا وروسيا. وتم الإعلان من قبل الإعلام الصيني الرسمي عن سبب رحلة الرئيس شي إلى أوروبا، وهي بداية الذكرى الستين للعلاقات الصينية الفرنسية، والذكرى الـ75 للعلاقات مع المجر. وتجنبت وسائل الإعلام الكثير من المناورة بشأن هذه الرحلة المفصلة للمسؤولين الصينيين، لكن هذا الحدث المهم لم يفلت من أعين خبراء العلاقات الدولية، وطرحت تحليلات مختلفة حول سبب سفر المسؤولين الصينيين إلى أوروبا وخاصة في هذا الوقت. ونظراً لحساسية هذا الموضوع وأبعاد هذه الرحلة لا بد من إلقاء نظرة أعمق على هذا الموضوع؛
ابتعاد فرنسا عن المحور الغربي، حاولت باريس في السنوات الماضية إظهار شخصية مستقلة نوعاً ما وفي خطابات مسؤولي حكومتها في الاتحاد الأوروبي، دعمت استقلال هذا البلد في قرارات كبرى، وكان الموقف من الدولة الفرنسية بما يخص المحور الشرقي، وخاصة الصين، ذا قيمة كبيرة وحافظ على العلاقات بين البلدين في السنوات الماضية، حتى بالنظر إلى القضايا المثيرة للجدل مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في وقت كانت الولايات المتحدة تناور فيه لفرض عقوبات متزايدة على الصين ومارست ضغوطات كبيرة على أوروبا بهذه الطريقة فيما يتعلق بالصين، لذلك فإن زيارة الرئيس الصيني لفرنسا تظهر تصميم بكين على توسيع العلاقات مع باريس من أجل تحييد ضغوط الولايات المتحدة على الصين وعزل هذا البلد في أوروبا(2).
إظهار دعم الصين للدول الأوروبية الصديقة، صربيا والمجر، في السنوات الأخيرة، بسبب العلاقة الوثيقة جدًا التي تربطهم بدول المحور الشرقي، كان دائمًا تحت ضغط من الولايات المتحدة، وفي الأشهر الأخيرة، بسبب سياستها الخارجية والمواقف الرسمية تجاه حرب أوكرانيا، أصبحت روسيا معزولة في الاتحاد الأوروبي. وبسبب النهج السياسي لحكومتي صربيا والمجر، تعطلت علاقاتهما الاقتصادية مع بقية الدول الغربية، ويتعرض شعبا هذين البلدين للضغوط وتظهر زيارة الرئيس الصيني لهذين البلدين دعم دول الجبهة الشرقية لهاتين الدولتين. ومن خلال توسيع العلاقات الاقتصادية مع بلغراد وبودابست، تحاول بكين إعلان دعمها لهاتين الدولتين وإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية مفادها أن المجر وصربيا تدعمهما دول الجبهة الشرقية.
مبادرة السلام الصينية لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية الفرنسية، إحدى مبادرات رحلة المسؤولين الصينيين إلى باريس، تتمثل في طرح فكرة السلام (الهدنة) خلال أولمبياد باريس، والتي أكد عليها رئيس الصين والرئيس الفرنسي خلال اجتماع المسؤولين الصينيين والفرنسيين مع بعضهم البعض. في خضم الحرب التجارية الجديدة التي يخطط لها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد الصين، تظهر لعبة بكين المعقدة بالنسبة لهذا السيناريو اتجاه الدول الغربية، وهذا المخطط من بكين سيجعل الصين تقلل من حجم التوتر مع الغرب قليلا في الصيف وخلال هذه الفترة تزيد من نموها الاقتصادي وتطوره وتجهز نفسها لصراع محتمل في الخريف والشتاء مع تايوان أو....
وبشكل عام، ينبغي القول إن هدف الصين من هذه الجولة الأوروبية هو خلق فجوة في الاتحاد الأوروبي4 وإرسال رسالة إلى الدول الغربية مفادها أن هذه الدولة مستعدة لدعم حلفائها وتوسيع العلاقات الاقتصادية معهم. هدف آخر للصين هو الضغط على الولايات المتحدة بالنظر إلى الأحداث في غرب آسيا وحرب النظام الصهيوني مع الشعب الفلسطيني، والتي تسببت في تنامي الاحتجاجات الدولية لشعوب العالم ضد سياسات الولايات المتحدة. الولايات المتحدة والدول الأوروبية تريد بكين استغلال هذا السخط الذي انتشر بشكل خاص بين شعوب أوروبا، مما أدى إلى جذب الدول المحتجة على هذه الأحداث إلى المحور الشرقي وفي فترة قصيرة ارتفع عدد المؤيدين لهذا المحور بشكل متزايد وملحوظ.
1. https://www.theguardian.com/world/article/2024/may/06/xi-jinping-european-tour-where-is-china-president-going
2. https://www.japantimes.co.jp/news/2024/05/10/asia-pacific/politics/xi-china-europe-analysis/
3. https://www.aljazeera.com/news/2024/5/6/xjp-jinping-begins-first-european-tour-in-five-years-in-france
4. https://www.ft.com/content/e37e7e49-1f1b-4285-9566-efa9215a37bc