لا للحكومة، نعم للعائلة في إيرلندا؟

شارك شعب أيرلندا في استفتاء دستوري يوم 8 مارس الجاري، تزامنا مع اليوم العالمي للمرأة، للتصويت على تغييرات طفيفة في نص دستور البلاد الذي يعود تاريخه إلى 87 عاما. في هذا الاستفتاء، تم طرح سؤالين حول المرأة. ولقد كان رجال الدولة الأيرلنديون يأملون في الفوز بمشروع هذا القانون بإجابة مزدوجة "نعم، نعم".

مارس 25, 2024 - 07:05
لا للحكومة، نعم للعائلة في إيرلندا؟
لا للحكومة، نعم للعائلة في إيرلندا؟

شارك شعب أيرلندا في استفتاء دستوري يوم 8 مارس الجاري، تزامنا مع اليوم العالمي للمرأة، للتصويت على تغييرات طفيفة في نص دستور البلاد الذي يعود تاريخه إلى 87 عاما. في هذا الاستفتاء، تم طرح سؤالين حول المرأة. ولقد كان رجال الدولة الأيرلنديون يأملون في الفوز بمشروع هذا القانون بإجابة مزدوجة "نعم، نعم".

ما هي التغييرات؟

تم إجراء استفتاءين متزامنين، كل منهما يهدف إلى تغيير أجزاء من الدستور المكتوب عام 1937 تحت تأثير الكنيسة الكاثوليكية. وتشير المادة 41 إلى دور المرأة في المنزل وتعرف الأسرة بأنها وحدة تقوم على الزواج. وقالت الحكومة إن الفكرة عفا عليها الزمن ولا تعترف بالأزواج غير المتزوجين، لذا طلبت من الناخبين الموافقة على هذين التغييرين.

وكان التصويت الأول يتعلق بقسم من الدستور يلتزم بحماية الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع. طُلب من الناخبين التصويت لإزالة الإشارة إلى الزواج باعتباره "أساس الأسرة" واستبداله ببند ينص على أن الأسرة "يمكن تأسيسها عن طريق الزواج أو عن طريق علاقات دائمة أخرى".

التغيير الثاني هو حذف الإشارة حول دور المرأة في المنزل كداعم أساسي للحكومة، وكذلك حذف عبارة "لا يجوز إجبار الأمهات على العمل بسبب الضرورة الاقتصادية على حساب عملهم الأساسي وإهمال واجباتهم في المنزل." يضيف التعديل بندًا ينص على أن الحكومة ستحاول دعم "توفير الرعاية من قبل أفراد الأسرة لبعضهم البعض"[1].

 ما هي النتائج؟

النتائج كانت بالرفض القاطع بنسبة 67 في المائة لتعديل قانون الأسرة، مقارنة بـ 32 في المائة صوتوا بنعم على التعديل، ورفض 74 في المائة تعديل قانون الرعاية، مقارنة بـ 24 في المائة صوتوا بنعم له. وبلغت نسبة المشاركة 44 بالمئة. لقد كان فشلًا ذريعًا وفادحًا ليس فقط للحكومة، بل للمؤسسة السياسية بأكملها. وبشكل خاص، رحبت جميع الأحزاب المعارضة للحكومة والمؤسسات المدنية تقريباً بهذا الاستفتاء ودعمته[2].

المستقبل؟

لقد كان هذا الإجراء بمثابة ضربة قوية لحكومة السيد وردكار، وقال إنه يجب أن يتعلم من هذا الحادث ويسعى إلى تحسين الوضع. لكنه يعلم جيداً أيضاً أنه لن يكون هناك مكان في حكومته لإجراء هذا الاستفتاء مرة أخرى، وقد تتمكن الحكومة المقبلة من القيام بذلك. كما ذكر أن هذا الحادث كان بمثابة رسالة مهمة له ولحكومته، وأنه يحاول المساعدة في تحسين هذا الوضع والتغلب عليه من خلال إجراء التغييرات[3]. لأن هذا الحدث سيشكل ضغطاً على الحكومة ويمكن لأحزاب المعارضة والتيارات المتطرفة استغلال فشل الحكومة وتهيئة الظروف للفوز بالمنافسات المقبلة.

وبالإضافة إلى هذه الحادثة، يجب الانتباه إلى عدة نقاط مهمة، أحدها أن نسبة المشاركة كانت أقل من المتوقع، وهذا يدل على استياء الشعب من أداء الحكومة، وأيضا مواقف السيد رئيس مجلس الوزراء في تخويف الناس والاحتجاج عليهم، ولكن لم يكن لها أي تأثير. ويرى السيد وردكار أنه لا ينبغي للحكومة أن تتدخل في تكاليف الحماية والرعاية وأن هذه قضية عائلية، الأمر الذي خلق موجة من الذعر والقلق في الأسر. لأن الكثير من الأسر التي لديها فرد معاق أو مريض تعتمد على نفقات الرعاية الحكومية، وإذا تم رفع الدعم الحكومي عنها فإنها ستواجه مشاكل كثيرة. في الواقع تحاول الحكومة التنصل من واجباتها في مجال حقوق الإنسان، وإذا صوت الشعب لصالحها، ستواجه الطبقات المدعومة من الحكومة تحديات وصعوبات جديدة. ولذلك، تعامل شعب أيرلندا مع هذا الاستفتاء بنظرة وطنية وإيثارية واهتم بالصالح العام.

بالإضافة إلى ذلك، المجتمع الأيرلندي هو مجتمع كاثوليكي تقليدي وعلى الرغم من التغييرات الواسعة فيه، فقد تم الحفاظ على بنيته. لقد سعى هذا الاستفتاء إلى تغيير مفهوم الأسرة ومكانتها، ويبدو أنه كان لصالح تيارات وفئات معينة أكثر منه لصالح تعزيز الأسرة. في الواقع هذا الطرح أخاف الناس، لقد كانوا خائفين إلى حد ما من التعرض للغش والخداع دون أن يعرفوا بالضبط الكلمات والمفردات المقترحة في الاستفتاء، لذلك صوتوا ضده.

وعلى الحكومة الأيرلندية، وهي تعرف آراء شعبها فيما يتعلق بقضية المرأة والأسرة المهمة، أن تتجه نحو إصلاحات أكثر جدية ومزيد من الدعم للأسرة، وليس مجرد البحث عن مظهر دعم المرأة على أساس اللعبة الإعلامية. إن الإصلاحات الصحيحة، والاهتمام بالمطالب الرئيسية وتحسين ظروف النساء والأسرة، هي الإجراءات التي يمكن لحكومة هذا البلد اتخاذها لإصلاح صورتها في نظر الجمهور.

امین مهدوی

[1] euronews.com

[2] apnews.com

[3] theguardian.com