تأثير الغرب على عملية السلام بين يريفان وباكو

منطقة القوقاز، ونظراً لوقوعها في منطقة استراتيجية من العالم، جعلها مركز ثقل وحلقة الوصل بين شرق وغرب وشمال وجنوب العالم، ولوقوعها بين المناطق الاستراتيجية مثل منطقة هارتلاند وريملاند، ومن ناحية أخرى، الجوار مع روسيا، أعطاها أهمية كبيرة. إن مثل هذا الاكتشاف لموارد الطاقة الغنية في هذه المنطقة بعد نهاية الحرب الباردة قد حول أنظار القوى العظمى نحو هذه المنطقة.

مارس 20, 2024 - 10:33
تأثير الغرب على عملية السلام بين يريفان وباكو
تأثير الغرب على عملية السلام بين يريفان وباكو

منطقة القوقاز، ونظراً لوقوعها في منطقة استراتيجية من العالم، جعلها مركز ثقل وحلقة الوصل بين شرق وغرب وشمال وجنوب العالم، ولوقوعها بين المناطق الاستراتيجية مثل منطقة هارتلاند وريملاند، ومن ناحية أخرى، الجوار مع روسيا، أعطاها أهمية كبيرة. إن مثل هذا الاكتشاف لموارد الطاقة الغنية في هذه المنطقة بعد نهاية الحرب الباردة قد حول أنظار القوى العظمى نحو هذه المنطقة.[1] ولذلك فإن منطقة جنوب القوقاز حساسة للغاية ومهمة واستراتيجية من وجهة نظر الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية في هذه المنطقة.

وهناك قضايا مهمة مثل؛ دور تركيا في أزمات منطقة القوقاز، والصراعات المتتالية بين أذربيجان وأرمينيا، والدور الذي يمكن أن تلعبه روسيا في معادلات جنوب القوقاز، ووجود النظام الصهيوني والجهود غير المباشرة لحلف شمال الأطلسي، كما يشكل تدخل الغرب (أوروبا والولايات المتحدة) في هذه المنطقة جزءاً مهماً بل هو أحد أهم المواضيع التي شهدتها منطقة القوقاز.

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، باعتبارها إحدى الدول التي لها مصالح في هذا الموقع الجغرافي، تؤكد دائما على الحفاظ على الأمن والاستقرار في جنوب القوقاز [2]. وبعد الاتفاقات الأخيرة بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا لتسليم كاراباخ إلى باكو، والتي أدت إلى تخفيف جزئي للتوترات في القوقاز، تحاول دول المنطقة الآن تجنب الأزمات المحتملة في المستقبل من خلال المحادثات الدبلوماسية. وفي هذا الصدد عقد الاجتماع الأول لوزراء خارجية صيغة 3+3 بحضور "سيرغي لافروف" و"هاكان فيدان" و"جيحون بيراموف" و"أرارات ميرزويان" لوزراء خارجية روسيا وتركيا وجمهورية أذربيجان وأرمينيا واستضافهما الوزير حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيرانية في طهران، وذلك تماشيا مع حل القضايا الإقليمية من خلال المساعي والآليات الإقليمية، تحت عنوان "مرحلة السلام والتعاون والتقدم في جنوب القوقاز؛ الاجتماع الثاني للآلية الإقليمية 3+3". إن صيغة 3+3 التي تصر عليها إيران تشمل ثلاث دول في جنوب القوقاز (أذربيجان وأرمينيا وجورجيا) وثلاث دول مجاورة لهذه المنطقة هي روسيا وتركيا وإيران.[3]

. ومن نقاط قوة هذه الخطة أنها تمنع وجود ونفوذ القوى الإقليمية وتسرع عملية السلام في هذه المنطقة.

لكن المشكلة هي أن القوى من خارج المنطقة مثل فرنسا خلقت مخاوف بشأن عملية السلام من خلال بيع الأسلحة والعقود العسكرية مع هذه البلدان. في الآونة الأخيرة، أبرمت فرنسا اتفاقية أسلحة مع أرمينيا وأرسلت معدات إلى هذا البلد، الأمر الذي قوبل بقلق الدول المجاورة لأرمينيا باكو. لكن فرنسا أكدت موافقتها على عملية السلام وأن الاتفاقيات وصفقات الأسلحة هي لأغراض الدفاع ولعدم زيادة التوتر وتعطيل عملية السلام.

لكن يبدو أن فرنسا تتطلع إلى أهداف أكثر من اقتصادية من هذه الاتفاقية وتشتمل :

 1. زيادة نفوذ وتعزيز النزعة العسكرية في منطقة القوقاز

 2. السعي لتحقيق هدف الغرب الخفي المتمثل في تحسين العلاقات مع أرمينيا (النفوذ في المنطقة ضد روسيا)

 3. تعزيز المواقف المناهضة لروسيا

وبالنظر إلى هذه المسألة، ينبغي القول إن دول اقليمية و التي هي في الواقع تمثل الغرب ضد روسيا، ليست مستعدة أبداً لفقد نفوذها في منطقة القوقاز، وبالتالي فإن مفاوضات السلام بين ممثلي أرمينيا وأذربيجان لا تزال قائمة و لا تتم من الفراغ وتحاول كل من روسيا والغرب التأثير على عملية محادثات السلام.

وتظهر تصرفات أرمينيا أيضًا أن هذا البلد يبحث عن ضمان و دعم أجنبي أكثر من بحثه عن السلام. منذ بداية عام 2024، ما رأيناه هو أن السلطات الأرمينية كثفت اتصالاتها الدبلوماسية مع الدول الغربية بشكل كبير. في الواقع، يسعى نيكول باشينيان إلى الحصول على ضوابط وتوازنات ضد النفوذ الروسي من خلال الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي. [4]

وبشكل عام، لا بد من القول إنه ينبغي على يريفان وباكو توخي الحذر حتى لا تؤدي هذه التطورات إلى التوتر والحرب في المنطقة مرة أخرى. لأنه إذا لم تهتم هاتان الدولتان بكيفية تعاملهما واتفاقاتهما ولم تسعيا من أجل السلام، فسنشهد استمرار المنافسات غير البناءة والمعقدة في القوقاز، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة التوتر في هذه المنطقة. ولكن إذا تمكنت أذربيجان وأرمينيا من إزالة العقبات التي تعترض عملية السلام والتوقيع على اتفاق السلام الحقيقي ووضع اللمسات النهائية عليه، فيمكنهما حينها التركيز على القضايا الأكثر أهمية والأساسية لبلدهما، أي النمو الاقتصادي والتنمية، وخلق مستقبل أفضل لبلدهما في ظل السلام ومعاملة حسن الجوار مع جيرانهم.

حکیمه زعیم باشی


1.       جایگاه ژئوپلتیک قفقاز در سیاست قدرت های منطقه ای و فرامنطقه ای/ حیدری غلامحسین/ نشریه: تحقیقات سیاسی و بین المللی.

2.        https://www.isna.ir/news/1401122417574/

3.        https://www.javanonline.ir/fa/news/1193726/

4.       https://russiancouncil.ru/analytics-and-comments/analytics/armeniya-i-azerbaydzhan-uskolzayushchiy-mir/