بولندا وصداقتها الجديدة مع الاتحاد الأوروبي؟
توجه الشعب في بولندا إلى صناديق الاقتراع في واحدة من أهم الانتخابات التي شهدتها بلادهم وحتى أوروبا كلها، وذلك في يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول، وحققوا أكبر مشاركة تاريخية في هذا البلد بنسبة مشاركة 75% حيث تشير نتائج الانتخابات إلى تفوق ضعيف لحزب القانون والعدالة (السيادة والقانون) الحاكم بحصوله على 35% من الأصوات و194 مقعداً في مجلس النواب، إلا أن هذا الحزب يحتل المركز الثاني في انتخابات مجلس الأعيان أو مجلس الشيوخ مع 34 مقعداً، بعد التحالف الأخير المكون من ثلاثة أحزاب، الحزب الليبرالي و حزب الخُضر والمحافظين الذين حصلوا على 41 مقعداً في مجلس النواب، وللحصول على الأغلبية، يجب أن يكون هناك 231 مقعدًا على الأقل، وفي مجلس الشيوخ، يلزم 51 مقعدًا للحصول على الأغلبية فيه أيضاً.
توجه الشعب في بولندا إلى صناديق الاقتراع في واحدة من أهم الانتخابات التي شهدتها بلادهم وحتى أوروبا كلها، وذلك في يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول، وحققوا أكبر مشاركة تاريخية في هذا البلد بنسبة مشاركة 75% حيث تشير نتائج الانتخابات إلى تفوق ضعيف لحزب القانون والعدالة (السيادة والقانون) الحاكم بحصوله على 35% من الأصوات و194 مقعداً في مجلس النواب، إلا أن هذا الحزب يحتل المركز الثاني في انتخابات مجلس الأعيان أو مجلس الشيوخ مع 34 مقعداً، بعد التحالف الأخير المكون من ثلاثة أحزاب، الحزب الليبرالي و حزب الخُضر والمحافظين الذين حصلوا على 41 مقعداً في مجلس النواب، وللحصول على الأغلبية، يجب أن يكون هناك 231 مقعدًا على الأقل، وفي مجلس الشيوخ، يلزم 51 مقعدًا للحصول على الأغلبية فيه أيضاً [1].
والأمر الواضح هو أن أياً من التيارين الرئيسيين لم يتمكن من الوصول إلى الأغلبية، على الرغم من أن التحالف المكون من ثلاثة أحزاب برئاسة السيد تاسك يأمل في تشكيل حكومة ائتلافية بمساعدة اليسار وحزب الطريق الثالث. إلى جانب ذلك، هناك نقطة أخرى مهمة وهي أن كلا الحزبين يعتبران نفسيهما الفائزين في الانتخابات ويعتقدان أنهما قادران على تشكيل حكومة ائتلافية بأغلبية أعضائهما. ومن المرجح أن يمنح الرئيس "دودا" أولا حزب القانون والعدالة بقيادة ياروسلاف كاتشينسكي الفرصة لتجربة حظه والبدء في تشكيل حكومة جديدة، وإذا فشل، فسيكون الدور على تحالف الأحزاب الثلاثة برئاسة دونالد تاسك.
لماذا كانت الانتخابات مهمة بالنسبة لأوروبا؟
بولندا، الدولة الأكبر في الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، وقد تحولت بسرعة إلى قوة اقتصادية وعسكرية. وكان النمو الذي شهدته البلاد منذ الإطاحة بالشيوعية في عام 1989 مذهلاً. منذ انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004، توسع الاقتصاد البولندي بشكل أسرع من معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مما جعلها سادس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي مع واحدة من أدنى معدلات البطالة. وأصبحت البلاد أيضًا مركزًا رئيسيًا للتكنولوجيا: هذا العام، أعلنت شركة إنتل أنها ستستثمر 4.6 مليار دولار في مصنع للرقائق بالقرب من فروتسواف. وفي عام 2022، أعلنت جوجل أنها ستعزز وجودها في وارسو من خلال استثمار 700 مليون دولار، وهو ضعف العام السابق، وتتطلع إلى التوسع في البلاد أكثر. وعلى عكس العديد من دول أوروبا الغربية، فقد استفادت بولندا من ازدهارها وتقدمها في الاستثمار في تقنيات الدفاع: فهي تنفق حالياً أكثر من 2% من متطلبات الناتج المحلي الإجمالي لحلف شمال الأطلسي في مجال الدفاع (وهو التزامٌ لا يفي به سوى 11 عضواً في حلف شمال الأطلسي)، ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق الدفاعي فقد وصلت هذه النفقات هذا العام إلى أربعة بالمائة. كما استثمرت الحكومة في أحدث المعدات العسكرية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية الصنع ودبابات أبرامز وطائرات مقاتلة من طراز F-35، وتتطلع إلى أن تصبح إحدى القواعد العسكرية الرئيسية لحلف شمال الأطلسي.[2]
بالإضافة إلى هذه القضية، تجدر الإشارة إلى التوسع الكبير لليمين المتطرف في أوروبا، وقد شمل بولندا أيضًا. وأظهرت هذه الانتخابات أن اليمين المتطرف لا يزال من الممكن أن يشكل تحديًا لأوروبا، لكن فوزهم الهزيل، والذي يعتبر وفقًا للعديد من الخبراء فاشلاً، يمكن أن يكون بمثابة أخبار مشجعة للاتحاد الأوروبي، وعلى الأقل يؤجل التحدي المتمثل في انفصال بولندا عن الاتحاد الأوروبي لمدة 4 سنوات.
بولندا في قسمين؟
يبدو أن القضية التي أهملها الخبراء الغربيون هي تشتت أصوات شعب بولندا وانقسامها، وهو ما يمكن أن يُظهر بوضوح الاختلاف في رأي الناس في شرق هذا البلد وغربه. وهذا الاختلاف في الرأي، الذي يمكن أن يصبح تحدياً مهماً، لا ينبغي أن يُنسى، ولا ينبغي لفرحة أنصار الاتحاد الأوروبي بهزيمة الحزب الحاكم أن تنسيهم التحديات التي تواجه هذا البلد.
وفي تفحص نتائج الانتخابات في شرق بولندا، الواقعة في المناطق الحدودية مع أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا، صوتوا لصالح حزب العدالة والقانون ووافقوا على سياساته. ويبدو أنهم عاشوا المصاعب والخوف من الحرب أكثر من مواطنيهم، وبالتالي كانوا متحالفين مع سياسات الحزب الحاكم. إلى جانب ذلك، فإن المناطق الغربية، التي كانت بعيدة عن التحديات المباشرة المتمثلة في اللاجئين والحرب، صوتت لصالح الاتجاه المعاكس وتتطلع إلى مزيد من الرخاء من خلال التعاون مع الاتحاد الأوروبي.
وتظهر هذه النتائج بوضوح أن بولندا ربما تواجه تحديا كبيراً في الفترة المقبلة، خاصة أن قسماً من الناخبين صوتوا للمعارضة بسبب التضخم والوضع الاقتصادي المتدني، ويأملون أن تتراجع المشاكل الاقتصادية مع صعود وتحسن اليورو الأوروبي. ولكن إلى جانب هذا السخاء الذي يبديه الاتحاد، يتعين على بولندا أن تذعن لمطالب أوروبا، مثل قبول المهاجرين أو القوانين التي تنص على حقوق المثليين جنسياً والمتحولين جنسياً. وفي بلد مثل بولندا، حيث تنتشر التقاليد الدينية المسيحية على نطاق واسع، فإن هذه التدابير لن تكون سهلة بلا شك بالنسبة لحكومة يرأسها السيد تاسك، ويتعين عليه أن يجهز نفسه لفترة مليئة بالتحديات والأحداث. و يجب أن نرى ما إذا كان شعب بولندا سينجذب إلى قطبية ثنائية مستمرة، في حال كون البلاد قريبة من الغرب سيجلب لهم أشياء جيدة تكون في صالحهم، أو ما إذا كانت تحدياتهم مع جيرانهم الشرقيين ستزداد وسيتجه شعب هذا البلد مرة أخرى لصالح اليمين.
[1] politico.eu
[2] foreignaffairs.com