الإمارات و العلاقة مع الكيان الصهيوني

في بيانٍ لم يفاجىء الكثيرين أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية موقفها بشأن الأحداث الأخيرة في غزة معلنةً أنها ضد الهجوم الذي قامت به قوات المقاومة الفلسطينية وفصائل حماس المسلحة. حيث جاء في بيان وزارة الخارجية الإماراتية: "تمثل هجمات حماس ضد المواطنين الإسرائيليين تصعيدًا خطيرًا. نشعر بالاشمئزاز من التقارير التي تفيد باختطاف مواطنين إسرائيليين من منازلهم واحتجازهم كرهائن. يحق للمواطنين الحصول على الحماية وفقًا للقانون الدولي".

اکتوبر 23, 2023 - 15:39
الإمارات و العلاقة مع الكيان الصهيوني
الإمارات و العلاقة مع إسرائيل

في بيانٍ لم يفاجىء الكثيرين أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية موقفها بشأن الأحداث الأخيرة في غزة معلنةً أنها ضد الهجوم الذي قامت به قوات المقاومة الفلسطينية وفصائل حماس المسلحة. حيث جاء في بيان وزارة الخارجية الإماراتية: "تمثل هجمات حماس ضد المواطنين الإسرائيليين تصعيدًا خطيرًا. نشعر بالاشمئزاز من التقارير التي تفيد باختطاف مواطنين إسرائيليين من منازلهم واحتجازهم كرهائن. يحق للمواطنين الحصول على الحماية وفقًا للقانون الدولي". [1]

إذاَ وتحت عنوان عريض "هجوم حماس ضد الإسرائيليين - تصعيد خطير" أدانت الإمارات هجوم المقاومة على اسرائيل، ونسيت إن الشعب في غزة يعاني من حصار شديد وقد راح عشرات الشهداء أثناء محاولات الدفاع عن أنفسهم وعن أرضهم ومقدساتهم.

بالطبع الجميع يعلم أنه بعد اتفاقية التطبيع بين النظام الصهيوني ودولة الإمارات والتي تم التوقيع عليها برعاية البيت الأبيض وبحضور ترامب عراب الإتفاقيات الإبراهيمية، أصبحت دولة الإمارات الدولة الأولى التي طبعت مع إسرائيل حيث نصت الاتفاقية بين الطرفين على نقاط أبرزها :

تطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل.
تبادل السفارات والسفراء.
إطلاق رحلات جوية مباشرة بين أبو ظبي وتل أبيب ومنح المسلمين إمكانية أكبر للوصول إلى المسجد الأقصى في القدس القديمة، من خلال السماح برحلات طيران مباشرة من أبو ظبي إلى تل أبيب.
الاستثمار المباشر للإمارات في إسرائيل وتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات السياحة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا.
الاستثمار في قطاعات الطاقة والمياه والرعاية الصحية والثقافة والبيئة.

وهكذا بدأت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل تعتبر الإمارات العربية المتحدة والعلاقة بينهما هي نموذج تسعى لتطبيقه مع أغلب الدول العربية وإبراز إيجابيات هذا الإتفاق ومحاسنه لتضم أكبر عدد ممكن من الدول المطبعة في المنطقة، فكان التركيز على العلاقة مع الإمارات وتقوية وتعزيز الوضع الإقتصادي فيها لتشجيع أكبر وأضخم الشركات العالمية للإستثمار في دولة الإمارات، هذا من جانب، أما من جانب آخر فيمكننا تقييم الوضع من وجهة نظر أهل الإمارات أنفسهم حيث يقول "حمد الشامسي" وهو نائب رئيس الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع والمدير التنفيذي لمركز مناصرة معتقلي الإمارات: " لقد كان رد الفعل الصامت في الداخل على تطبيع الإمارات مع إسرائيل مؤشرًا على نجاح الحكومة الإماراتية في خلق ثقافة الخوف بين شعبها وإسكات أي معارضة." [2]

على سبيل المثال، تنص المادة 166 من تعديل 2016 لقانون العقوبات على ما يلي: "يعاقب بالسجن المؤبد كل من قام عمدًا بعمل ضد دولة أجنبية من شأنه الإساءة للعلاقات السياسية أو تعريض مواطني الدولة أو موظفيها أو أموالها أو مصالحها لخطر أعمال انتقامية".

في حين تروّج الحكومة الإماراتية روايتها حول التطبيع مع إسرائيل تحت شعار "التسامح"، ولا يمكنها أن تتسامح مع أي شخص ينتقد أو يعارض سياساتها، حتى بشكل سلمي. ومع ذلك، يمكن للسلطات الإماراتية أن تتسامح بطريقة ما مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وانتهاكاته المستمرة ضد الفلسطينيين. فأي نوع من التسامح هذا؟

بالنسبة لدولة الإمارات فإن العلاقة القائمة بينها وبين إسرائيل ليست جديدة ولم تبدأ مع توقيع الإتفاقية الإبراهيمية بل كانت هناك قنوات تواصل سرية بين الحكومتين على مستوى رجال الأعمال و زيارات رفيعة المستوى لشخصيات حكومية ومخابراتية وأمنية وبطبيعة الحال مهدت تلك الزيارات عبر الطرق اللامعلنة الطريق إلى استمرار هذه العلاقة السرية بشكل رسمي ومعلن وبرعاية أمريكية تعهدت فيها الإمارات باستمرار العلاقة وتطويرها على مختلف الأصعدة وخاصة الإقتصادية والتجارية.

العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات

شهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إسرائيل والإمارات الزخم الأكبر بين الدول التي تسعى إلى التطبيع مع إسرائيل. وحتى قبل إبرام الاتفاقيات، كانت التجارة بين إسرائيل ودول الخليج، بما فيها الإمارات، تقدَّر بنحو مليار دولار سنوياً، معظمها من خلال شركات تابعة مقرها في أوروبا ودول أخرى. غير أن التجارة الثنائية بين الإمارات وإسرائيل ناهزت وحدها المليار دولار في نهاية عام 2021، دون أن تشمل السياحة والاستثمار، وقال مسؤولون إماراتيون إنها قد تتجاوز تريليون دولار على مدى العقد المقبل. وفي الواقع، وقّع البلدان العشرات من مذكرات التفاهم وبدأت المفاوضات حول "اتفاقية التجارة الحرة" في تشرين الثاني/نوفمبر. [3]

وتشكّل التكنولوجيا الإسرائيلية محور اهتمام خاص لدى دول الخليج، لكن هذه الدول ترى مصلحة مشتركة في توسيع التعاون في كل مجال من الزراعة والمناخ والصحة إلى الأمن السيبراني والخدمات المالية. فبعد فترة وجيزة من إبرام الاتفاقيات، أعلنت الإمارات عن خطط لاستثمار 10 مليارات دولار "في إسرائيل ومعها" - وهي مجموعة من الأموال الخاصة والحكومية التي من المرجح أن تشمل الاستثمار في الشركات التكنولوجية الإسرائيلية الناشئة وكذلك المشاريع الكبرى. [4] ولا يزال هناك الكثير من الحديث بكثرة عن استثمارات كبيرة لصناديق الثروة السيادية الإماراتية في إسرائيل.

بالنسبة للإمارات، لقد ترافق التطبيع مع إسرائيل مع نصيبه من التهديدات المتزايدة، لكن القادة الإماراتيين أكدوا أنهم يعتبرون التطبيع مع إسرائيل جزءاً من إعادة تنظيم أوسع نطاقاً للسياسة الخارجية للإمارات مع أهداف اقتصادية وتحت عنوان "التسامح "الذي تراه فقط مع الشعب الإسرائيلي .

إن العلاقة الوثيقة بين اسرائيل والإمارات أصبحت علاقة مصالح متبادلة ولن تشكل القضية الفلسطينية أي عائق أمام تطور وتعزيز هذه العلاقة وخاصة بالنسبة للإمارات، بدلاً من أن تكون في صف العرب وهم أقلاء الذين يقفون مع الشعب الفلسطيني ويناصرون قضيته الإنسانية، تستطيع الإمارات ومن منطلق إنساني وكما هي معروفة بدعمها للقضايا الإنسانية وتدافع عن حقوق الإنسان أن تكون قضية فلسطين على رأس أولوياتها لو من الناحية الإنسانية والدعم الإنساني على الأقل ولكنها تخشى أن يُسجل لها موقف مناهض للكيان الصهيوني.

د. حسام السلامة


[1] https://2h.ae/qhAF

[2] dawnmena.org/ar/كيف-تقمع-الإمارات-انتقادات-التطبيع-مع

[3] https://2h.ae/AEjE

[4] https://2h.ae/jcbA