خط من الإمارات إلى حيفا.. هل سيتم فصل المسار البري عن المسار السياسي لإنجاز الطريق؟

خط من الإمارات إلى حيفا.. هل سيتم فصل المسار البري عن المسار السياسي لإنجاز الطريق؟

يوليو 12, 2023 - 08:18
خط من الإمارات إلى حيفا.. هل سيتم فصل المسار البري عن المسار السياسي لإنجاز الطريق؟
خط من الإمارات إلى حيفا.. هل سيتم فصل المسار البري عن المسار السياسي لإنجاز الطريق؟

ما زال الكيان الإسرائيلي يبحث عن فرص يحاول فيها الحصول على شرعية لوجوده في الوسط العربي، على أرض فلسطين، وذلك من خلال سعيه إلى التطبيع مع الدول المحيطة بفلسطين، وبعدها محاولته الارتباط بتلك الدول باتفاقيات تجارية واقتصادية واستخباراتية وأمنية، وغيرها.

وقع الكيان الإسرائيلي في 15 سبتمبر 2020 في واشنطن اتفاقا لإقامة علاقات دبلوماسية مع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحضوره.

ونشر محمد بن زايد في إعلانه على تويتر حول الاتفاق أنه سيوقف الضم الإسرائيلي لمناطق غور الأردن من الضفة الغربية.(1)

وتطورت العلاقة بين الكيان الإسرائيلي والإمارات على صعيد التجارة والأمن والاستخبارات والتعاون التكنولوجي وغير ذلك، ما حدا بمسؤولي الكيان لاقتراح خطة لإنشاء طريق بري يربط الإمارات بالأراضي المحتلة.

وفي 26 أكتوبر / تشرين الأول 1994 وقع الأردن والكيان الإسرائيلي اتفاق سلام عرف باتفاق "وادي عربة" وفيه تم إنهاء حالة الحرب بين الجانبين وتطبيع العلاقات.

خطة الطريق البري

ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، الجمعة، أن الكيان الإسرائيلي عرض على الولايات المتحدة خطة لإنشاء طريق بري يربط دول الخليج الفارسي بموانئه في خطوة يرى البعض أنها تأتي للالتفاف على الدول الرافضة للتطبيع أو الانخراط باتفاقية إبراهيم من بوابة اقتصادية.

وقالت الصحيفة: "تدفع إسرائيل والولايات المتحدة بهدوء خطة سرية طموحة لإنشاء جسر بري يربط الإمارات العربية المتحدة، عبر المملكة العربية السعودية والأردن، بالموانئ الإسرائيلية".

وأوضحت الصحيفة أن لهذا الجسر البري فوائد عدة منها أنه مخصص لتصدير البضائع من الشرق إلى أوروبا عبر الأراضي المحتلة، إضافة إلى التنقل السياحي، وسيمكن هذا الجسر الشاحنات من نقل البضائع مع تقليل التكاليف والوقت بشكل كبير مقارنة بالوضع الحالي.(2)

فوفقا لدراسة أجرتها خارجية الكيان الإسرائيلي والحكومة الأمريكية، يُقدر تقليل الوقت من 2 ـ 3 أيام إلى عدة أسابيع، وتوفير ما يصل إلى 20 بالمئة في تكاليف الشحن، التي تختلف بحسب البلد والشحنة وكمياتها ونوعها، إذ إنه في الوقت الحالي، تصل الشاحنات التي تغادر الإمارات إلى ميناء حيفا عبر جسر اللنبي (جسر الملك حسين بين الأردن والضفة الغربية) لكنها تواجه إجراءات بيروقراطية، بما في ذلك تغيير السائقين والأوراق وفترات الانتظار الطويلة.

فتبدو الغاية تمكين وصول شاحنة وسائق واحد من دبي إلى ميناء حيفا، دون تغيير السائقين والشاحنات عند المعابر الحدودية بين الدول.

وترى سلطات الكيان أن الخطة مشروع بنية تحتية عابر للحدود سيبدأ في الإمارات، ويمر عبر السعودية وينتهي في موانئ فلسطين البحرية، وسوف تتوسع في وقت لاحق إلى البحرين وسلطنة عمان.

وقالت الصحيفة إنه وفقا للخطة، سيخدم الجسر البري في نهاية المطاف أغراض السياحة والسفر، وسيعمل المشروع على تعزيز التواصل بين الكيان الإسرائيلي ودول المنطقة في مجالات النقل والبنية التحتية والمعلومات.

وأكدت أن الجانب الأمريكي حاول الترويج لفكرة ربط دول الخليج الفارسي بـ"إسرائيل" عن طريق خط سكة حديد، لكن وجدوا أن هذا الخط سيستغرق وقتا أطول وفضلوا العمل على ترويج مشروع الربط البري لكون فترة إنشائه أسرع.(3)

لماذا السعودية؟

ويشمل الخط البري المقترح السعودية، وذلك يأتي لسبب مباشر مرتبط بالجغرافيا، إذ إن مسار هذا الخط سيمر حتماً بالأراضي السعودية نظراً لتعذر مروره من مكان آخر، لكن لمسؤولي الكيان غايات أخرى لإدخال السعودية في هذا المسار.

يحاول الإسرائيليون بكل السبل تطبيع العلاقات مع الجانب السعودي، وذلك لأسباب عديدة تصب في مجملها في مصلحة الجانب الإسرائيلي، لذا كثيرا ما يتحدث رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومسؤولون آخرون بينهم وزير الخارجية إيلي كوهين، عن قرب التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية.

فقد قال رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: إن التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية يعد حدثا أو تغييرا تاريخيا. وهذا الحدث التاريخي نابع من وجهة نظر مسؤولي الكيان لأن التطبيع مع السعودية سيكون قفزة نوعية ومختلفة إلى الأمام، باعتبار المملكة الدولة العربية الأكثر نفوذا في العالمين العربي والإسلامي.

وأكد نتنياهو أن هناك فرصة كبيرة لتعزيز السلام في المنطقة وتعزيز رفاهية شعوبها من خلال التطبيع، مشيراً إلى أن سلطات الكيان حققت فعليا، منعطفات تاريخية حينما وقعت على 4 معاهدات سلام مع دول عربية، فيما يسمى باتفاقات إبراهام، مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، ومضيفا أن هذا التطبيع سيرسم الطريق لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، بل سيجد حلا للقضية الفلسطينية.(4)

من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي: سنلعب دورا أساسيا لتعميق وتوسيع التطبيع مع "إسرائيل".

وأعلنت السعودية، في يوليو الماضي، إنها ستفتح مجالها الجوي أمام جميع الخطوط الجوية، الأمر الذي يفسح المجال لتحليق مزيد من الرحلات من وإلى الأراضي المحتلة، في قرار رحبت به الولايات المتحدة.

لكن الرياض بقيت على موقفها الذي أكدته مرارا بأن تطبيع العلاقات مع تل أبيب مرهون بتطبيق مبادرة السلام العربية، التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، عام 2002، والتي تنص على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في تصريحات مؤخرا أن بلاده لن تقوم بالتطبيع مع إسرائيل من دون إقامة دولة فلسطينية.

كما قال: إننا نؤمن بأن التطبيع مع إسرائيل سيفيد الجميع ولكن بدون سلام للفلسطينيين فإن فوائد التطبيع ستكون محدودة، مؤكدا على ضرورة الاستمرار في جهود توفير السلام للفلسطينيين.(5)

يجب النظر في سياق التحديات التي يطرحها على مستقبل الوضع العربي، إذ إن الرهانات الإسرائيلية المعقودة على التطبيع من دون أي ثمن سياسي، والإمساك بغالبية خطوط نقل النفط والغاز، تدفع إلى الجزم أن الرؤية الإسرائيلية هذه تهدف إلى تحقيق تغييرات عميقة في الجغرافيا السياسية للأعمال على مستوى المنطقة.

ختاماً يمكن القول إن التوترات السياسية التي خلقتها سياسات حكومة نتانياهو والسياق السياسي الجديد الذي فتحه الاتفاق الإيراني السعودي قد لا يجعلان حالياً من هذا المشروع أولوية على جدول أعمال الإمارات والسعودية المعنيّة بشكل مباشر بهذه المشاريع التي ستمر في أراضيها. فهل سيتم فصل المسار البري عن المسار السياسي لإنجاز الطريق، أم ستبقى أفكار قادة الكيان الإسرائيلي ومحاولاتهم غير مجدية؟

 مجد عيسى

 

المصادر:

1- https://cutt.us/yHRFM

2- https://cutt.us/9pWfi

3- https://cutt.us/bcZPc

4- https://cutt.us/PWWOb

5- https://cutt.us/AtHmL