الركود المالي هو محصلة الحرب بالنسبة لأوروبا؟

الركود المالي هو محصلة الحرب بالنسبة لأوروبا؟

يونيو 23, 2023 - 08:34
الركود المالي هو محصلة الحرب بالنسبة لأوروبا؟
الركود المالي هو محصلة الحرب بالنسبة لأوروبا؟

عانت أوروبا التي كانت سابقاً تواجه تحديات كبيرة للحفاظ على استقرارها الاقتصادي ونموها في فترة ما بعد انتشار فايروس كوفيد 19 وتوقف اقتصاد الصين، من وضع صعب جداً، و أتت بعدها أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب في أوكرانيا. وحالياً الوضع أكثر هشاشة لإدارة الوضع الاقتصادي والمالي هناك، ويجب على السياسيين وصناع القرار أن يكونوا أكثر حرصًا في قراراتهم حتى لا يدخلوا في الركود المالي. لكن وفقا للتوقعات المتشائمة لصندوق النقد الدولي، فقد حدث هذا فعلاً. لقد دخلت أوروبا الأزمة المالية في النصف الثاني من عام 2023 وأصبحت الظروف المعيشية للأوروبيين أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

على الرغم من الدعم الحكومي و مضي الشتاء الدافئ، تمكنت شعوب أوروبا من التغلب على الضغوط التضخمية لبداية الحرب إلى حد كبير والهروب من الركود الشامل، [1] ولكن هذا الضغط والتضخم الحقيقي الذي كان واضحاً في مجالات الطاقة والغذاء أكثر من المجالات الأخرى كان له تأثيره على حياة الناس ونفقاتهم ، وتواجه الأسر المتنوعة معدلات تضخم مختلفة اعتمادًا على أنماط استهلاكهم حيث تنفق الأسر ذات الدخل المنخفض معظم أموالها على الغذاء والسكن، في حين أن الأسر الأكثر ثراء لديها نمط استهلاك أكثر تنوعًا. وبسبب الاختلاف في استهلاكهم واختلاف الزيادات في الأسعار بين السلع والخدمات، واجهت الأسر الفقيرة تضخمًا أعلى بكثير من الأسر الغنية في كل بلد تقريبًا في المنطقة. في الواقع كانت نسبة التضخم لدى 10 % من السكان الأكثر فقراً أعلى بنسبة 2 في المائة من 10% من السكان الأكثر ثروة وغنى، وتجاوز هذا الفارق 5٪ في بعض بلدان المنطقة مثل مولدوفا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية. [2]لذلك يمكن القول اليوم أن أوروبا تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة وقد دخلت رسميًا في حالة الركود.

هناك عدة أسباب لدخول أوروبا في هذا الركود ، من الناحية المالية لليورو ، أو قرارات البنك المركزي الأوروبي بشأن القوانين المالية والنقدية ، أو انخفاض عدد المستثمرين من القطاع الخاص في المنطقة بسبب نظرتها غير الواضحة أو رغبة المستثمرين في إنفاق رؤوس أموالهم في المشاريع الصغيرة أكثر من الصناعات الكبيرة، إلى الإجراءات والوظائف، والقرارات السياسية والاقتصادية للحكومات الأوروبية مثل العقوبات الواسعة والشاملة على روسيا والتي يتم مشاهدة آثارها بشكل جيد في الاقتصاد الأوروبي. ويبدو أن الفائزين في هذه الحرب هم الولايات المتحدة والصين، اللتان استطاعتا إبعاد اقتصاديهما عن الأزمة نسبياً حيث يؤدي استمرار التوترات مع روسيا إلى مزيد من إضعاف أوروبا في الاقتصاد وربما تؤدي إلى زيادة الفجوة بين المجتمعات الأوروبية في الدول الأوروبية أكثر من السابق. على وجه الخصوص، إن آفاق النمو الاقتصادي للعملاق الأوروبي ألمانيا، ليست واضحة للغاية ومن [3] المحتمل أن تظل هذه الدولة في حالة ركود حتى نهاية العام. هذه رسالة واضحة للألمان مما يعني أنهم سيواجهون عامًا صعبًا في المستقبل. يجب أن نرى كيف يمكن لسياسات الحكومة أن تضمن كلاً من الدعم الاقتصادي لأوكرانيا وجهود النمو الاقتصادي للتغلب على هذا الركود، لأن السبب الرئيسي لهذا الركود وفقًا للخبراء الاقتصاديين، هو اعتماد البلاد على واردات الطاقة من روسيا. ولا تزال الطرق البديلة باهظة الثمن مقارنة بروسيا، وتأثيرات تكاليف الطاقة المرتفعة واضحة تمامًا على الشركات الصغيرة. أثر هذا الضغط بشكل مباشر على حياة الناس. خاصةً إن السياسة الخضراء لمجلس الوزراء الألماني تتمثل في عدم استخدام أو العودة إلى استخدام محطات الطاقة النووية، والتي تم تعطيل معظمها تقريبًا في ألمانيا، مما يحد من قدرة الحكومة على توفير موارد الطاقة إلى حد ما.

وهناك سبب آخر لذلك، قد يكون عبء الإنفاق على اللاجئين والمهاجرين إلى القارة الأوروبية ، الأمر الذي دفع أوروبا إلى النظر في حِزَم الحوافز النقدية للدول التي تدخل أوروبا على الرغم من المشاكل المالية، مثل 1 مليار كمساعدات لتونس [4]وهو ما يوضح جيدا قلق أوروبا، التي تسعى إلى الحد من الضغوط المختلفة بما في ذلك الضغوط الاقتصادية من وجود المهاجرين وعلى استعداد لدفع ثمن باهظ لقاء ذلك.

تحتاج الحكومات الأوروبية إلى سياسات مالية صارمة وانكماشية للتغلب على هذه الأزمة المالية التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور رفاهية الناس والمزيد من المشاكل وعدم الرضا، و إلى جانب القرارات الاقتصادية علينا أيضاً انتظار قراراتهم السياسية ذات الإحتمالات الصعبة لأن النجاح الاقتصادي و عودة الازدهار تتطلب عملية جراحية صعبة في السياسة الأوروبية.

امین مهدوی

 [1] Imf.org

[2] worldbank.org

[3] Reuters.com

[4] aljazeera.com