الولايات المتحدة عامل عدم الاستقرار وانعدام الأمن في منطقة غرب آسيا

إن الأهمية الجيوسياسية والجيوستراتيجية لمنطقة غرب آسيا جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تضع خططًا دائمة لهذه المنطقة بما يتلاقى مع مخططات البيت الأبيض ومصال أمريكا. فبعد حادثة 11 سبتمبر 2001 قامت أمريكا بتوسيع وجودها العسكري في المنطقة تحت ذريعة مواجهة الإرهاب، مما أدى إلى تحول غرب آسيا خلال العقود الأخيرة إلى بؤرة للأزمات وانعدام الأمن.

سبتمبر 30, 2024 - 10:12
الولايات المتحدة عامل عدم الاستقرار وانعدام الأمن في منطقة غرب آسيا
الولايات المتحدة عامل عدم الاستقرار وانعدام الأمن في منطقة غرب آسيا

   إن الأهمية الجيوسياسية والجيوستراتيجية لمنطقة غرب آسيا جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تضع خططًا دائمة لهذه المنطقة بما يتلاقى مع مخططات البيت الأبيض ومصال أمريكا. فبعد حادثة 11 سبتمبر 2001 قامت أمريكا بتوسيع وجودها العسكري في المنطقة تحت ذريعة مواجهة الإرهاب، مما أدى إلى تحول غرب آسيا خلال العقود الأخيرة إلى بؤرة للأزمات وانعدام الأمن.

يمكن تقسيم أهداف أمريكا لوجودها في منطقة غرب آسيا إلى ثلاثة أهداف: اقتصادية وسياسية وعسكرية. في الواقع حاولت واشنطن تأمين مصالحها من خلال تحقيق أهداف اقتصادية تحت ستار الوجود العسكري، من خلال نهب موارد الدول وأهمها الموارد النفطية وجني أرباح كبيرة من بيع الأسلحة من مصانعها للدول المتصارعة.[1]

قد تؤدي التدخلات العسكرية الأمريكية في دول المنطقة إلى خلق حالة من عدم الاستقرار الواسع على سبيل المثال بعد عقدين من الاحتلال العسكري لأفغانستان قامت الولايات المتحدة بسحب قواتها من هذا البلد على الرغم من أن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في أفغانستان لم تتحسن مقارنة بما كانت عليه قبل 20 عامًا. ويشير المحللون إلى أن الوجود العسكري الأمريكي خلال هذه السنوات لم يسفر عن أي إنجازات سوى خسائر بمليارات الدولارات ومقتل عدد كبير من المواطنين الأفغان.[2]

في العراق كذلك الأمر أدى الوجود العسكري الأمريكي إلى وفاة حوالي 210 آلاف مدني عراقي بين عامي 2003 و2022 كما ساهم في نمو جماعات إرهابية متطرفة مثل داعش. ضف على ذلك فإن الهيكل السياسي للعراق قد تم تأسيسه بتدخل أمريكي على أسس أدت دائمًا إلى تفاقم الفجوات بين الجماعات السياسية والدينية، مما أدى إلى غياب الإجماع والاتحاد الوطني حول هوية موحدة وهو ما شكل بؤرة للمنازعات والتوترات في البلاد.[3]

أما في بعض الدول الأخرى في المنطقة كسورية مثلاً فقد كانت أبرز عواقب وجود الولايات المتحدة فيها هو احتلال مناطق استراتيجية واستمرار نهب الموارد النفطية لهذا البلد لتبقى بيد واشنطن وحلفائها.

من جهة أخرى دعمت الولايات المتحدة منذ زمن بعيد نفوذ المنظمات والعناصر غير الحكومية في منطقة غرب آسيا وعملت على تغيير مسارات تطوير دول هذه المنطقة عبر "الثورات الملونة".[4]

في ظل هذه الظروف ورغم أن وجود أمريكا في منطقة غرب آسيا لم يجلب سوى انعدام الأمن والازدواجية، إلا أننا نرى أن الولايات المتحدة تحاول في فترات مختلفة وبعد حدوث أي توتر إرسال مزيد من القوات إلى المنطقة رغم أن السبب الرئيسي لظهور هذه التوترات يمكن عزوه إلى الدعم اللامحدود الذي تقدمه أمريكا للنظام الصهيوني. مؤخراً أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستزيد من عدد قواتها في غرب آسيا بسبب الزيادة الملحوظة في العنف بين إسرائيل وقوات حزب الله اللبناني التي تزيد من احتمالية حدوث صراع إقليمي أوسع.[5]

خلاصة الكلام

تحتوي منطقة غرب آسيا على واحدة من أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم، وتعتبر هذه الموارد شرايين حيوية للاقتصاد العالمي خاصة للاقتصاد الأمريكي والدول الغربية. شهدت العقود الأخيرة قيام الولايات المتحدة بالتدخل عسكريًا في هذه المنطقة تحت ذريعة مكافحة الإرهابيين وزيادة وجودها العسكري تدريجيًا. الآن وفي خضم الحرب بين إسرائيل ولبنان من المتوقع أن يرتفع عدد الجنود الأمريكيين في هذه المنطقة. ويعتبر الوجود العسكري للولايات المتحدة في غرب آسيا أداة في السياسة الخارجية لها، مما يسمح لها بالاستجابة بسرعة للتحديات الإقليمية وفرض مزيد من الضغط السياسي على المعارضين لضمان استقرار حليفها النظام الصهيوني. إن الوجود العسكري الأمريكي في غرب آسيا هو أحد أكثر الأدوات الفعالة عسكرياً وسياسياً وما يزال يضمن تحقيق المصالح الاقتصادية والجيوسياسية والعسكرية-الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة.

مرضیه شریفی


[1] https://www.irna.ir/news/85458294

[2] https://www.mizanonline.ir/fa/news/4775808/

[3] https://farhikhtegandaily.com/page/163234/

[4] https://www.mehrnews.com/news/6074312

[5] https://parsi.euronews.com/2024/09/23