الوقوف على الحياد هو دعم للظالم

مع الهجمات الوحشية التي يشنها النظام الصهيوني على قطاع غزة وزيادة قتل الأرواح البريئة في هذه المنطقة، ظهرت الخلافات والانتقادات من قبل شعوب الدول العربية في الخليج الفارسي مع حكامهم. ولم يقتصر أغلب حكام هذه الدول إلا على الإدانة اللفظية للصهاينة؛ على الرغم من أن شعوب هذه الدول ترى أن على حكوماتها أن تتضامن بشكل أكبر مع الشعب الفلسطيني وأن توقف كافة أشكال وأنواع العلاقات مع إسرائيل.

نوفمبر 11, 2023 - 07:22
سبتمبر 9, 2024 - 08:32
الوقوف على الحياد هو دعم للظالم
الوقوف على الحياد هو دعم للظالم

مع الهجمات الوحشية التي يشنها النظام الصهيوني على قطاع غزة وزيادة قتل الأرواح البريئة في هذه المنطقة، ظهرت الخلافات والانتقادات من قبل شعوب الدول العربية في الخليج الفارسي مع حكامهم. ولم يقتصر أغلب حكام هذه الدول إلا على الإدانة اللفظية للصهاينة؛ على الرغم من أن شعوب هذه الدول ترى أن على حكوماتها أن تتضامن بشكل أكبر مع الشعب الفلسطيني وأن توقف كافة أشكال وأنواع العلاقات مع إسرائيل.

تختلف الدول الأعضاء الستة في مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وعمان، والكويت، والبحرين) حول الحرب الأخيرة في غزة، كما في العديد من القضايا الأخرى.

وكانت ردود الفعل الأولية مماثلة للمواقف السابقة لهذه الحكومات. وانضمت الإمارات العربية المتحدة، التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في اتفاق إبراهيم لعام 2020، إلى إسرائيل وأدانت حماس بسبب تصرفاتها، ووصفت الهجمات بأنها تصعيد خطير للتوترات.

وفي دولة المركز لهذه المجموعة، أصدرت السعودية، التي كانت تتفاوض مع الولايات المتحدة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول على الأقل حول فكرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بيانا دعت فيه الجانبين إلى خفض التوترات وحماية المدنيين. [1]

وقطر، التي تحافظ على علاقات حذرة مع إسرائيل و رفضت إقامة علاقات رسمية، ألقت باللوم على إسرائيل في تصعيد العنف ودعت إلى ضبط النفس.

لكن بعد ثلاثة أسابيع من حرب غزة، وتحت تأثير الجريمة الصهيونية وضغوط شعوب هذه الدول، تغيرت مواقف الدول العربية في الخليج الفارسي.

وحولت الإمارات تركيزها من انتقاد حماس إلى انتقاد العمليات الإسرائيلية في غزة وتعمل على زيادة المساعدات الإنسانية. محليًا، ألغت الإمارات عددًا من الأحداث لإظهار الدعم للفلسطينيين، لكن فعاليات أخرى مثل قمة الأمم المتحدة للمناخ في نوفمبر ستعقد في البلاد.

وعملت قطر كوسيط، وتمكنت، باستخدام قنوات الاتصال الخاصة بها في إسرائيل وحماس، من تحرير عدد من الرهائن والتوسط في اتفاق بين إسرائيل وحماس ومصر (بالتنسيق مع الولايات المتحدة) من شأنه أن يسمح لحاملي جوازات السفر الأجانب أو الفلسطينيين الذين هم في حالة صحية خطيرة أن يغادروا غزة.

وفي البحرين، التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020، نظم الناس مسيرة طالبوا الحكومة بإنهاء العلاقات مع إسرائيل.

    وفي العالم العربي، بما في ذلك دول الخليج العربي، هناك دعوات لمقاطعة العلامات التجارية الأمريكية مثل ماكدونالدز، مما يشير إلى الغضب المتزايد تجاه الولايات المتحدة باعتبارها الداعم الرئيسي لإسرائيل. [2]

 لكن بدلاً من إلغاء الفعاليات والمعارض تعبيراً عن التضامن مع الفلسطينيين، تتصرف حكومة المملكة العربية السعودية وكأن شيئاً لم يحدث. يعد مهرجان K-pop وحفل Fifty Cent من بين الأحداث المخطط لها في البلاد في الأسابيع المقبلة. كما دعت المملكة العربية السعودية المصرفيين والممولين من جميع أنحاء العالم إلى مؤتمر يسمى "دافوس في الصحراء".

وفي الوقت نفسه، تشعر الرياض بالقلق إزاء العواقب الداخلية التي قد تترتب على الحرب في غزة. ورغم أن المواطنين السعوديين لم يخرجوا إلى الشوارع لدعم الفلسطينيين مثل العرب في أماكن أخرى من المنطقة، فقد بقوا في منازلهم ببساطة لأنهم يخشون الانتقام ويخافون من ردة فعل الحكومة. ومع ذلك، فإن غضب الناس واضح ومحسوس بحيث بما لا يبتعد كثيراً عن توجهات الرياض. [3]

وأدانت السلطات السعودية علناً الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، ودعت إلى إنهاء الحصار ووقف فوري لإطلاق النار وتقديم المساعدات للفلسطينيين. لكن بعض الناس يقولون إنهم يتلقون إشارات مفادها أن إظهار المشاعر المؤيدة للفلسطينيين ليس موضع ترحيب كامل من قبل حكومتهم. على سبيل المثال، حمل لاعب فريق الهلال لكرة القدم العلم الفلسطيني معه في نهاية المباراة، وهو ما صاحبه رد فعل سلبي من وسائل الإعلام الرسمية السعودية.[4]

مما لا شك فيه أن تداعيات عملية طوفان الأقصى ستوقف أي مفاوضات للتطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية أو دولة أخرى في الخليج الفارسي، على الأقل في المستقبل المنظور. علاوة على ذلك، أكدت عملية طوفان الأقصى من جديد أن جميع جهود التطبيع التي تبذلها الدول العربية لا يمكن أن تحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو إحلال السلام والاستقرار في المنطقة دون مشاركة فلسطينية مباشرة. [5]

لقد دفع الوضع الحالي حكومات الخليج الفارسي، بسبب غضب شعوبها، إلى عدم الحديث عن مفاوضات تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، وفي خطابها تدعم الفلسطينيين وتدين النظام الصهيوني، لكن الشعوب من هذه الدول تعتقد أن حكوماتها يجب أن تتحرك وتدعم الفلسطينيين على نطاق أوسع؛ وإلا فإن الوضع الحالي يشبه الحياد، والحياد يساوي نصرة الظالم.

محمدصالح قربانی


[1] https://reliefweb.int/report/occupied-palestinian-territory/gaza-war-reverberates-across-middle-east

[2] https://theconversation.com/saudi-plans-to-de-risk-region-have-taken-a-hit-with-gaza-violence-but-hitting-pause-on-normalization-with-israel-will-buy-kingdom-time-215657

[3] https://www.washingtonpost.com/world/2023/10/25/uae-egypt-lebanon-leaders-israel-hamas-war/

[4] https://www.nytimes.com/2023/10/26/world/middleeast/saudi-arabia-israel-hamas-gaza-war.html

[5] https://carnegieendowment.org/2023/10/13/arab-perspectives-on-middle-east-crisis-pub-90774