المواجهة بين الصين وتايوان، هزيمة أخرى للناتو!
خلال العقود الأخيرة، اعتبرت الصين بشكل دائم تايوان جزءا من أراضيها وقد أجرت خلال السنوات القليلة الماضية العديد من التدريبات العسكرية في المناطق المحيطة بهذه الجزيرة وتراقب بشكل مستمر وضع هذه الجزيرة الواقعة في المياه الشرقية للصين.
خلال العقود الأخيرة، اعتبرت الصين بشكل دائم تايوان جزءا من أراضيها وقد أجرت خلال السنوات القليلة الماضية العديد من التدريبات العسكرية في المناطق المحيطة بهذه الجزيرة [1] وتراقب بشكل مستمر وضع هذه الجزيرة الواقعة في المياه الشرقية للصين. واستمرارًا لهذا الوضع وهذه السياسة، كان أحد الإجراءات الأساسية التي اتخذتها الصين هو الحصار الاقتصادي والعسكري لهذه المنطقة الجغرافية الصغيرة.[2]وقد يكون من الممكن التنبؤ مسبقاً، أنه بعد الإخفاقات العديدة للقوات الغربية بقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على جبهات أوكرانيا ضد روسيا والفشل العسكري الاستخباراتي الكارثي أمام قوات المقاومة الفلسطينية، إذا تحول الضغط الصيني من الحالة الحالية إلى حالة التنفيذ العملي، فمن المؤكد أن الفشل الكبير الثالث لحلف شمال الأطلسي وحلفائه سيكون مصيره.
يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه ربما تبدو سياسة الحصار أو إنشاء تدابير ثانوية للضغط على تايبيه، ظاهريًا، جزءًا من سياسة هادفة وطويلة الأمد، لكنها أظهرت كفاءتها في الممارسة العملية وتسببت في عدة مرات بمراجعة السلطات الغربية نفسها في التفكير في الحفاظ على مصالحها وتعزيزها وذلك داخل حدود تايوان. وفي هذا الشأن، صرح مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الدفاع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إيلي راتنر، بأن "حظر تايوان سيدفع حلفاء تايبيه إلى حشد طاقاتهم لمساعدة هذه الجزيرة لأن محاصرة تايوان سيكون لها تأثير اقتصادي مدمر".[3] وفي ما يلي، نذكر أن آثار هذه السياسة كانت كبيرة لدرجة أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت أصدر بيانا قال فيه: نطالب الصين بوقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية ضد تايوان.
لكن ما يخفى وراء هذه الظروف هو فشل أهداف وخطط حلف شمال الأطلسي التي تبدو ي الظاهر فقط رادعة في مجال السياسة العالمية. لأنه بعد التوقف والهزيمة المتوقعة لحلف شمال الأطلسي وحلفائه الغربيين على جبهات القتال في أوكرانيا، والهزيمة المستمرة للحليف الاستراتيجي لأمريكا في الأراضي المحتلة، أصبح الوعد بالفشل الثالث لأهداف الناتو وسياساته مسموعاً. إن التنبؤ بفشل حلف شمال الأطلسي في مواجهة الأزمات والتحديات التي تواجه أعضاء حلف شمال الأطلسي وحلفائه لن يكون بالأمر الصعب أو المعقد. في عصر النظام العالمي الجديد، واجه حلف شمال الأطلسي تحديات جديدة. ولكن المشكلة الرئيسية التي يتعامل معها حلف شمال الأطلسي هذه الأيام تتلخص في الافتقار إلى نهج ثابت وموحد بين أعضائه. والقضية التي ظهرت بوضوح في اجتماعاتهم الأخيرة هي أنهم في حالة من عدم اليقين الاستراتيجي والهام، ويجب على أعضاء الحلف الإجابة على السؤال المهم المتمثل في ما هو هدف الناتو وما الذي يجب القيام به لتحقيقه؟[4] يشير هذا السؤال المهم إلى غياب الإرادة الحاسمة في الدعم الحاسم والنهائي في مواجهة التحديات الدولية، وأهمها أزمة تايوان في مواجهة الصين. ويعتقد الخبراء العسكريون أنه عندما تحدث الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في وقت سابق من هذا العام عن حقيقة أن روسيا والصين تتقاربان مع بعضهم وأن الناتو يخشى استثمارات الصين الكبيرة وتقدمها العسكري، فإن معنى هذه الجملة هو أن الناتو يجب أن يكون على يقين من أن أصدقاءه في منطقة الهند والمحيط الهادئ يساعدونه من خلال الدعم الظاهري فقط،[5]لأن الناتو عمليا لم يقر سياسة موحدة ولم يركز القوة الرئيسية لديه لمواجهة الصين بشكل مباشر. وفي الوقت نفسه، أعرب ينس ستولتنبرغ عن قلقه بشأن مستقبل تايوان، وقال: "ما يحدث اليوم في أوروبا، كالحرب بين أوكرانيا وروسيا، يمكن أن يحدث غدًا في آسيا. وتظهر هذه الجملة التي تبدو بسيطة للأمين العام لحلف شمال الأطلسي خوف الناتو وحلفائه من المواجهة المباشرة مع الصين.
وفي النهاية تجدر الإشارة إلى أنه نظراً لظهور الصراعات والنزاعات المختلفة في العالم واحتمال اندلاع أزمات جديدة في جميع أنحاءه، يتم تشكيل تحالفات جديدة بين الدول المختلفة، والتي يمكن أن نرى فيها فشل أهداف حلف شمال الأطلسي المحددة سلفاً. وستتجلى هذه القضيي بشكل أكبر عندما ننظر إلى التصرفات المربكة وعدم نجاح حلف شمال الأطلسي وحلفائه في السنوات الأخيرة، وخاصة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك مقاومة الشعب الفلسطيني المظلوم ضد نظام احتلال القدس، و سنرى عجز وعدم فعالية هذا التحالف الغربي.
[1] https://www.theguardian.com/world/2023/sep/27/china-military-excercises-near-taiwan
[2] https://www.reuters.com/world/asia-pacific/china-says-military-held-naval-air-combat-readiness-patrol-around-taiwan-2023-08-19/
[3] https://www.atlanticcouncil.org/news/transcripts/analyzing-the-pentagons-2023-china-military-power-report/
[4] https://fa.iuvmpress.co/%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%88-%D8%AF%D8%B1-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AA%DA%A9%D9%84%DB%8C%D9%81%DB%8C-%D8%A8%D8%B2%D8%B1%DA%AF
[5] https://parsi.euronews.com/2023/02/01/nato-warning-increasing-cooperation-between-beijing-and-moscow-and-chinas-nuclear-weapons