الصراع على السلطة في طالبان!
لطالما عانت أفغانستان طوال تاريخها السياسي من سياسات غير مستقرة وسياسات فردية واستبدادية ومن القبلية العرقية أيضاً، وبعيدًا عن النظريات السياسية الحديثة والإنجازات العالمية المسيرة أو بعبارة أخرى تقاد من قبل أشخاص غير كفوئين كالحمار الذي يقود قطيع الجمال.
يؤكد التاريخ السياسي لأفغانستان هذا التوصيف؛ ففي وقت من الأوقات عاشت البلاد تحت قيادة أمراء بعيدون كل البعد عن العلم والمعرفة، وبرهةً عاشت تحت وطئة المجاهدين الذين يجهلون السياسة، ومرةً تحت مظلة الفساد والاختلاس جراء حكم الجمهوريين. والآن جلس المطالبون بالدين الإسلامي والحكومة الشرعية على العرش لتمزيق جسد الأمة وليأخذوا آخر رمق من النفوس المتعبة والمرهقة وجر البلاد إلى طريق الدمار والخراب.
إن النظام الحالي في أفغانستان يتمركز حول شخص الأمير والتفرد بحكمه، والوزراء والرؤساء والمسؤولون الكبار والصغار ملزمون جميعًا بطاعة زعيم طالبان الذي اختار لنفسه لقب "أمير المؤمنين" دون أي تردد، و إذا كان لديهم أي انتقاد فيتم طرحه بطريقة سرية وبأسلوب مهين للغاية؛ حتى لا يثير غضبه ويقضي على الشخص الذي ينتقده. لكن على الرغم من ذلك فقد مرت مرحلة أطلق فيها بعض أصحاب النفوذ في حركة طالبان تصريحات ضدها. تكشفُ التصريحات المعارضة والعلنية للوزراء الأقوياء مع هبة الله أخوندزاده عن الصراع على السلطة والاختلافات الفكرية العميقة في حكومة طالبان و تدل على الاستقطاب المبكر لنظام طالبان.
المعارضة الأخيرة لوزير الداخلية حقاني ووزير الدفاع الملا يعقوب ونائب رئيس الوزراء عبد السلام حنفي هي رمز لصراع السلطة والصراع الفكري بين كبار مسؤولي طالبان. وينتقد حقاني المتأثر بشدة بطالبان، احتكار السلطة وفرض الآراء على الناس وتحويل احتكار السلطة إلى أساس ونهج.
يقول إن المناخ الحالي في أفغانستان ذو حالة سيئة وغير مقبول ويحيط به جهازٌ ذو عقلية متفردة ومتنفعة تستغل الأمير.
حنفي يتحدث عن البنية السياسية وعولمة السياسة ولا يقبل حكومة قائمة على اجتهاد محض ويدعو إلى العودة إلى المعرفة والفكر.
كما انضم الملا يعقوب إلى مجلس "الجيرجا" الذي يضم منتقدين مخلصين لقيادة طالبان وأعرب عن آرائه بشأن ممارسات الحكومة الاحتكارية.
في بداية تولي الحكومة وضعَ "الأمير" مع شعبه الذي يشاطره الرأي أساس الحكم على " الولاء الأفغاني" تحت اسم ديوبندي الهندي واعتقدوا أنها الطريقة الوحيدة للسيطرة على المرؤوسين ولكن هذا الجيش غير مستقر، الجيش الذي عمل إلى حد ما ولكن في الآونة الأخيرة يبدو أنه بهذه الطريقة وصل إلى طريق مسدود وأولئك يعارضون وجهة النظر هذه "بالطبع في بعض الجوانب"
يقال إن هبة الله أخوندزاده يحاول إقناع المنتقدين من خلال الحوار، لكن الأدلة أظهرت أن هذه المحادثات وصلت إلى طريق مسدود واقترحت جماعة المعارضة تنحية زعيم طالبان، الأمر الذي أدى إلى توترات أعمق في هيئة السلطة في طالبان وبما أن "الأمير" غير قادر على إزاحة منتقديه في الوقت الحالي فلا بد أنه يسعى إلى حشد المزيد من القوى المؤيدة له في التفكير وتضييق المجال على المعارضة حتى تحين اللحظة المناسبة للقضاء على خصومه السياسيين.
بالطبع لا يزال من غير الممكن التحدث بشكل مؤكد، ومن الضروري معرفة الخيار الذي سيتم اختياره بين الإلغاء أوالتسوية أوالصراع ؛ بالطبع في هذه الأثناء لا يمكن تجاهل دور ونفوذ القوى الأجنبية مثل أمريكا وباكستان وإيران في صراع القوى وتوازن النفوذ بين أمراء حرب طالبان ومستقبلها.
صابر گل عنبری