الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا للديمقراطية الأوروبية؟

لقد قطع الذكاء الاصطناعي (AI) شوطًا طويلًا منذ عام 1968، فعندما صورت قصص الخيال العلمي" 2001: A Space Odyssey" شخصية الكمبيوتر الشريرة HAL 9000 وهي تقول: "آسف يا ديف، أخشى أنني لا أستطيع انجاز هذا العمل"، أصبح في عصرنا الحالي يشرح تطبيق  ChatGPTالذكي مفاهيم معقدة ويولد أفكارًا جذابة. الذكاء الاصطناعي يغير مجتمعاتنا واقتصاداتنا.

نوفمبر 15, 2023 - 12:15
الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا للديمقراطية الأوروبية؟
الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا للديمقراطية الأوروبية؟

لقد قطع الذكاء الاصطناعي (AI) شوطًا طويلًا منذ عام 1968، فعندما صورت قصص الخيال العلمي" 2001: A Space Odyssey" شخصية الكمبيوتر الشريرة HAL 9000 وهي تقول: "آسف يا ديف، أخشى أنني لا أستطيع انجاز هذا العمل"، أصبح في عصرنا الحالي يشرح تطبيق  ChatGPTالذكي مفاهيم معقدة ويولد أفكارًا جذابة. الذكاء الاصطناعي يغير مجتمعاتنا واقتصاداتنا. يتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرة التشخيص الطبي الدقيق. وأيضاَ العلاج الجيني واكتشاف اللقاحات و تركيب الأدوية وفحص السرطان هي من جملة الإمكانات التي يستطيع القيام بها. كما أنها تُحدث ثورة في إدارة المنتجات. يقلل من النفايات البلاستيكية. فهو يزيد من سرعة نمو التكنولوجيا ويمكن أن يصبح محركا دافعا لتنمية المجتمعات البشرية[1].

يدرس أعضاء البرلمان الأوروبي إضافة مقترحات إلى قائمة مشروع قانون الذكاء الاصطناعي للتطبيقات المحظورة أو عالية المخاطر. الغرض الرئيسي من قانون الذكاء الاصطناعي هو مطالبة المبرمجين الذين يعملون على تطبيقات عالية المخاطر بتوثيق واختبار واتخاذ تدابير السلامة الأخرى. يحاول البرلمان الأوروبي تقديم استخدامات أكثر من مقترحاته الأصلي الأساسية لإدارة الذكاء الاصطناعي، كأن يشمل الفئات الواسعة كالأنظمة التي "من المحتمل أن تؤثر على العمليات الديمقراطية مثل الانتخابات" أو "الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة" التي يمكن تضمينها في التطبيقات المختلفة مثل ChatGPT، OpenAI[2].

وقد تم اعتماد هذه المساعي القانونية الأوروبية بما يتماشى مع حماية الديمقراطية. ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن هذه الإجراءات يمكن أن تعيق نمو تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في أوروبا، وسيتخلف هذا الاتحاد عن تحدي منافسيه. بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى قلق شركات التكنولوجيا الأمريكية، التي تعتقد أن هذه القواعد تعيق نشاطاتها للعمل في أوروبا ويمكن أن تؤدي إلى إيجاد فجوة في هذا المجال بين أوروبا والولايات المتحدة بما يخص تطور التكنولوجية. إذا حدث هذا، فهذا يعني وجود فجوة تكنولوجية كبيرة في التعاملات عبر الأطلسي ويمكن أن تؤثر بشكل كبير على الميزة النسبية للغرب في التفوق التكنولوجي[3].

وبينما تسعى أوروبا إلى وضع قوانين وقائية، تحاول الولايات المتحدة أيضًا ملء الفراغ القانوني الحالي. وفي ضوء ذلك، لدى واشنطن وبروكسل فرصة للعمل معًا. ومن الممكن أن تتعاون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل تطوير المعايير الفنية وغيرها من تفاصيل التنفيذ الملموسة التي من شأنها أن تدعم كلا النهجين التنظيميين. ويتعين على الاتحاد الأوروبي، الذي يتقدم على أميركا في بعض هذه المناقشات، أن يدعو إلى هذا التعاون ويشجعه. وفي المقابل، يتعين على المشرعين الأميركيين والوكالات الفيدرالية أن يأخذوا في الاعتبار النهج الذي سيتبعه الاتحاد الأوروبي أثناء تنفيذهم لمتطلباتهم. وإلا فإن هذه القضية يمكن أن تؤجج خلافات الطرفين وتلعب دورا سلبيا في مستقبل تعاونهما.

وفي هذا الإطار، يرى المحللون أنه ينبغي علينا بناء واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة ومسؤولة وأخلاقية. وأيضًا، في أوقات مختلفة، مع فاصل زمني قصير بين الاكتشافات والتطورات، حتى نستطيع أن نتحقق ونختبر القوانين المقيدة. ومن خلال هذا النهج يمكن رصد مشكلة عدم إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي إلى حد كبير، كما أنه لم يعيق تقدمها.

تشهد هذه الأيام أمثلة على تقدم الذكاء الاصطناعي في مجالات ذات أهمية بالغة لصحتنا ورفاهيتنا. لا ينبغي لأوجه القصور في الذكاء الاصطناعي أن تمنعنا من متابعة الفرص والتطورات التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي. ويجب أن يركز نهجنا في التعامل مع حوكمة الذكاء الاصطناعي على القدرة التنافسية، واستغلال الهندسة الجديدة للإبداع، ويجب أن يضع المخاطر الاستراتيجية للمنافسة التكنولوجية العالمية في جوهره[4].

ويتعين على الديمقراطيات أن تستخدم الموارد والإرادة الدبلوماسية لبناء ونشر البرامج الرقمية الجماعية، والبرمجيات، والمنصات التي تدعم الحكم، والأعمال التجارية، والحياة اليومية. وعلى وجه التحديد، يتطلب هذا الاستثمار المدعوم من الحكومة في مشاريع النظام البيئي الرقمي العالمي. وهذا يعني المواءمة للحفاظ على المعايير على أساس معايير فنية وليس سياسية. بالإضافة إلى تفوقها في مجال التكنولوجيا، يمكن استخدام هذه الطريقة أيضًا لدعم الأشخاص في البلدان الأخرى.

ويبدو أن أوروبا أدركت جيداً تحدي الذكاء الاصطناعي وأهميته وتحاول اتباع نهج حذر، إذ تحاول الترويج لهذه التكنولوجيا والبقاء في مجال المنافسة مع الآخرين، كما ترى مخاطرها أيضاً ومن خلال وضع قوانين مختلفة، يمكن أن تحد بشكل كبير من الأضرار الناجمة عن هذه التكنولوجيا المتنامية. إن هذه التكنولوجيا بمثابة سيف ذو حدين، ويمكن أن تشكل تهديدًا كبيرًا لأوروبا، وخاصة لبنيتها الديمقراطية، في حين أنها مفيدة جدًا. تدرك أوروبا هذه الظروف جيدًا، وربما كان نهجها الحذر متجذرًا من مخاوف أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤثر على الهوية الأوروبية، بل ويغيرها.

امین مهدوی

 

[1] forbes.com

[2] eur-lex.europa.eu

[3] cepa.org

[4] cepa.org