الحكومات ضد رغبة الشعوب

قبل أيام قليلة وافق الاتحاد الأوروبي على إجراء حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا والتي ومن وجهة نظر الشعب الأوروبي أن العقوبات والحرب ليست الحل النهائي للأزمة الأوكرانية.

مارس 2, 2024 - 13:06
الحكومات ضد رغبة الشعوب
الحكومات ضد رغبة الشعوب

قبل أيام قليلة وافق الاتحاد الأوروبي على إجراء حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا والتي ومن وجهة نظر الشعب الأوروبي أن العقوبات والحرب ليست الحل النهائي للأزمة الأوكرانية.

وسعى الاتحاد الأوروبي في حزمة عقوباته الثالثة عشرة إلى منع عملية الالتفاف على العقوبات، كما أن العديد من الشركات الصينية حاضرة في حزمة العقوبات هذه. ويبدو أن أوروبا تتطلع إلى زيادة الضغط على روسيا من أجل التأثير على اقتصاد هذا البلد. ووفقا للسيدة فاندرلاين.[1] فإن ذريعة أوروبا هي تعطيل آلة الحرب لبوتين، ولكن في الواقع فإن عملية العقوبات هذه تضر بالاقتصاد الوطني وبمعيشة الشعب الروسي.

وفي غضون ذلك، فإن المجر وحدها هي التي تعارض بشكل جدي حزم العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا وسبب ذلك، لأن صناعة الكهرباء لديها تعتمد على روسيا. وتعد شركة "روس أتوم" المقاول الرئيسي لمحطة "باكيش" للطاقة النووية في المجر، والتي تزود البلاد بأكثر من 50% من الكهرباء. في الواقع، تدرك المجر أنها قد تكون ضحية للاتحاد الأوروبي، ولذلك حاولت دائمًا إعطاء الأولوية لمصالحها الوطنية. وكان هذا النهج الذي تتبناه المجر، والذي يتعارض إلى حد كبير مع إجراءات الاتحاد الأوروبي، ويشكل دائمًا نقطة نقاش وتوتر بينها وبين دول أوروبا. لكن المجر في الواقع تمضي في سياستها على أساس احتياجات البلاد ورغبات شعبها أولاً.

وإلى جانب ذلك، تؤكد أوروبا أن الحزمة الجديدة تسعى إلى تغطية نقاط الضعف في حزم العقوبات السابقة، وقد ركز خبراء هذا الاتحاد من جميع أنحاء العالم على هذه الحزمة لجعل هذا الإجراء الأوروبي فعالاً. لكن الحقيقة هي أن روسيا هي المورد الرئيس للطاقة والحبوب في العالم ولا يمكن أن تتحول ببساطة إلى دولة معزولة أو تخضع لتأثير العقوبات الواسعة، لأن العديد من دول العالم تعتمد على الطاقة والحبوب الروسية ولايهمها خضوعها لمخاطر العقوبات الأوروبية. في المقابل يبدو أن روسيا تحقق ما تريد، ولم تكن العقوبات فعالة ضد الحكومة الروسية كثيراً كما يعتقد الغرب.

وجهة نظر شعوب أوروبا

وعلى النقيض من فكرة الحكومات الأوروبية التي تبحث عن مواجهة شاملة مع روسيا، تعتقد شعوب أوروبا أن لديها وجهة نظر أكثر اعتدالا وحكمة. حيث يعتقد معظم شعوب هذه القارة أن أوروبا يجب أن تسعى إلى حل سلمي وتؤكد على الحوار لحل الحرب في أوكرانيا. ووفقاً لاستطلاع حديث أجري في العديد من الدول الأوروبية، فإن الأوروبيين أكثر تشاؤماً بشأن انتصار أوكرانيا في الحرب، ويعتقدون أنه ينبغي إيجاد حل جديد للحرب الروسية الأوكرانية لتجنب التكاليف الإضافية وزيادة الضغط على الناس في أوروبا.

وتظهر النتائج الجديدة أن وجهات نظر الأوروبيين قد تغيرت خلال العام الماضي، حيث كان معظم الأوروبيين في السابق يعتقدون أن أوكرانيا يجب أن تستعيد جميع أراضيها المفقودة.

وقال كاتبوا التقرير إنه بناءً على النتائج، يجب على السياسيين في الاتحاد الأوروبي اتباع نهج أكثر واقعية وتركيز جهودهم على كيفية تحقيق السلام. وقال مارك ليونارد، أحد مؤلفي المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الذي أجرى الاستطلاع: "من أجل مواصلة الدعم الأوروبي لأوكرانيا، يجب على زعماء الاتحاد الأوروبي تغيير الطريقة التي يتحدثون بها عن الحرب. ويسعى أغلب الأوروبيين إلى منع انتصار روسيا، لكنهم لا يعتقدون أن كييف لديها القدرة على تحقيق النصر على روسيا عسكرياً [2].

 ومن خلال المواطنين الأوروبيين الذين شاركوا في هذا الاستطلاع، كانت الضغوط على كييف من أجل قبول الاتفاق بين الدول الثلاث: المجر بنسبة 64%، واليونان بنسبة 59%، وإيطاليا بنسبة 52%، وهي أكثر النسب من الدول الأوروبية الأخرى. في حين كان التأييد لأوكرانيا لاستعادة الأراضي هو الأعلى في ثلاث دول أخرى وهي : السويد بـ50، والبرتغال بـ 48، وبولندا بـ 47 بالمئة.[3] 

لذلك يبدو أنه على حكومة الرجال والقادة الأوروبيين تغيير أدبيات ونوع الدعم لأوكرانيا لتجنب خلق فجوة في مجتمعاتهم والاقتناع بأن استمرار الدعم لأوكرانيا يهدف إلى تحقيق السلام أكثر من توسيع نطاقه في الحرب. وقد يكون هذا النهج الأوروبي قادرا على إقناع الناس على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل، فإنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدم الرضا والغضب لدى الشعب بالنظر إلى الضغوط الاقتصادية الواسعة وخطط التقشف التي يتم تنفيذها في بعض الدول الأوروبية لتمويل الحرب، كما إن الفجوات الاجتماعية وتأثيرات نار الحرب هذه ستؤثر على الحكومات الأوروبية الكبرى.

امین مهدوى

 

[1] euronews.com

[2] ecfr.eu

[3] reuters.com