البرلمان الأوروبي وبداية الخلافات!

انتهى الاجتماع غير الرسمي الأول للزعماء الأوروبيين لتحديد المواقف الرئيسية في الاتحاد الأوروبي دون نتيجة مهمة. وعلى الرغم من أن الزعماء الأوروبيين حاولوا أن يظهروا أن عدم التوصل إلى نتائج يبدو وكأنه عملية طبيعية، فإن الواقع هو أن التكوين الجديد للبرلمان الأوروبي ليس موحداً كما كان في الماضي، وينبغي توقع المزيد من التحديات والإختلافات في المستقبل.

يوليو 1, 2024 - 08:20
البرلمان الأوروبي وبداية الخلافات!
البرلمان الأوروبي وبداية الخلافات!

انتهى الاجتماع غير الرسمي الأول للزعماء الأوروبيين لتحديد المواقف الرئيسية في الاتحاد الأوروبي دون نتيجة مهمة. وعلى الرغم من أن الزعماء الأوروبيين حاولوا أن يظهروا أن عدم التوصل إلى نتائج يبدو وكأنه عملية طبيعية، فإن الواقع هو أن التكوين الجديد للبرلمان الأوروبي ليس موحداً كما كان في الماضي، وينبغي توقع المزيد من التحديات والإختلافات في المستقبل.

اللاعبين الرئيسيين

يبدو أن التركيبة الجديدة للبرلمان الأوروبي ستخضع لتغييرات جديدة. وفيما يتعلق برئيس المجلس التنفيذي الأوروبي، الذي كانت ترأسه السيدة فان دير لاين، وبالنظر إلى فوز يمين الوسط وأعضاء حزبها، فإن هذا المنصب المهم لا يزال من الممكن أن تشغله هذه الزعيمة الألمانية. وبطبيعة الحال، لكي تحصل على هذا المنصب، عليها أن تكون قادرة على التوصل إلى توافق مع الاشتراكيين أو الميل نحو اليمين المتطرف. يجب أن نرى كيف ستكون سياساتها وسياسات حزبها في المستقبل، وأي طيف ستميل إليه أكثر.

إلى جانب السيدة فيندرلاين، لا ينبغي للمرء أن يهمل الدور النشط للسيدة ميلوني. فهي التي فاز حزبها بشكل حاسم في إيطاليا، ويتطلع إلى تشكيل ائتلاف مع اليمين المتطرف الفرنسي التابع للسيدة لوبان، وذلك من أجل الفوز بمقعد مهم لإيطاليا في البرلمان الأوروبي. ويبدو أن هدف ميلوني هو الحصول على مقعد اقتصادي أو دفاعي في البرلمان الأوروبي، يستطيع من خلاله المساهمة في ازدهار إيطاليا الاقتصادي[1].

وبالإضافة إلى هذا الاتجاه، تحاول أحزاب أوروبية أخرى مثل الاشتراكيين أيضًا تعيين أشخاص في البرلمان الأوروبي يتوافقون مع أهدافها ويوفرون مصالحها. ويبدو أن اختلافات أوروبا في هذه الفترة بالنسبة لمواقف البرلمان الأوروبي أكثر مما كانت عليه في الماضي[2].

اختلافات عميقة

سيشهد البرلمان الأوروبي المزيد من الخلافات في الفترة الجديدة القادمة. وتعود هذه الاختلافات إلى أسباب عديدة، مثل الاختلافات في وجهات النظر الأيديولوجية، والمصالح الوطنية، والبنية المؤسسية، والقضايا الأمنية. في الواقع تؤدي القراءات المختلفة لأعضاء البرلمان الأوروبي إلى سوء فهم بعضهم البعض، وهو ما يمكن أن تكون له عواقب واسعة النطاق.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التشكل الأعمق لهذه الاختلافات يعني صنع سياسات متنوعة وربما غير متطابقة ومنسجمة فيما بينها في أوروبا، وهو ما قد ينتج عنه عواقب عديدة لأوروبا بل وحتى على العالم. وسوف يتم التركيز بشكل أكبر على هذه السياسات على المصالح الوطنية للدول الأعضاء، ولا شك أن الدول الأصغر والأضعف سوف تعاني أكثر من غيرها في هذه الأثناء وسوف تبتلعها القوى الأوروبية العظمى لتمرير مصالحها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود اختلافات واسعة في أوروبا يمكن أن يكون له عواقب على أوروبا أيضًا. ومن بين هذه الأمور؛ ففي حال كانت الخلافات عميقة ومستعصية، فقد يؤدي ذلك إلى طريق مسدود في تشريعات الاتحاد الأوروبي. وقد يؤدي هذا إلى تأخير الموافقة على القوانين المهمة أو حتى عدم الموافقة عليها في الحالات التي تتطلب التعاون والتسوية بين الدول الأعضاء. وحتى عندما يتم إقرار القوانين على الرغم من الخلافات، فإنها قد تكون أضعف وأقل فعالية مما يمكن أن تكون عليه. وذلك لضرورة التسوية وإيجاد حل مقبول للجميع، حتى لو لم يكن هذا الحل مثاليا لأحد، وبهذه الطريقة سيتم تمرير قوانين غير فعالة تؤثر على أوروبا.

كما يمكن أن تؤدي النزاعات إلى زيادة عدم الثقة والانقسام بين الدول الأعضاء. وهذا من شأنه أن يضعف وحدة وتماسك الاتحاد الأوروبي ويزيد من صعوبة التعاون في القضايا المهمة.  وفي الحالات القصوى، يمكن أن تؤدي الخلافات العميقة إلى خروج بعض الدول من الاتحاد الأوروبي. وهذا من شأنه أن يوجه ضربة قوية للاتحاد الأوروبي ويشوه صورته على مستوى النظام الدولي، وهي المشكلة التي حدثت ذات مرة عندما غادرت المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي[3].

وإلى جانب ذلك، هناك نقطة أخرى وهي أنه إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من حل خلافاته الداخلية، فإنه قد يفقد نفوذه على الساحة العالمية. وهذا يمكن أن يفيد القوى العالمية الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين. كما أن الافتقار إلى التماسك في الاتحاد الأوروبي يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار في أجزاء أخرى من العالم. وينطبق هذا بشكل خاص على الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي التي تعتمد على التجارة والاستثمارات في الاتحاد الأوروبي. وفي الواقع، إذا لم تتمكن أوروبا من إدارة ما حدث في الجلسات الأولية وغير الرسمية لبرلمانها، فإنها بلا شك ستواجه العديد من التحديات والصعوبات، التي ليس من السهل حلها، وكما ذكر سابقاً فإن الفائز من هذا التوتر وزيادة فجوة الخلافات هي القوى العظمى العالمية.

امین مهدوی


[1] euronews.com

[2] politico.eu

[3] cepa.org