مستقبل فنلندا تعاون أو مواجهة؟

أجريت مؤخراً الانتخابات الرئاسية في فنلندا وعلى مرحلتين متتاليتن حيث تمكن رئيس الوزراء السابق لهذا البلد، السيد ستاب، من أن يصبح رئيساً لفنلندا بنسبة تقارب 52% من الأصوات. وفي الجولة الثانية، كان لديه منافسة شديدة مع السيد هافيستو، ممثل حزب الخضر، وفي النهاية فاز بواحدة من أهم الانتخابات وأكثرها حساسية في هذا البلد خلال القرن الحالي. وهي الانتخابات التي شارك فيها أكثر من 70% من شعب فنلندا.

فبرایر 24, 2024 - 07:17
مستقبل فنلندا تعاون أو مواجهة؟
مستقبل فنلندا تعاون أو مواجهة؟

    أجريت مؤخراً الانتخابات الرئاسية في فنلندا وعلى مرحلتين متتاليتن حيث تمكن رئيس الوزراء السابق لهذا البلد، السيد ستاب، من أن يصبح رئيساً لفنلندا بنسبة تقارب 52% من الأصوات. وفي الجولة الثانية، كان لديه منافسة شديدة مع السيد هافيستو، ممثل حزب الخضر، وفي النهاية فاز بواحدة من أهم الانتخابات وأكثرها حساسية في هذا البلد خلال القرن الحالي. وهي الانتخابات التي شارك فيها أكثر من 70% من شعب فنلندا. [1]إن دور ومهمة الرئيس في هذا البلد ليس فخرياً فحسب، بل تطوير السياسة الخارجية واستراتيجيات الأمن القومي يكون تحت إشراف الرئيس، ويجب على رئيس الوزراء والبرلمان التعاون معه، كما أن الرئيس هو القائد الأعلى وهذه الصلاحيات تشير بوضوح إلى أهمية منصب الرئاسة في فنلندا.

ماذا يريد ستاب؟

 انتخابات هذه الفترة في فنلندا كان لها اختلاف مهم عن الانتخابات السابقة، وهو أن هذا البلد لم يعد محايداً من الناحية العسكرية، وهو عضو في حلف شمال الأطلسي. وتسبب ذلك في منافسة ساخنة بين المرشحين للرئاسة حيث تمكن السيد ستاب من إقناع الناس والشعب بأنه يمكن أن يكون قائداً جيداً للسنوات الست القادمة لبلاده.

وقال السيد ستوب، الذي كان دائمًا يصف روسيا بأنها قوة معادية خلال المناقشات وينتقد الحكومة الروسية كثيرًا، بعد الفوز إنه رئيس محب للسلام ويسعى إلى الصداقة وتخفيف التوتر مع جيران فنلندا. [2] ويبدو أن لديه نهجاً مختلفاً عن رئيس فنلندا السابق ويحاول استعادة فخر وعزة الفنلنديين. وفيما يتعلق بخططه خلال المناظرات الانتخابية، أكد على أن موضوع الأسلحة النووية وعبورها من بلاده أمر جيد وأيد ذلك، وقال أن السلاح النووي في بعض الأحيان يكون ضماناً للسلام. كما تحدث عن الدعم الشامل لأوكرانيا وأكد أن فنلندا ستقف إلى جانب أوكرانيا وأن دعم بلاده للحكومة الأوكرانية لن ينقطع خلال الحرب [3].

ويؤكد السيد ستاب في خططه على مواصلة التعاون مع حلف شمال الأطلسي وزيادة مستوى العلاقات مع هذا الحلف. بالإضافة إلى ذلك، لديه نهج صارم تجاه روسيا. ومع ذلك هو كرئيس للدولة، عليه أن يأخذ في الاعتبار أن كلماته ومواقفه يمكن أن يكون لها تأثيرات غير مناسبة على التعامل مع فنلندا، لذا يجب عليه أن يأخذ في الاعتبار جميع الجوانب. كما أعلنت روسيا قبل الانتخابات الفنلندية أنها تحترم خيار الشعب الفنلندي وتأمل أن يكون رئيس هذا البلد شخصاً متوازناً وقادراً على اتخاذ خطوات نحو إعادة العلاقات بين الجارتين.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه فنلندا تحديًا خطيرًا مع روسيا ويجب عليها اتباع عملية تقليل الخلافات إلى الحد الأدنى حتى تتمكن هذه الدولة من تجنب صراع عسكري واسع النطاق. هذه هي القضية الأمنية والسياسية الأساسية والأهم بالنسبة لهذا البلد.

لقد تمكن السيد ستاب من الحصول على المزيد من الأصوات من خلال اتباع نهج مناهض لروسيا. والآن يتعين علينا أن نرى ما الذي يعنيه بالسلمية والحوار وما إذا كان يسعى إلى زيادة التفاعل مع جارته روسيا، أم أنه مجرد خطاب سياسي للحد من آثار مناقشاته أثناء الانتخابات.

ومن القضايا المهمة التي تزيد الخلاف بين فنلندا وروسيا هي قضية المهاجرين وإغلاق الحدود من جانب فنلندا. وهو يسعى إلى زيادة الرقابة على الحدود مع روسيا من أجل تقليل ضغط وجود المهاجرين غير الشرعيين في بلاده، وبالإضافة إلى ذلك فإنه يسعى إلى منع التوترات المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان للمهاجرين، وهي قضية حدثت في دول أوروبية أخرى وكان لها آثار سلبية على السياسة الخارجية. ومع مرور فصل الشتاء ونهايته واحتمال إعادة فتح الحدود مع روسيا سيكون ذلك تحديًا خطيرًا للغاية واختبارًا كبيرًا للرئيس الفنلندي وإلى أي مدى يمكن لشعب فنلندا الاعتماد عليه.

لذلك، يبدو أن فنلندا تواجه فترة صعبة، وينبغي أن نرى كيف يمكن لسياسات رجال الدولة في البلاد ذوي العقلية الحزبية المتطابقة مع الرئيس، أن تمر هذه البلد بأمان عبر بحر الأحداث القادمة والمضطربة وما إذا كان بإمكان فنلندا أن تصبح دولة رئيسية في مفاوضات السلام مع روسيا والتحرك نحو التفاعل البناء بدلاً من المواجهة مع روسيا. أو أن فنلندا تريد مواصلة العمل بما يتماشى مع أجندة الناتو، وأن سياسة السلم للرئيس مؤخراً هي مجرد لعبة إعلامية، حيث أن هذه الدولة تواصل نهجها العنيد تجاه روسيا، وهو الأمر الذي سيكون له بلا شك آثار عميقة على اقتصاد فنلندا وسياستها وعلى أوروبا وروسيا أيضاً .

أمين مهدوي

 

 [1] Reuters.com

[2] Theguardian.com

[3] Yle.fi