أوروبا ضد المهاجرين!

لطالما قدم الاتحاد الأوروبي نفسه كواحد من المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان. خلال سنوات الحرب السورية كان هذا الاتحاد يستقبل ملايين المهاجرين وكانت السيدة ميركل في طليعة من دعم هذا الأمر. لكن يبدو أنه في السنوات الأخيرة وبشكل خاص بعد فترة جائحة كوفيد-19 تغير الوضع. يبدو أن الاتحاد الأوروبي يركز أكثر من أي وقت مضى على السياسات المناهضة للهجرة بطريق غير علني وبشكل غير رسمي وذلك حفاظًا على صورته الحقوقية والإنسانية.

Aug 6, 2024 - 12:11
Aug 6, 2024 - 12:13
أوروبا ضد المهاجرين!
أوروبا ضد المهاجرين!

لطالما قدم الاتحاد الأوروبي نفسه كواحد من المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان. خلال سنوات الحرب السورية كان هذا الاتحاد يستقبل ملايين المهاجرين وكانت السيدة ميركل في طليعة من دعم هذا الأمر. لكن يبدو أنه في السنوات الأخيرة وبشكل خاص بعد فترة جائحة كوفيد-19 تغير الوضع. يبدو أن الاتحاد الأوروبي يركز أكثر من أي وقت مضى على السياسات المناهضة للهجرة بطريق غير علني وبشكل غير رسمي وذلك حفاظًا على صورته الحقوقية والإنسانية.

سوء المعاملة من قبل أنظمة دول الاتحاد 

وفقًا لما أعلنته وكالة حقوق الأساس التابعة للاتحاد الأوروبي (FRA) على الرغم من أن مجموعات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية قد أفادت مرارًا وتكرارًا عن "انتهاك خطير ومتكرر وواسع النطاق لحقوق المهاجرين واللاجئين عند الحدود"، ورغم أن هذه التقارير تُعَد "موثوقة" إلا أن العديد منها لم يُنظر فيه. و يبدو أن حقوق المهاجرين واللاجئين في الدول الأوروبية لم تحظَ بأهمية تذكر منذ عدة سنوات. وقد أثار هذا النهج استياء الجهات الحقوقية في أوروبا، التي ترى أن هناك إهمالاً واسع النطاق من قبل الحكومات والسلطات القضائية في الدول الأوروبية تجاه حقوق المهاجرين. يعتبرون هذه الإجراءات الحكومية مخالفة للمبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي، ويؤمنون بضرورة احترام الحقوق الإنسانية الأساسية لجميع الأفراد في جميع الحالات. وهو أمر لم يتحقق لكثير من المهاجرين القادمين إلى أوروبا وفقًا لتقارير وكالة حقوق الأساس الأوروبية.

يجب أيضًا الإشارة إلى عدم معرفة اللاجئين بالقوانين في الدول المضيفة، بالإضافة إلى خوف الكثيرين منهم من تقديم الشكاوى. كما أن بعض حالات سوء المعاملة من قبل المسؤولين الحكوميين غالبًا ما تكون غير قابلة للإثبات، مما يعني أن مستويات العنف ضد المهاجرين واللاجئين قد تكون أكبر بكثير من الأرقام المعلنة. ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن عملية معالجة الشكاوى المقدمة من المهاجرين واللاجئين تبدو أبطأ بكثير من الإجراءات القانونية الأخرى في الدول الأوروبية، مما يدل على وجود بعض العراقيل من قبل السلطات القضائية في هذه الحالات.

على الرغم من أن الدول الأوروبية، خاصةً مثل المجر وكرواتيا واليونان، تواجه عددًا كبيرًا من المتقدمين لطلبات اللجوء، وتظهر سلوكًا غير مناسب وفي كثير من الحالات غير إنساني تجاه المهاجرين فإن الهيئات الحقوقية الأوروبية قدمت مقترحات للبرلمان الأوروبي ولجان التنفيذ في الاتحاد الأوروبي للحد من هذه المعاملة السيئة. ومع ذلك من غير المحتمل أن تُحدث هذه الإجراءات الجديدة تغييرًا ملحوظًا في الجوهر.

ماذا يريد قادة أوروبا؟

إن تزايد التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا، التي لها أسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة قد أدّت إلى عودة أوروبا إلى السياسات القديمة لحكوماتها. أي أن الأولوية هي لشعوبهم بأي ثمن مع استغلال لقوة المهاجرين تلبيةً لاحتياجات أوروبا مما يساعد على تنامي الاتجاهات العنصرية في القارة.[1]

وبالفعل فإن أقصى درجات التعامل مع المهاجرين تحدث في الدول التي شهدت صعود التيارات المتطرفة ووصولها إلى السلطة. إن هذه السياسات المتطرفة تشير بوضوح إلى أنه إذا كانت لديها المزيد من القوة فإنها ستقوم بدون تردد وأي اعتبار للإطُر الأخلاقية وحقوق الإنسان باتخاذ إجراءات عنيفة ضد المهاجرين.

يسعى القادة الأوروبيون إلى السيطرة على أزمة المهاجرين عن طريق إجراءات قانونية وفي الوقت نفسه اجتماعية. وقد اتخذوا خطوات قانونية في هذا الاتجاه رغم الانتقادات والاحتجاجات المتعددة خلال الأشهر الماضية، وصادق البرلمان الأوروبي على ميثاق الهجرة واللجوء الجديد.[2] ويعتقد بعضهم أن هذا القانون يلبي بشكل أكبر مطالب اليمين المتطرف بدلاً من حقوق المهاجرين البشرية. ومع ذلك لا يزال لهذا القانون معارضون في دول مثل هولندا التي تسعى إلى تعديلات واسعة النطاق وطرد المهاجرين.[3]

لذا يبدو أنه على الرغم من أن العديد من القادة الأوروبيين والمشرعين في الاتحاد الأوروبي يسعون إلى حل هذه الأزمة ويعتبرونها عامل تفريق فإن وجودهم في طريق مليء بالتناقضات قد حال دون التوصل إلى فهم مشترك لحل هذه القضية، وربما سيؤدي هذا الأمر إلى زيادة التوترات وتوسيع الخلافات في الاتحاد الأوروبي وبالنهاية قد تصبح حالة الاستقرار والوحدة في أوروبا أقل موثوقية مما كانت عليه سابقًا.

امین مهدوی


[1] euronews.com

[2] reuters.com

[3] apnews.com