تفوق المجر وخطة عمل للإتحاد الأوروبي

تفوق المجر وخطة عمل للإتحاد الأوروبي

Aug 15, 2023 - 09:22
تفوق المجر وخطة عمل للإتحاد الأوروبي
تفوق المجر وخطة عمل للإتحاد الأوروبي

تعمل المجر على توسيع المسار الذي بدأت به بعد فوز أوربان في الإنتخابات المبهرة الماضية، حيث أصبح شعب البلاد مؤيداً لسياساته أكثر من أي وقت مضى. ولعل السبب الرئيسي لذلك هو النمو الاقتصادي المتزايد وانخفاض التضخم والمسار المتنامي للبلاد ، في وقتٍ يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات اقتصادية وسياسية مختلفة.

يواجه الآن السيد رئيس الوزراء المجري الاتحاد الأوروبي بنهج أكثر جرأة وذلك من خلال تفوقه في هذه الإجراءات والدعم الذي حققه للبلاد، بالطبع هو يصرُّ على أنه يجب أن تسوّى الخلافات، وأن تفهمه للعلاقات الدولية مفهوم يشيرُ إلى أن المجر لا تبحث عن التوتر مع أي طرف. في خطاباته الأخيرة ذكر فيكتور أورابان خمس استراتيجيات مهمة ورئيسية لتنمية بلاده: العقلانية في الشؤون الدولية المهمة، وربط الاقتصاد العالمي ، ومحاولة حل الخلافات مع الاتحاد الأوروبي، والحفاظ على الاستقلال الفكري في المجالات الهامة والرئيسية للمجتمع وإيلاء اهتمام خاص بالتوافق والوحدة الوطنية[1].

وتتضح هذه الاستراتيجيات بشكل جيد من خلال خطته الواقعية لعمل حكومته من أجل مستقبل البلاد، حيث يتحسن الوضع الاقتصادي فيها، وشدد على أن الحرب الأوكرانية وتكاليفها أبعدت المجر جزئيا عن مسار أهداف خطة 2030، وأنه يجب النظر في إيجاد حلٍ لهذه المسألة. وتحاول الحكومة العودة إلى المسار من خلال إنعاش الاقتصاد وخفض التضخم ، وأكد أنه مع بداية رئاسة المجر للاتحاد الأوروبي، ستعود إلى مسار النمو مجدداً، وهو المسار الذي أدى إلى نمو اقتصاد البلاد ثلاثة أضعاف في العقد الماضي، وتسعى للحفاظ على هذا الاتجاه لعام 2030 ، إلى جانب رفع العمالة من 77 في المائة إلى أكثر من 84 في المائة ، وهي خطة جريئة يأمل السيد اوربان القيام بها [2].

القضية المهمة التالية هي وجهة نظر المجر للأحداث الجارية في عالم اليوم ، فهم يعتقدون أن بنية وهيكلية النظام الدولي تتغير وأن معركة كبيرة تدور بين الصين والولايات المتحدة ، ويرى أن سبب ذلك هو سوء فهم وتحليل صانعي السياسات والقرارات الغربيين، ويعتقد أنه لو تم شرح قضية الصين بشكل صحيح، لما واجهت أوروبا والولايات المتحدة هذا التحدي اليوم. لذلك يخلص إلى أنه يجب أن نتعلم من هذه الأخطاء وأن بلاده يجب أن تستفيد إلى أقصى حد من هذه الظروف لصالحها.

 كما يتهم الاتحاد الأوروبي بالإهمال وتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة لا تسمح لأوروبا بالاقتراب منها في مجال إدارة النظام الدولي ، معتقدين أن الاتحاد الأوروبي متعب اليوم وليس لديه الشجاعة لخوض معارك كبيرة. وذكر أن معايير بلاده لقبول القانون الأوروبي هي دستور البلاد نفسه، وأن أي قضية، حتى لو كانت مهمة جداً للاتحاد، إذا كانت مخالفة للدستور، فلن يقبلها. مثل دعم زواج المثليين، الذي رفضه بشكل قاطع ويعتقد أنه يهدف إلى تدمير مؤسسة الأسرة ويؤدي إلى انخفاض عدد السكان، في الواقع تقوم السياسة الديموغرافية للاتحاد الأوروبي على جذب المهاجرين، لكن الحكومة المجرية تسعى إلى زيادة عدد السكان من خلال تشجيع الولادة، ونسبة النمو السكاني الحالي هي أكثر من واحد في المئة، وخطة الحكومة هي زيادتها بنسبة 2 في المئة حتى لا تواجه البلاد مشكلة نقص العمالة [3]. قضية أخرى مهمة هي الاهتمام بالدين والمعتقدات المسيحية، والتي يختلف فيها مع وجهة نظر الاتحاد، فهو يقبل أيضاً وجود المعتقدات المختلفة الأخرى ويعترف بها والتي يجب أن تحترام التقاليد والقيم المسيحية في المجتمع المتنوع.

هذا الموقف الصريح والحاسم هو علامة على التخطيط المجري الجاد للتقدم والتنمية، ويبدو أنهم يتطلعون إلى استغلاله بشكل صحيح لمصالحهم الوطنية، مع النظر في الإستفادة من الأدوات والقدرات في الاتحاد الأوروبي ، ويدركون أن أوروبا اليوم أضعف من أوروبا قبل عقد من الزمان، فهم يتطلعون إلى التفوق وفرض قوانينهم وأطرهم عليها، يمكن أيضا تحليل أسفار رئيس الوزراء إلى الخارج ومواقفه حيال تطوير الإتحاد، بنفس الطريقة التي يسعى بها إلى تحقيق التوازن والإستقرار للاتحاد الأوروبي المفقود مع خروج بريطانيا منه وذلك من خلال إيجاد دول تمشي معه على نفس المسار، و دعم عضوية رومانيا والانضمام إلى منطقة شنغن، والسعي لتوسيع العلاقات مع الدول التي لا تتماشى مع نهج الاتحاد الأوروبي الحالي. المجر مع إدراكها لواقع الوضع في أوروبا يبدو أنها ستكون قادرة على تحقيق النجاح في مختلف المجالات، ولكن هل ذلك سيتم تحت مظلة الاتحاد الأوروبي أو مستقلة عنه؟ هذا السؤال الذي سنجيب عليه في المستقبل.

 امین مهدوی

 

[1] www. abouthungary.hu

[2] www.dw.com

[3] www.reuters.com