استهداف قواعد الاحتلال في سوريا والعراق.. الأمريكي في قبضة المقاومة.. وحدة الهدف والمصير

لم تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية يوماً، وبحكوماتها المتعاقبة، عن محاولات التدخل في حياة الأمم والتحكم في مصيرها، للوقوف في وجه أي نهوض يمكن أن تحرزه تلك الأمم، ولا سيما في مناطق على درجة من الأهمية الجيوسياسية، كمنطقة غرب أسيا.

نوفمبر 9, 2023 - 14:51
استهداف قواعد الاحتلال في سوريا والعراق.. الأمريكي في قبضة المقاومة.. وحدة الهدف والمصير
استهداف قواعد الاحتلال في سوريا والعراق.. الأمريكي في قبضة المقاومة.. وحدة الهدف والمصير

لم تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية يوماً، وبحكوماتها المتعاقبة، عن محاولات التدخل في حياة الأمم والتحكم في مصيرها، للوقوف في وجه أي نهوض يمكن أن تحرزه تلك الأمم، ولا سيما في مناطق على درجة من الأهمية الجيوسياسية، كمنطقة غرب أسيا.

فقد قامت أمريكا بالسطو على الدول ذات المصادر والثروات الباطنية، وافتعلت الحروب في الدول ذات التأثير السياسي والاقتصادي الفارق في المنطقة العربية، وذلك انطلاقاً من معيارين رئيسين تقوم عليهما سياسات الولايات المتحدة، وهما: مصالحها، وضمان بقاء الكيان الصهيوني ومصالحه في فلسطين، لذا انتهجت أميركا سياسة إضعاف الجوار وتمزيقه بالحروب والأزمات الداخلية، والحصار الاقتصادي والسياسي، وغير ذلك من أساليب وطرق لحماية الكيان الإسرائيلي، واستمرار وجوده.

ولعل الدول الأكثر أولوية بالنسبة للأمريكي في المنطقة كانت دول منابع النفط عموماً، إضافة إلى سورية والعراق ولبنان، وفلسطين. ولأن طبيعة المنطقة وبنيتها الديمغرافية تتنافى مع حالة الوجود الاستعماري أيّاً كان شكله، تشكلت حالة نضال ضد الوجود الأجنبي، ولا سيما الأمريكي على أراضي تلك الدول، لإخراج القوات الأمريكية من المنطقة، وإيقافها عن التدخل في مصير شعوبها.

الخسائر الأمريكية

إنّ استهداف الوجود الأمريكي في سورية والعراق نشأ منذ أن دخل الأمريكي هذين البلدين، لكنه أصبح أكثر تواتراً في الآونة الأخيرة، فمنذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» في غزّة، صعّدت "فصائل المقاومة الإسلامية" في العراق من هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على المنشآت الأمريكية في العراق وسورية على حد سواء، على خلفية الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني في عدوانه على غزة.

وتواصل فصائل المقاومة الإسلامية في العراق استهداف القواعد الأمريكية في سورية والعراق، ومنها: عين الأسد، والتنف، والحرير، وكونيكو، وحقل العمر النفطي، وخراب الجير، فقد تحدثت تقارير أصدرتها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن تعرض القواعد الأمريكية في سورية والعراق لـ29 هجوماً منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ووفق التقارير الصادرة عن البنتاغون، فإن القسم الأكبر من الهجمات كان من حصة القواعد الأمريكية في العراق بواقع 15 هجوماً، مقابل 9 استهدفت قوات أمريكية على الأراضي السورية، وجميعها نُفذت عن طريق الصواريخ والطائرات المُسيّرة.

كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنّ 45 جندياً من قواتها تعرّضوا لإصابات خلال هجمات سابقة في كل من العراق وسورية، بينما قال مسؤولون عسكريون أمريكيون إن عدد الجنود الأمريكيين الذين أصيبوا في الهجمات الأخيرة في العراق وسورية أكثر مما كشف عنه البنتاغون سابقا.

وذكرت شبكة "nbc news" الأمريكية أن سبب ارتفاع عدد المصابين عائد إلى ورود المزيد من التقارير عن إصابات الدماغ الرضحية (الرُضوض الدماغية) من تلك الهجمات لدى الجنود، فمن المرجح أن يتغير عدد حالات الإصابة المحتملة خلال الأسابيع والأشهر القادمة مع ظهور المزيد من الأفراد الذين يعانون من أعراض الرُضوض الدماغية.

ونفذت القوات الأمريكية في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في قاعدة حقل العمر بمحافظة دير الزور السورية، تدريبات عسكرية استخدمت فيها الذخيرة الحية والطائرات الحربية، وحاكت هجمات على أهداف وهمية، وصاح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالفم الملآن أن "الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحها وأفرادها".

لكن ما إن لمس جدية وضراوة المقاومة حتى انخفضت لهجته نحو الوسائل الدبلوماسية، فقد اتجه بلينكن إلى حث رئيس الوزراء العراقي على محاسبة المسؤولين عن الهجمات المستمرة على الأمريكيين في العراق والوفاء بالتزامات العراق بحماية جميع المنشآت التي تستضيف موظفين أمريكيين بدعوة من الحكومة العراقية.

ومع استمرار استهداف فصائل المقاومة للأمريكيين أكدت إدارة جو بايدن أنها لا تسعى لتوسيع رقعة التصعيد في فلسطين، ولا رغبة لديها بأن تشمل الحرب لبنان.

فصائل المقاومة

بات من المعتاد أن تتصدر "المقاومة الإسلامية في العراق" مشهد التصعيد مع القوات الأمريكية في كل من العراق وسورية، فقد تبنت في الآونة الأخيرة ما لا يقل عن 37 هجوماً ضد قواعد عراقية تستضيف جنوداً أمريكيين، أو قواعد أمريكية في دير الزور والحسكة السوريّتين.

فالمقاومة الإسلامية في العراق هي في الحقيقة واجهة لفصائل كبيرة أبرزها حزب الله العراقي، وحركة النجباء، وكتائب سيّد الشهداء(ع)، وكتائب "الإمام علي"(ع) هي الأكثر نشاطاً في استهداف القواعد والمصالح الأمريكية في المنطقة.

حيث نفذت الفصائل الأربعة المذكورة، مئات الهجمات ضد قوات أمريكية، خلال فترة حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، ما بين 2020 و2022، لكن وتيرة الهجمات تراجعت اعتباراً من يونيو/حزيران 2022 مع الإعلان عن تسمية محمد شياع السوداني رئيساً جديداً للحكومة العراقية، لكنْ عاد المنسوب إلى الارتفاع مع بدء الحرب على غزة.

إن التحول الذي طرأ على هيكلة الفصائل في العراق وسورية، يعبّر عن توجه جديد لإعادة إدماج عمل هذه الفصائل في الساحتين العراقية والسورية، وذلك من أجل خلق حالة من التنسيق لعملياتها ضد القوات الأمريكية في الفترة المقبلة، وخاصة أن هذا التطور تزامن مع تحميل سماحة السيد حسن نصر الله الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.

أظهرت الفصائل العراقية، خلال الأسابيع الماضية، قدرات عالية في دعم المقاومة الفلسطينية، ونفذت هجمات على قواعد أمريكية في العراق وسوريا، بل وهجمات مباشرة على الأراضي المحتلة. رغم ذلك، إن المهمة الأساسية لهذه الفصائل هي منع اتساع رقعة المعركة، وبعبارة أخرى، مواجهة الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني.

وفي الختام يمكن القول إن اتصال الساحات ضمن وحدة الرؤيا والمصير في الدفاع عن الأرض والتحرر من عدوٍ مشترك، جعل النيران تمتد على طول المحور المقاوم، وحيثما وُجد المحتل، ستبقى تلك الساحات مشتعلة ما دام الاحتلال موجوداً.

 مجد عيسى

 

المصادر:

1- https://cutt.us/u1BsV

2- https://cutt.us/z0LNz

3- https://cutt.us/spiyr

4- https://cutt.us/kkcLr

5-https://cutt.us/htEqv

6- https://cutt.us/8ApCk