اجتماع الأمم المتحدة وطالبان في قطر

انعقد الاجتماع الأممي الثالث حول أفغانستان الذي استضافته قطر خلال يومي 10 و11 يوليو في الدوحة، بحضور ممثلين عن أكثر من 20 دولة من بينهم الممثلون الخاصون للصين وروسيا وإيران وباكستان والهند. وقبل عقد الاجتماع الثالث، كانت قد استضافت الدوحة اجتماعات الأمم المتحدة حول أفغانستان على مرحلتين أخريين؛ مع الفارق أنه في الاجتماعين السابقين لم يكن هناك ممثل عن طالبان.

يوليو 20, 2024 - 14:59
اجتماع الأمم المتحدة وطالبان في قطر
اجتماع الأمم المتحدة وطالبان في قطر

انعقد الاجتماع الأممي الثالث حول أفغانستان الذي استضافته قطر خلال يومي 10 و11 يوليو في الدوحة، بحضور ممثلين عن أكثر من 20 دولة من بينهم الممثلون الخاصون للصين وروسيا وإيران وباكستان والهند. وقبل عقد الاجتماع الثالث، كانت قد استضافت الدوحة اجتماعات الأمم المتحدة حول أفغانستان على مرحلتين أخريين؛ مع الفارق أنه في الاجتماعين السابقين لم يكن هناك ممثل عن طالبان.

وأظهرت مسودة جدول أعمال اجتماع الدوحة أن حقوق الإنسان والاجتماع مع الممثلين المحتملين للمرأة والمجتمع المدني ليست على جدول أعمال هذا اللقاء، واقتصر جدول الأعمال فقط على موضوعات الأزمة الاقتصادية والمخدرات وتمكين القطاع الخاص مع التركيز على المرأة رائدة الأعمال وكانت هذه هي المحاور الثلاثة لهذا الاجتماع.

وجاء في مسودة جدول أعمال اجتماع الدوحة أن الهدف الرئيسي للأمم المتحدة وممثلي دول المنطقة والعالم هو خلق آلية للحوار والتفاعل مع طالبان. وسيتم في هذا اللقاء مناقشة الاهتمامات المشتركة لدول المنطقة والعالم مع حركة طالبان.

واعتبرت طالبان قضية المرأة وما تسميه الدول الأخرى بقضايا حقوق الإنسان قضية داخلية وأقنعت الدولة المضيفة بحذف هذه القضية من جدول أعمال الاجتماع. كما أعلن ذبيح الله مجاهد قبل توجهه إلى الدوحة عن اتفاق ضمني آخر مع الأمم المتحدة في مؤتمر صحفي، وهو عدم حضور أي من معارضي طالبان اجتماع الدوحة لأن هذا الاجتماع ليس حوارا أفغانيا داخليا، بل هو حوار طالبان مع الأمم المتحدة ودول أخرى.

من ناحية أخرى، وعلى الرغم من التهديد و الوعيد من قبل مسؤولي البيت الأبيض قبل أيام سبقت الاجتماع، إلا أن توماس ويست، المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان، ورينا أميري، المبعوثة الأمريكية الخاصة لشؤون المرأة وحقوق الإنسان في أفغانستان، شاركا أيضا في مؤتمر اجتماع الدوحة الثالث. [1]

وفرضت عودة طالبان إلى أفغانستان منذ عام 2021 وحتى الآن أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة على هذا البلد. لقد كان تاريخ طالبان وأدائها حافل بحيث لم تعترف بهم أي دولة كحكام شرعيين لأفغانستان.

ورغم أنه كانت هناك دائما محاولات للتواصل مع طالبان، والآن هذه المجموعة لديها تعاملات مع العالم باعتبارها الحكومة الحالية، فإن ذلك لأن استقرار المنطقة والسلام العالمي يبدو مستحيلا في الظروف الحرجة التي تمر بها أفغانستان، وإقامة هذا التواصل أمر لا مفر منه.

ويعد اجتماع الدوحة من بين المبادرات التي تم تشكيلها لإيجاد حل سلمي لإدارة أفغانستان. وفي الجولتين السابقتين لهذا الاجتماع لم تشارك طالبان، وبالتالي لم يكن من الممكن أن يكون هناك تأثير على أفغانستان في ظل حكم طالبان، وهذا الأمر جعل عقد أي اجتماع دون حضور طالبان يعتبر غير فعال.

إلا أن طالبان وضعت شروطاً مسبقة للمشاركة في اجتماع الدوحة الثالث، ولن تكون مستعدة للمشاركة في هذا الاجتماع إلا إذا تم قبول شروطها. وتشمل هذه الشروط تسليم مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة إلى طالبان، وانسحاب الأمم المتحدة من تعيين ممثل خاص لأفغانستان، والتشاور مع طالبان حول جدول أعمال وتشكيل اجتماع الدوحة، عدم حضور ممثلي حركة المجتمع المدني والسياسي الأفغاني، وعدم حضور ممثلين للمفاوضات حول تعليم الفتيات وعمل المرأة، وكذلك عدم النقاش حول تشكيلات الحكومة.

ولم يكن من المتوقع أن تقبل هذه الشروط من قبل سلطة دولية حارسة لحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية على المستوى الكلي. لكن الأمم المتحدة، بصفتها الدولة المضيفة لاجتماع الدوحة، امتثلت عمليا لمعظم شروط طالبان، التي لم تشكك في أهداف اجتماع الدوحة فحسب، بل أيضا في أهداف الأمم المتحدة على المستوى العالمي.

ويبدو أن طالبان، باعتبارها حكومة تصريف أعمال ضعيفة وغير باقية، لا تملك القوة الكافية لتغيير موضوع اجتماع الدوحة الثالث لصالحها، فإذاً ينبغي البحث عن مصدر هذا التغيير عند المؤيدين والداعمين الأقوياء لطالبان والذين يضغطون على الأمم المتحدة للقبول بشروط طالبان وهذا قد يكون مقدمة للتطبيع والاعتراف بهذه الجماعة تحت أي شروط.[2]

أكثر ما يجب الإشارة إليه في اللقاء الأخير هو الظروف التي سهلت عملية التعامل مع طالبان. إن المجتمع الدولي، بعد فشل عدد لا يحصى من المخططات التي فرضت من الخارج على الظروف المحددة لأفغانستان، أدرك الآن أن طالبان حقيقة لا بد من قبولها. وإن عزلة طالبان لن تعود بالنفع على الشعب الأفغاني فحسب، بل ستؤدي أيضا إلى تفاقم الأزمة. إن التخلي عن طالبان والاعتراف بها خلال هذه السنوات لم يؤد إلى تحسين تعليم الفتيات، ولكن تشديد العقوبات جعل الحياة صعبة على الناس يوما بعد يوم.

ومن أجل إنقاذ الاقتصاد الأفغاني المضطرب من جهة ومكافحة مشكلة المخدرات من جهة أخرى، تعتبر حركة طالبان نفسها أنه لا مفر من التعامل مع العالم.  وفي هذا الصدد، تعتبر العلاقات الثنائية والمشاركة في مثل هذه اللقاءات بمثابة مدخل لتجاوز الوضع الراهن، ونتيجة لذلك أدت مجموعة هذه القضايا إلى بعض الثمار عبر اللقاءات بحضور ممثلي الطرفين.

وطالبت طالبان في هذا الاجتماع برفع العقوبات المفروضة على الحكومة الأفغانية وإلغاء القيود المفروضة على القطاع الخاص وإعادة الأصول المجمدة للبنك المركزي الأفغاني، واتفق ممثلو الدول الأخرى أخيراً على تشكيل لجان متابعة هذه القضايا.

منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة، سعى ممثلو الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة إلى إعادة التأثير على السياسة الداخلية لأفغانستان من خلال فرض أنماط أقل توافقًا مع جغرافية أفغانستان وثقافتها. ورغم ضرورة مراعاة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والوضع الاجتماعي للناس، إلا أن لها تعقيدات كثيرة.

أولاً، يتميز نموذج الرعاية الاجتماعية والحريات المدنية بخصائص مختلفة في سياق كل دولة، ولن يكون من الممكن تعميم النموذج المستخدم في المجتمعات الغربية على الدول الآسيوية. ثانياً، المهم هو الانتباه إلى حقيقة مفادها أن تنفيذ الإصلاحات الاجتماعية لا ينبغي أن يتحول إلى رافعة سياسية لدول أخرى، وهو النهج الذي أدى فشله إلى جلوس ممثلي الدول الأوروبية على طاولة المفاوضات مع طالبان اليوم. [3]

وبشكل عام يمكن القول إن اجتماع الدوحة الثالث كان خطوة في عملية توسيع تعاملات طالبان مع الأمم المتحدة والدول المرتبطة بأفغانستان. وتحاول حركة طالبان الحد من مشاكلها وتحسين أوضاعها الداخلية من خلال الاستعانة بالأمم المتحدة والدول الأخرى، كما تحاول الأمم المتحدة والدول المرتبطة بأفغانستان تغيير سلوك حركة طالبان من خلال منحها بعض التنازلات.

محمدصالح قربانی


[1] https://www.irna.ir/news/85525151/%D9%86%D8%B4%D8%B3%D8%AA-%D8%AF%D9%88%D8%AD%D9%87-%D8%A8%D8%A7-%D9%85%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%A2%DB%8C%D8%A7-%D8%AE%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87-%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%B1%D8%A2%D9%88%D8%B1%D8%AF%D9%87-%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D8%B4%D8%AF

[2] http://www.irdiplomacy.ir/fa/news/2026907/%D9%86%D8%B4%D8%B3%D8%AA-%D8%B3%D9%88%D9%85-%D8%AF%D9%88%D8%AD%D9%87-%D9%82%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D9%86%DA%AF%D8%A7%D9%87-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A8%D8%B4%D8%B1-%D8%AF%D8%B1-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86

[3] https://www.mehrnews.com/news/6154578/%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D9%88-%D9%86%D8%B4%D8%B3%D8%AA-%D8%B3%D9%88%D9%85-%D8%AF%D9%88%D8%AD%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D8%B2%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%87%D8%A7-%D9%88-%DA%86%D8%B4%D9%85-%D8%A7%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%B2